المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما الذي يبكي عليك - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٦

[محمد الدويش]

الفصل: ‌ما الذي يبكي عليك

‌ما الذي يبكي عليك

تاسعاً: وأخيراً ما الذي يبكي عليك؟ يقول سبحانه وتعالى حين أهلك قوم فرعون ونسأل الله عز وجل للطغاة أمثالها: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} [الدخان:29].

نعم.

لم تعرف الأرض من قوم فرعون إلا الطغيان والتجبر، فقد كانوا يستذلون الناس، ويستحيون نساءهم، ويقتلون أولادهم، كانوا يبدّلون دين الله عز وجل، وكانوا حرباً على موسى ومن معه لا لشيء إلا لأنهم دعوا إلى الله سبحانه وتعالى وآمنوا بالله عز وجل، وأرادوا إخراج الناس من عبودية ورق وذل الفراعنة وطغيانهم إلى عبودية الله سبحانه وتعالى، لذلك انصرفوا غير مأسوف عليهم {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} [الدخان:29].

وروى ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: أن رجلاً قال له: يا أبا العباس! أرأيت قول الله تعالى {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} [الدخان:29] فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال رضي الله عنه: (إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق باب من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه ففقده بكى عليه، وإذا فقده مصلاه في الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله عز وجل فيها بكت عليه)، فسيفقدك مبيتك وغرفتك التي كنت تأوي إليها سنين عدداً، ستفقدك عاجلاً أو آجلاً، فهل تراها ستبكي عليك أم أن لها شأناً آخر، فقد فقدت معصية الله عز وجل، فأنت أعلم بحالك! وحين تعمر مكانك وغرفتك وبيتك بصلاة وذكر وتلاوة لله عز وجل فهي ستبكي عليك يوم تفارقها قريباً أو بعيداً، ورويت آثار عن جمع من التابعين، بل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وغير واحد:(إن الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحاً).

وقال مجاهد: (ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً، قال فقلت له: أتبكي الأرض؟ قال: أتعجب؟ وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود، وما للسماء لا تبكي على عبد كان تكبيره وتسبيحه فيها كدوي النحل) هذه معشر الشباب بعض آثار إحياء العبادة في بيوتنا بأنواعها وأبوابها وطرقها، وهي كلها تدعونا إلى أن يكون لبيوتنا نصيب من عبادة الله.

فلعلنا أن نعيد هذه الآثار عاجلاً.

أولها: أن لا تكون البيوت مقابر.

الثاني: نفور الشياطين.

الثالث: أن تحل فيه البركة.

الرابع: تربية أهل البيت.

الخامس: أن بيوت المسلمين مليئة بالمعاصي فلا أقل من أن يكون لها نصيب ولو يسيراً من طاعة الله.

سادساً: أن تكون العبادة شأناً وعادة للمرء لا يفارقها.

سابعاً: تبكي عليه الأرض.

ثامناً: إعانة على الإخلاص وإصلاح القلوب.

تاسعاً: انعدام الوحشة، أن الإنسان يعيش في البيت غربة ونفور من البيت لأنه مدعاة للمعصية كما قلنا، فحين تكون العبادة شأناً له في منزله فإنه يعافى بإذن الله من ذلك.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم ممن تبكي عليه السماء والأرض، وممن يعمر قلبه وبيته بعبادته وطاعته، ونترك بقية الوقت للإجابة على الأسئلة.

ص: 15