المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فن الدعاء والشكوى - دروس للشيخ إبراهيم الدويش - جـ ٧

[إبراهيم الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌يا سامعاً لكل شكوى

- ‌الافتقار إلى الله والاعتماد عليه

- ‌الفرار إلى الله

- ‌الشكوى والتضرع إلى الله وحده

- ‌الأنبياء والدعاء

- ‌نماذج من الاستجابة لدعاء الأنبياء

- ‌الدعاء طريق الاستعلاء

- ‌الأدعية النبوية عند المرض

- ‌الفوائد والحكم من الأمراض والأسقام

- ‌تكفير السيئات

- ‌استخراج مكنون عبودية الدعاء

- ‌الأدعية النبوية لقضاء الدين

- ‌الأدعية النبوية عند الهم والقلق

- ‌الأدعية النبوية عند النوازل والفتن والخوف

- ‌سهام الليل

- ‌فن الدعاء والشكوى

- ‌الأدعية النبوية في الكرب

- ‌صور ومواقف

- ‌فادع بهذا الدعاء

- ‌أتدل العباد على الله ثم تنساه

- ‌ما له؟! قطع الله صوته

- ‌ساقها لي بدعائي

- ‌عليك بالثلث الأخير من الليل

- ‌الباب الذي لا يغلق

- ‌دعاء المضطر

- ‌عبودية الدعاء

- ‌توجيهات قبل الختام

- ‌تعلّم آداب وشروط الدعاء

- ‌الصدقة

- ‌عليك بالصبر، وإياك واليأس والقنوط

- ‌تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌الحرص على أكل الحلال

- ‌الإكثار من الاستغفار

- ‌ولك في المصابين أسوة

الفصل: ‌فن الدعاء والشكوى

‌فن الدعاء والشكوى

أيها المسلم! نريد أن نتعلم فنّ الدعاء، والتذلل والخضوع والبكاء، لنعترف بالفقر إليه ولنظهر العجز والضعف بين يديه، أليس لنا في رسول الله قدوة؟ أليس لنا فيه أسوة؟! أوذي أشد الأذى، وكُذِّب أشد التكذيب اتهم بعرضه، وخدشت كرامته، وطرد من بلده عاش يتيماً وافتقر، ومن شدة جوعه ربط على بطنه الحجر قيل عنه كذاب وساحر، ومجنون وشاعر توضع العراقيل في طريقه، وسلا الجزور على ظهره يشج رأسه، وتكسر ثنيته، يقتل عمه، جمّعوا عليه الأحزاب، وحاصره المشركون والمنافقون واليهود.

يذهب إلى الطائف؛ ليبلغ دعوته، فيقابل بالتكذيب والسب والشتم، ويطرد ويلاحق ويرمى بالحجارة، فماذا فعل بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه؟! أين ذهب؟ من يسأل؟ على من يشكو؟! إلى ذي الجبروت والملكوت، إلى القوي العزيز.

فأعلن صلى الله عليه وآله وسلم الشكوى، ورفع يديه بالنجوى، دعا وألح وبكى، وتظلم وتألم وشكا، لكن اسمع إلى فنِّ الشكوى وإظهار الضعف والعجز والافتقار منه صلى الله عليه وآله وسلم، قال:(اللهم! إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين! إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني؟ أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم تكن ساخطاً عليّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السماوات وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تحل عليَّ غضبك أو تنزل عليَّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك) .

هكذا كان صلى الله عليه وآله وسلم ضراعة ونجوى لربه.

والحديث أخرجه الطبراني في الكبير وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني.

وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة ورجاله ثقات.

أيها الأخ! لماذا نشكوا إلى الناس، ونبث الضعف والهوان والهزيمة النفسية في مجالسنا، وننسى أو نتكاسل عن الشكوى إلى من بيده الأمر من قبل ومن بعد؟! {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ * قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام:63-64] .

أليس فينا من بينه وبين الله أسرار؟! أليس فينا أشعث أغبر ذو طمرين لو أقسم على الله لأبره؟! أليس فينا من يرفع يديه إلى الله في ظلمة الليل، يسجد ويركع، ينتحب إلى الله، ويرفع الشكوى إلى الله؟! فلنشكُ إلى الله فلنقوِ الصلة بالله:{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21] .

ص: 16