المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الأولى: العلم كنز عظيم وله فضل عميم - دروس للشيخ إبراهيم الدويش - جـ ٨

[إبراهيم الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌عشرون كلمة في العلم وفضله

- ‌سبب اختيار موضوع العلم وفضله

- ‌الكلمة الأولى: العلم كنز عظيم وله فضل عميم

- ‌الكلمة الثانية: للأخوات المعلمات والمتعلمات

- ‌الكلمة الثالثة: الإخلاص لله في العلم والتعليم

- ‌الإخلاص طريق الخلاص

- ‌أثر الغفلة عن الإخلاص لله في التعلم والتعليم

- ‌الكلمة الرابعة: إنما يخشى الله من عباده العلماءُ

- ‌الكلمة الخامسة: العلم والتربية متلازمان

- ‌التربية أولاً

- ‌أثر الرقائق في الرُّقي بنفوس أصحابها

- ‌الكلمة السادسة: العلم أعمال وسرائر، وليس أقوالاً ومظاهر

- ‌الكلمة السابعة: من علامات العلم النافع ونواقضه

- ‌الكلمة الثامنة: المجاهدة والصبر سلاح المتعلم

- ‌الكلمة التاسعة: كيف نكسب العلم

- ‌الكلمة العاشرة: بالصبر واليقين تنال إمامة الدين

- ‌الكلمة الحادية عشرة: الشبهات والشهوات خطر على العلم وأهله

- ‌الكلمة الثانية عشرة: العقيدة والسيرة صفاء للظاهر والسريرة

- ‌الكلمة الثالثة عشرة: فن طلب العلم

- ‌الكلمة الرابعة عشرة: قف وتأمل قبل أن يقال: فلان مات

- ‌الكلمة الخامسة عشرة: الابتلاء امتحان لأهل العلم

- ‌الكلمة السادسة عشرة: التواضع ثمرة العلم النافع

- ‌الكلمة السابعة عشرة: يا طالب العلم! إياك والحسد

- ‌الكلمة الثامنة عشرة: طريقنا للقلوب

- ‌الكلمة التاسعة عشرة: وقبل الختام العمل بالعلم

- ‌الكلمة العشرون: دعاء

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الإعراض عن الدعوة خوف الرياء

- ‌علاج الكسل في طلب العلم

- ‌طريقة التعامل مع القرآن

- ‌الطريقة الناجحة لطلب العلم

- ‌علامات الإخلاص

الفصل: ‌الكلمة الأولى: العلم كنز عظيم وله فضل عميم

‌الكلمة الأولى: العلم كنز عظيم وله فضل عميم

ولأهله منزلة عالية ودرجة رفيعة، واسمع لهذه النصوص والآثار بتدبر واعتبار، وهي على سبيل الإيجاز والاختصار: قال تعالى: {يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] .

وقال عزّ من قائل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ} [آل عمران:18] فبدأ سبحانه بنفسه، وثنىّ بملائكته، وثلّث بأهل العلم وكفاهم ذلك شرفاً وفضلاً، وجلالة ونبلاً.

وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9] .

وقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] .

وقال سبحانه: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَاّ الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43] وفي القرآن بضعة وأربعون مثلاً، وكان بعض السلف إذا مر بمثل لا يفهمه يبكي ويقول: لست من العالمين.

وأما الأحاديث والآثار في العلم وفضله ورفعة أهله فكثيرةٌ جداً، ومن أشهرها: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة) .

وما رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقاً يبتغي فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر) .

وقد رواه الوليد بن مسلم، عن خالد بن يزيد، عن عثمان بن أيمن، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من غدا لعلم يتعلمه فتح الله له به طريقاً إلى الجنة، وفرشت له الملائكة أكنافها، وصلت عليه ملائكة السماء وحيتان البحر، وللعالم من الفضل على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، والعلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ بالعلم أخذ بحظ وافر، وموت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، ونجم طمس، وموت قبيلة أيسر من موت عالم) قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: هذا حديث حسن.

وقال ابن حجر: أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم مصححاً من حديث أبي الدرداء، وحسنه حمزة الكناني.

وضعفه باضطراب في سنده لكن له شواهد يتقوى بها.

انتهى كلام الحافظ.

وضعّفه الألباني من رواية عاصم بن رجاء وقال: لكن أخرجه أبو داود من طرق أخرى عن أبي الدرداء بسند حسن.

ومن الآثار: ما يروى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال -وانتبه لهذا الكلام-: (تعلموا العلم؛ فإن تعليمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل أهل الجنة، وهو الأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتص آثارهم، ويقتدى بأفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه؛ لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، والتفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، هو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء) وهذا الأثر أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله من طرق مرفوعاً وموقوفاً، ولا يصح بوجه لا موقوفاً ولا مرفوعاً، وقد قال ابن عبد البر: حديث حسن جداً، ولكن ليس له إسناد قوي، قال العراقي في تخريج الإحياء: قوله: حسن، أراد به الحسن المعنوي، لا الحسن المصطلح عليه بين أهل الحديث، وذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة وقال: هذا الأثر معروف عن معاذ، ورواه أبو نعيم في المعجم من حديث معاذ مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يثبت، وحسبه أن يصل إلى معاذ.

وهكذا الآيات والأحاديث والآثار التي تشير إلى العلم وفضله، وأن صاحبه يحمل كنزاً عظيماً يعلو به في الدنيا والآخرة، وأنصحك -أيها المحب! - بالرجوع إلى كلام ابن القيم الجميل في كتاب مفتاح دار السعادة، فقد ذكر ثلاثة وخمسين ومائة وجه في العلم وفضله وشرفه، فهي كنز عظيم، مليئة بالفوائد والنوادر والغرائب والعجائب.

ص: 3