المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أحوال السعداء في الآخرة: أنهم لا يخافون ولا يفزعون - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٨٤

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌أحوال السعداء يوم القيامة

- ‌أحوال الناس يوم القيامة

- ‌من أحوال السعداء في الآخرة: أنهم لا يخافون ولا يفزعون

- ‌خوف المؤمن من الله في الدنيا جعله يأمن يوم الفزع الأكبر

- ‌لا يجمع الله بين أمنين ولا خوفين

- ‌من أحوال السعداء في الآخرة: أن الله يظلهم في ظله

- ‌من السعداء: الإمام العادل

- ‌من السعداء: شاب نشأ في عبادة الله

- ‌من السعداء: رجل قلبه معلق بالمساجد

- ‌من السعداء: المتحابون في الله

- ‌من السعداء: رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله

- ‌من السعداء: رجل تصدق بصدقة فأخفاها

- ‌من السعداء: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه

- ‌من الأعمال التي تنال بها السعادة

- ‌التيسير على المعسرين

- ‌الذين يعدلون في أهليهم وما وُلُّوا

- ‌الشهادة والرباط في سبيل الله

- ‌كظم الغيظ

- ‌القيام بالأذان

- ‌من شاب شيبة في الإسلام

- ‌المحافظة على الوضوء

- ‌الأسئلة

- ‌حكم حلق اللحية والإسبال

- ‌من أوتي القرآن ورأى غيره أفضل منه

- ‌معنى قوله تعالى: ((ويؤثرون على أنفسهم))

- ‌حكم أخذ راتب الخميس والجمعة من الدولة

- ‌معنى ((إنما يخشى الله من عباده العلماء))

- ‌الدخول بالبنات يحرم الأمهات والعقد بالبنات يحرم الأمهات

- ‌يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

- ‌أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل

- ‌الرضاعة تحرم على الراضع

- ‌حكم استعمال صبغة الشعر

- ‌الفرق بين الهدية والرشوة

- ‌مجالسة تارك الصلاة

- ‌بيان الأجانب والمحارم من الأقارب

- ‌حكم اللعن

- ‌حكم تطويل الأظافر

- ‌حكم قطيعة رحم من وصلته فطردك وقطعك

- ‌معنى التعدي في قوله: (من تعدى فقد أساء وظلم)

- ‌حكم توكيل المؤذن في الأذان

- ‌جمال طول رقاب المؤذنين

الفصل: ‌من أحوال السعداء في الآخرة: أنهم لا يخافون ولا يفزعون

‌من أحوال السعداء في الآخرة: أنهم لا يخافون ولا يفزعون

السعداء يوم القيامة لهم حالة، وهذا الكلام كله في عرصات القيامة لم نأتِ إلى الجنة ولا إلى النار، نحن لا نزال في يوم القيامة يوم الوقوف اليوم الذي طوله خمسون ألف سنة، منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ألف وأربعمائة وإحدى عشرة سنة، أي: واحد على خمسين من يوم القيامة.

يوم القيامة يوم طويل، لا يعلم طوله إلا الله عز وجل، خمسون ألف سنة من أيام الآخرة، وليست من أيام الدنيا، واليوم من أيام الآخرة بألف سنة {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج:47] واضرب ألفاً في خمسين ألف، فهل تضيِّع هذا اليوم كله بالمعاصي خمسون سنة ليست عند الله إلا مثل واحد على عشرين من يومٍ من أيام الآخرة.

في ذلك اليوم للناس من السعداء والموفقين والأتقياء لهم حال ولهم أحوال متعددة.

الحالة الأولى من أحوالهم: أنهم لا يخافون ولا يفزعون حين يفزع الناس، يقوم المؤمن من قبره وهو آمن كأنه رائحٌ وداخلٌ الجنة.

الناس في الدنيا تعودوا أن يحصل لهم هلع وفزع وخوف واضطراب لأي شيء من متغيرات الحياة، فإذا هبت ريح عاصفة وحملت الأشجار وقلعتها، وهدَّمت البيوت، كيف سيكون وضع الناس؟! إذا نزلت أمطار عاتية وهدَّمت البيوت، كيف سيكون وضع الناس؟! إذا حصلت حوادث سيارات، وإذا حدثت نكبات، ووقع زلزال أو خسف أو حروب وغزو وضرب، كيف سيكون حال الناس؟! سيكونون في حالة عظيمة من الخوف؛ ولكن يوم القيامة تدمر السماوات والأرض كلها -ليس فقط حدثاً بسيطاً- بل كل الدنيا تتغير معالمها، {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار:1 - 4].

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [التكوير:1 - 3] كل هذه تتغير؛ ولكن أهل الإيمان وهم يرون هذه الأحداث تتغير لا يخافون، عندهم أمن وطمأنينة في قلوبهم، لماذا؟ لأنهم أولياء الله:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62] هم أولياء الله في الدنيا، فصار الله ولياً لهم في الآخرة، كانوا كما يريد الله في الدنيا، فكان الله لهم كما يريدون في الآخرة.

عملوا بطاعة الله استعداداً لذلك اليوم، فيؤمِّنهم الله في ذلك اليوم، حينما يُبَعْثَر الناس من القبور تستقبلهم الملائكة وترحب بهم، وتطمئن قلوبهم، وتهدئ من روعهم، وتقول لهم:{لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف:49].

يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء:101] أي: عن النار {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء:102 - 103] والله يسميه الأكبر؛ لكن أهل الإيمان لا يحزنهم، مهما كان الفزع {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء:103] الملائكة تطمئنهم، وتقول لهم: لا تخافوا: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء:103] أي: إن الله يدخلكم فيه الجنة، ليس هناك خوف عليكم، الله أكبر! والفزع هو: شدة الهلع والخوف الذي يحصل للعباد حينما يُبَعْثَرون من قبورهم، تصور وأنت تسير وإذا بالقبور تهتز، والناس يخرجون من القبور شاخصةً أبصارهم، عراةً حفاةً غُرْلاً بُهْماً غير مختونين والشمس تدنو من الرءوس، والعرق يسيل على قدر أعمال العباد، والأمر متغير؛ لكنّ أهل الإيمان مطمئنون، لا خوف عليهم اليوم ولا هم يحزنون.

في ذلك اليوم ينادي منادي الرحمن أولياء الرحمن: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف:68 - 69].

ويقول الله عز وجل: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس:62 - 64].

ص: 3