المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاستدلال بآيات إنزال بعض المخلوقات ونقضه - دروس في العقيدة - الراجحي - جـ ١٧

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[17]

- ‌أقسام البدع وخطرها

- ‌ذكر ما قيل في صفة كلام الله تعالى

- ‌أصل الخلاف في صفة كلام الله تعالى

- ‌ذكر ما قيل في الصوت

- ‌ذكر ما قيل في اللفظ والمعنى في كلام الله تعالى

- ‌بيان المنتشر اليوم من العقائد في صفة الكلام

- ‌استدلال الإمام البخاري على إثبات صفة الكلام لله تعالى

- ‌أنواع الحقائق في الوجود

- ‌أدلة أهل السنة على إثبات صفة الكلام لله عز وجل

- ‌ذكر القول والتكليم

- ‌الإخبار بأن الله لا يكلم أعداءه يوم القيامة

- ‌الاستعاذة بكلمات الله تعالى

- ‌ثبوت وصف الكمال في الكلام

- ‌الأدلة على أن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد

- ‌أدلة المعتزلة وشبههم في القول بخلق الكلام

- ‌شبهة استلزام إثبات الكلام التشبيه والتجسيم والرد عليها

- ‌شبهة إضافة التشريف والرد عليها

- ‌الاستدلال بقوله تعالى: (الله خالق كل شيء) ونقضه

- ‌الاستدلال بقوله تعالى: (إنا جعلناه قرآناً عربياً) ونقضه

- ‌الاستدلال بقوله تعالى: (إنه لقول رسول كريم) ونقضه

- ‌الاستدلال بآيات إنزال بعض المخلوقات ونقضه

- ‌أدلة الأشاعرة وشبههم في صفة كلام الله تعالى

- ‌الاستدلال بقوله تعالى: (ويقولون في أنفسهم) ونقضه

- ‌الاستدلال ببيت الأخطل النصراني ونقضه

- ‌حقيقة مذهب الأشاعرة في كلام الله ووجه شبهه بقول النصارى

- ‌جملة من الردود تتضمن بطلان مذهب الأشاعرة في صفة كلام الله

- ‌واجب المسلم تجاه بدعتي الأشاعرة والمعتزلة

- ‌الأسئلة

- ‌نتيجة الخلاف في القول بخلق القرآن

- ‌الرد على شبهة سبق القرآن حدوث أفعال العباد

- ‌بيان أوجه القربة بالقرآن

- ‌معنى تسلسل الحوادث

- ‌أزلية صفات الله تعالى الذاتية والفعلية وحدوث أفراد الصفات الفعلية

الفصل: ‌الاستدلال بآيات إنزال بعض المخلوقات ونقضه

‌الاستدلال بآيات إنزال بعض المخلوقات ونقضه

قال أهل السنة للمعتزلة: إن الله قد أخبر أن القرآن منزل، كما في قوله تعالى:{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا} [الإسراء:106]، وقوله:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} [الشعراء:193 - 194]، والمنزل غير مخلوق.

فاعترض المعتزلة على هذا فقالوا: إن الإخبار بأن القرآن منزل لا يمنع أن يكون مخلوقاً؛ لأننا نجد أن الله قد أخبر عن بعض المخلوقات بأنها منزلة، كما قال الله تعالى في الحديد:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد:25]، فأخبر بأن الحديد منزل وهو مخلوق، وقال سبحانه:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر:6]، فأخبر أن الأنعام منزلة وهي مخلوقة، وقال:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [المؤمنون:18]، فأخبر أن المطر منزل من السماء وهو مخلوق، فكذلك القرآن أخبر الله أنه منزل وهو مخلوق، فإنزال القرآن نظير إنزال الحديد وإنزال الأنعام وإنزال المطر من السماء.

وأجاب أهل السنة عن هذه الشبهة بالفرق، فقالوا: هناك فرق بين إنزال القرآن وإنزال الحديد والأنعام والمطر، فإن الله صرح بأن القرآن نزل من عنده، كما قال سبحانه:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الزمر:1]، وقال سبحانه:{تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت:2]، وقال عز وجل:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ} [النحل:102]، وقال تعالى:{وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة:13]، وقال عز وجل:{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [الأنعام:114]، فهذه الآيات صريحة في أنه منزل من عند الله، أما إنزال الحديد والأنعام فليس فيه إخبار بأن الله أنزلهما من عنده، فلم يقل: وأنزلت الحديد مني أو من عندي، بل قال:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد:25] فهو مطلق، وذلك أن الحديد إنما يؤخذ من المعادن التي تكون في الجبال وينزل، وكلما كان الحديد في مكان أعلى كان معدنه أجود، فيتنزل الحديد من الجبال، فهذا هو المراد بالإنزال، وكذلك الأنعام إنما تخلق بالتوالد، والتوالد يستلزم إنزال الذكور الماء من أصلابها في أرحام الإناث، ثم تنزل الأجنة من بطون الأمهات على وجه الأرض، هذا هو معنى الإنزال، وأما المطر فقد أخبر الله بأنه منزل من السحاب، فقال:{وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ:14] والمعصرات: هي السحاب، وفي الآية الأخرى:{أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} [الواقعة:69]، والمزن هو السحاب، فتبين بهذا الفرق بين إنزال المطر والأنعام والحديد وبين إنزال القرآن.

ص: 22