المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من الطاقات المعطلة في المجتمع كثير من طلاب العلم - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٤٧

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌الطاقة المعطلة

- ‌أهمية دراسة المسائل الدعوية العامة دراسة جماعية متأنية

- ‌الأسباب الداعية إلى تكاتف طاقات الأمة

- ‌أن الواجب الشرعي في الدعوة والتغيير الأمة كلها مخاطبة به

- ‌ضخامة الفساد والانحراف في الأمة يفرض ضرورة تكاتف جهود وطاقات الأمة

- ‌اختلاف طاقات الناس وتخصصاتهم يوجب تكاتف جميع طاقات المجتمع

- ‌ضرورة أن يتعاون المجتمع كله في نشر دين الله تعالى، فالعلماء وحدهم والحكام وحدهم لا يقدرون على ذلك لوحدهم

- ‌تكاتف جميع طاقات الأمة لصد مكر الأعداء وعدوانهم

- ‌أصناف الطاقات المعطلة في الأمة

- ‌من الطاقات المعطلة المتفاعلون مع الدعوة والمحبون لها

- ‌من الطاقات المعطلة في المجتمع كثير من طلاب العلم

- ‌من الطاقات المعطلة بعض خطباء الجوامع

- ‌من الطاقات المعطلة طلاب المدارس

- ‌من الطاقات المعطلة أصحاب المواهب

- ‌من الطاقات المعطلة أصحاب المهن الحرة

- ‌من الطاقات المعطلة المرأة

- ‌الوسائل المقترحة لاستغلال الطاقات الموجودة في المجتمع

- ‌مخاطبة الناس بأهمية الدعوة، وتنبيههم على أنهم مخاطبون بها

- ‌بيان مراتب فضائل الأعمال

- ‌اقتراح برامج للناس وطرحها

- ‌أن نشعر الناس أنهم جزء من الصحوة

- ‌تغيير لغة التخاطب مع الناس

- ‌التنويع والتجديد في مجالات الدعوة

- ‌الأسئلة

- ‌دور المسلم في خدمة هذا الدين

- ‌الفرق بين الطاقة المعطلة والطاقة المتعطلة، والسبب في تعطيل هذه الطاقات

- ‌نصيحة لأئمة المساجد

- ‌كيفية تدريب الطاقات المعطلة

- ‌نصيحة لبعض الشباب العاطلين والذي لا يعترفون بأنهم طاقات معطلة

- ‌نصيحة لمن كانت طاقته معطلة

الفصل: ‌من الطاقات المعطلة في المجتمع كثير من طلاب العلم

‌من الطاقات المعطلة في المجتمع كثير من طلاب العلم

ثم أنتقل إلى طبقات أخرى قد تكون طبعاً داخلة تحت هذه الطبقة التي أشرت إليها، ومن أهم هذه الطبقات طبقة من طلاب العلم، فطبقة كبيرة من طلاب العلم للأسف هم من الطاقات المعطلة، والأمة أحوج ما تكون إليهم، وهنا أذكر بما قلته قبل قليل، فلا يعني هذا أبداً أنني أتهم طلاب العلم أنهم مقصرون، بل إننا نأنس بحديثهم، والجلوس إليهم، والاستفادة منهم، ونحن جميعاً عالة عليهم.

ولكن أقول: هناك فئة من طلاب العلم بقي الخير قاصراً عنده على نفسه، ويتعلل بأنه عاجز، وبأنه ما عنده قدرات، وبأن واقع المجتمع لا يتطلب ذلك إلى غير ذلك، فيتعلل بعلل وأصناف ووسائل شتى سبق أن تحدثت عنها في حديث سابق، وفي محاضرة سابقة؛ لذا لا أحتاج إلى العودة إليها، كنت تحدثت عنها في محاضرة بعنوان: فتن التهرب من المسئولية.

وحتى نأخذ صورة فقط عن حجم هذه الطاقات فإنك عندما تنظر إحصائيات خريجي الدراسات الشرعية فإنك تصاب بذهول، هذه الأرقام الهائلة في مقابل الجهود المبذولة الآن، وفي مقابل فعلاً مدى انتفاع الناس بها.

فمثلاً: خريجي الدراسات الشرعية في جامعة الإمام وحدها من عام 92هـ إلى عام 1409هـ (9656) طالباً، فهؤلاء لم يتخرجوا من هذه الجامعة في كافة الدراسات، وإنما من الدراسات الشرعية في المرحلة الجامعية وحدها من عام 92هـ إلى عام 1409هـ فقط، وانظر ما قبل عام 92هـ، وما بعد عام 1409هـ من أعوام، فهذه الأفواج الهائلة من خريجي الدراسات الشرعية أين هم؟ وجامعة أم القرى من عام 1401هـ - 1402هـ إلى عام 1409هـ بلغ أيضاً عدد خريجي الدراسات الشرعية (4027) طالباً، وخذ بعد ذلك سائر الخريجين من أقسام الدراسات الإسلامية والدراسات الشرعية في سائر الجامعات.

