المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التفرد بالضر والنفع والعطاء والمنع - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ١٠٣

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌الشرك قديماً وحديثاً [2]

- ‌حقيقة الشرك

- ‌الخصائص الإلهية

- ‌التفرد بالضر والنفع والعطاء والمنع

- ‌الكمال المطلق من جميع الوجوه

- ‌العبودية المتضمنة غاية الحب مع غاية الذل

- ‌السجود من خصائص الإلهية

- ‌أعظم الذنوب إساءة الظن بالله تعالى

- ‌إدخال الوسائط بين الله وخلقه إساءة ظن به سبحانه

- ‌ما قدروا الله حق قدره

- ‌ما قدر الله حق قدره من عبد غيره معه

- ‌ما قدر الله حق قدره من أنكر الرسل

- ‌ما قدر الله حق قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته العلى

- ‌ما قدر الله حق قدره من زعم أن الله يعاقب عبده على ما لا يفعله

- ‌ما قدر الله حق قدره من زعم أنه حل في كل مكان

- ‌ما قدر الله حق قدره من نفى الصفات الفعلية

- ‌ما قدر الله حق قدره من نفى حكمته وغايته

- ‌ما قدر الله حق قدره من جعل له صاحبة وولداً

- ‌ما قدر الله حق قدره من سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما قدر الله حق قدره من نفى التحسين والتقبيح للعقل

- ‌ما قدر الله حق قدره من كذب بالقيامة

- ‌ما قدر الله حق قدره من هان عليه أمره

- ‌القول على الله بلا علم

الفصل: ‌التفرد بالضر والنفع والعطاء والمنع

‌التفرد بالضر والنفع والعطاء والمنع

من الخصائص الإلهية التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع: (لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت) هذا مما يملكه الله سبحانه وتعالى وحده، وذلك يوجب تعليق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل عليه وحده؛ لأنه هو الذي يملك العطاء والمنع والضر والنفع، فإذاً من يدعى؟ من يرجى؟ من يستغاث به؟ من يطلب عند الشدائد؟ هو الله وحده.

والذي فعله المشركون أنهم عكسوا ذلك، فأصبحوا يدعون من دون الله آلهة، إما في وقت الرخاء والشدة، وإما في وقت الشدة كما كان المشركون الأولون إذا ركبوا في الفلك، وجاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان دعوا الله مخلصين له الدين في هذه اللحظة، إذاً: نسوا الوسائط، لكن إذا أنجاهم إلى البر إذا هم يشركون به ويدعون غيره معه أو من دونه، فوقعوا في الشرك.

يقول: فمن علق ذلك بمخلوق، يعني: الدعاء والخوف والرجاء فقد شبهه بالخالق من جهة أنه أعطاه وأضفى عليه خصائص الإلهية، وجعل من لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، جعله كالحي القيوم سبحانه وتعالى، الذي بيده كل هذه الأمور، وهو مرجعها، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو الذي إن فتح باب الرحمة فلا ممسك لها:{مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:2] هذا بيده، كل شيء بيده، وعنده خزائنه سبحانه وتعالى، وإليه المنتهى، وأن إلى ربك المنتهى، منتهى الإرادات ومنتهى المطالب، ومنتهى المنى، كله ينتهي إلى الله سبحانه وتعالى.

أي مخلوق تصورت أنه ممكن أن يعطيك أو يساعدك أو يضرك أو ينفعك ففكر بعقلك من الذي خلقه؟ من الذي أوجده؟ من أعطاه؟ تجد أنك في النهاية تستيقن وتعلم قطعاً أن إلى الله المنتهى، إذاً: يطلب وحده لا سيما وهو كما قال الشاعر:

الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب

إذاً: اطلب الغني الكريم الذي بيده كل شيء، وبيده خزائن كل شيء، ويريد أن تسأله، ويغضب إن لم تسأله وتطلبه، فكيف تلجأ إلى المخلوقين وتتخذ منهم وسائط من دونه؟! إلى أن يقول رحمه الله: (فمن أقبح التشبيه تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات تبارك وتعالى.

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم لهم هذا المنهج، يستطردون ويوضحون، وهذا المنهج لو تأملناه لوجدنا أنه قرآني، فالله تبارك وتعالى في القرآن حتى وهو يأتي بقصة أو بخبر فإنه يأتي بإشارة أو دلالة قوية على أهمية التوحيد، أو تجلية لجانب معين من جوانب التوحيد تتعلق بهذا الموضع، وهكذا الذين يسيرون على منهج القرآن والسنة في الدعوة والفهم والحكمة والبصيرة التي أمر الله تعالى بها، ويأخذونها من القرآن كهذين الشيخين الفاضلين، أي موضع من مواضع التوحيد سواء وهو يتكلم عن مشابهة المشركين ومحبتهم كما في اقتضاء الصراط المستقيم يعرج على موضوع الشرك، في الصارم المسلول يعرج على موضوع الكفر وأنواعه وهكذا.

هنا كما ترون السؤال عن المعاصي، الكتاب كله عن العشق، ومع ذلك عرج إلى الشرك وأطال وهكذا، لعلمه بأهمية التوحيد وأنه أساس كل شيء في هذا الدين.

ص: 4