الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توحيد العبادة هو الفرقان بين الجاهلية والإسلام
النبي عليه الصلاة والسلام عندما جاء إلى العرب ودعاهم إلى الله لماذا قاتلوه؟ مع أنهم كانوا يوحدون الله عز وجل بتوحيد الربوبية الخاص بالخلق، والإحياء، والإماتة، والإيجاد من عدم، ولم يدعِ أحد من العرب أن آلهةً أخرى اشتركت مع الله في خلق شيء، ولا في تدبير شيء، وقد أقام الله عز وجل عليهم الحجة في كثير من آيات القرآن:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت:61].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف:9].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف:87].
هذا كله يقرونه لله عز وجل.
إذاً: لماذا قاتل العربُ النبيَّ عليه الصلاة والسلام ولم يسلموا له بدعوته؟ إن التوحيد الذي أبى العرب أن يسلموا به هو توحيد العبادة؛ توحيد الألوهية، قال تعالى:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5].
هذا الذي أنكره العرب، وصبروا على حشد الغلاصم، وقطع الحلاقم، ونفذ الأراقم، ومتون الصوارم، وأبوا أن يقولوا هذه الكلمة.
ما المشكلة؟ قل: (لا إله إلا الله).
لماذا تقوم الحروب؟ لماذا تعرِّض نساءك لأن يكنَّ سبايا؟ لماذا تعرض نفسك للقتل؟ لماذا يُسْتَرَقُّ ولدُك؟ لماذا كل هذا؟ فأبَوا أن يسلموا بتوحيد العبادة، وتوحيدُ العبادة في مثل قوله تبارك وتعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام:57](يقُصُّ الحق) أي: يقضيه، وفي الرواية الأخرى المتواترة وهي قراءة حمزة، وأبي عمرو بن العلاء، والكسائي وخلف:(يَقُضِيْ الْحَقَّ).
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف:40].
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ} [القصص:88].
{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [الرعد:41].
وقال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص:68].
فهذا هو توحيد العبادة: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام:57] وتوحيد الحاكمية من أخص خصائص توحيد الألوهية، لا يحل لأحد أن يأمر بمعروف؛ بواجبٍ أو مستحبٍِ أو ينهى إلا الله ومَن أرسله مِن رسول.
وعندما درسوا الدين في المدارس افتتحوه بعبارة شهيرة ماكرة قالوا: (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العرب وهم -وذكروا بعض مظاهر الجاهلية- يسجدون للأصنام، ويشربون الخمر، ويَئِدون البنات) وانتهى الأمر على هذا، وصارت عبارةً دارجةً شهيرةً في الكتب، هل هذه العبارة صحيحة؟ والقاعدةُ الإعلاميةُ اليهوديةُ الماكرةُ تقول:(ما تكرر تقرر) فمع تكرار العبارة يصير وقعُها في نفوس الجماهير مستقراً، حتى لو كانت خاطئة، فإذا استقرت هذه العبارة في نفوس الجماهير فنظروا الآن: هل هناك أحد يعبد الأصنام؟
الجواب
لا.
هل هناك من يشرب الخمر؟ سواد المسلمين لا يشربون الخمر ويعلمون أنه حرام حتى الذين يشربونه.
هل هناك من يدفن البنات الآن؟ الجواب: لا.
إذاً: الإسلام الذي قاتل لأجله النبي صلى الله عليه وسلم موجود، هل هذه العبارة صحيحة بهذا الإطلاق؟ الجواب: لا.
إن العرب قاتلوا حتى لا يكون الحكم لله، يريدون أن يحكموا ويشرعوا بأهوائهم، لا يحل الحكم في خردلة فما دونها إلا بحكم الله عز وجل.
إن العرب صبروا على القتال، وفقدوا الأنفس الغالية -فقدوا الرؤساء، وفقدوا السادة والصناديد الكبار- وسُبِيَت نساؤهم؛ وهذا عارٌ عند العرب أن تذهب امرأةُ أحدهم إلى رجل كان يستقلُّه قبل ذلك ويحتقره، ويُقْتَل الصغار، وأبَوا أن يوحدوا توحيد العبادة الذي هو التسليم لحكم الله عز وجل، فهذا هو التوحيد الذي قاتل النبي صلى الله عليه وسلم العرب لأجله؛ توحيد العبادة (الأمر والنهي).