وخذ بعد ذلك طلبة العلم وخريجي حلق المساجد الذين قد يكون الكثير منهم يفوق هؤلاء الخريجين، وقد تقول لي مثلاً: إن الكثير من خريجي الدراسات الشرعية ليسوا على المستوى المطلوب، وقد تقول: إنهم ضعاف، وقد تقول: فيهم كذا وكذا، لكن هذا خلاف الأصل، فالأصل أن يكون طالب الدراسات الشرعية خاصة في هذا العصر يشعر بدوره، ويرى أثر العلم عليه، ومهما كان فعلى الأقل قد أتيحت له فرصة لدراسة العلم الشرعي لم تتح لغيره، وأما كونه مهملاً، وكونه مقصراً، فهذا أصلاً مظهر من مظاهر تعطل الطاقات.

فالمفترض أن صاحب الدراسات الشرعية سواء كان في المرحلة الثانوية، أو المرحلة الجامعية، أو المراحل العليا، المفترض ألا يفارقه هذا الشعور: أن يرى أن الناس بحاجة ماسة إلى علمه.

وعندما تنتقل مرحلة أخرى أيضاً إلى قطاع أكبر مثلاً فستجد أن خريجي مثلاً المعهد العالي للقضاء، والمعهد العالي للدعوة الإسلامية، وهو يمنح درجات عالية: الماجستير والدكتوراه، في الفترة نفسها (731) طالباً هؤلاء أصحاب تخصصات عليا في الدراسات الشرعية، ناهيك عمن يأخذ أو يحصل على الشهادات العليا من غيرها مثلاً من كليات الجامعة، أو من الجامعات الأخرى، أو ممن هم -كما قلت- رواد المساجد الذين الكثير منهم أفضل بكثير من حملة الشهادات العالية، فأين هذا الرقم الهائل؟ وأين أثرهم في الواقع؟ وأساتذة ثلاثة جامعات فقط: أساتذة الدراسات الشرعية في جامعة الإمام، وجامعة أم القرى، والجامعة الإسلامية من السعوديين وحدهم في عام 1409هـ بلغ عددهم (906)، وهؤلاء لا شك أنهم على مستوى أعلى منا جميعاً، أعلى منا نحن الذين نتحدث عنهم، فنحن -كما قلت- لا نوجه التهمة، ولا نؤيد هذا المنطق أن نوجه التهم للناس بالتقصير والإهمال، لكن أقول: عندما تنظر إلى هذه الأرقام وغيرها، وتنظر إلى الجهود المبذولة: الدروس العلمية في المساجد، والمحاضرات، والواجبات المنوطة بهؤلاء، تتساءل أين البقية؟ ولا أبالغ أيها الإخوة! إذا قلت: إنه لو عمل ربع هذه الطاقات فقط لتغير الأمر، فتجد الآن مثلاً عندما يكون لأحد الإخوة قدر ضئيل من العلم، ومستواه الفكري قدراته ضئيلة ومحدودة، فبمجرد أن تظهر له محاضرة أو محاضرتان في التسجيلات، وأصبحت أشرطته تتداول، إلا تنهال عليه الطلبات الهائلة التي لا يستطيع حتى أن يوفق بينها.

وأقول أيها الإخوة: لو أن فقط هذا الصنف من المحاضرين تفرغ لنشاط المحاضرات وحدها، وتفرغ لتلبية الطلبات التي ترد عليه لم يستطع أن يلبي جميع هذه الطلبات، فكيف به وهو منوط به أعمال أخرى كثيرة، ناهيك عن ظروفه ومشاغله الخاصة.

أين البقية؟ لو كان كل واحد من هؤلاء من طلبة العلم يشعر بدوره وواجبه، ويقوم بجهد ولو كان ضئيلاً لتغيرت الصورة، ولخف العبء على أولئك الذين -وأنا أولهم- يعرفون أنهم ليسوا أهلاً لترقي مثل هذه المراقي أو هذه المنابر التي نتحدث من خلالها، وأرى أنه لو قام بعض هؤلاء الأكفاء بواجبهم لما استطعنا أن نجد لنا مكاناً في مثل هذه المنابر، ولبحثنا عن مكان آخر نستطيع أن نقدم منه خدمة لدين الله سبحانه وتعالى، لكن الإنسان عندما يجد الساحة فارغة يرى أنه غير معذور إذا لم يدل بدلوه.

ص: 11