المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من تواضع نور الدين - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ١٠٤

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌العبر من الحروب الصليبية [1، 2]

- ‌مقدمة في كيفية بدء الحروب الصليبية

- ‌عوامل نجاح الحروب الصليبية

- ‌أولاً: العوامل الداخلية في جسم الأمة

- ‌ثانياً: الفرق الهدامة الرافضة الحشاشون

- ‌العبرة الأولى: المكان الذي يبدأ منه الجهاد

- ‌العبرة الثانية: نور الدين وصموده أمام الصليب

- ‌ترجمة نور الدين بقلم الإمام الذهبي

- ‌عجائب من أخبار نور الدين

- ‌من تواضع نور الدين

- ‌تحكيم نور الدين لشرع الله

- ‌نور الدين وموقفه من المكوس والعشور

- ‌تأسي نور الدين بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رياضة نور الدين

- ‌العبرة من حياة نور الدين

- ‌الأسئلة

- ‌السبب في اختلاف الحملة الصليبية الحالية عما سبقها

- ‌حرب صليبية قادمة

- ‌معنى المكوس

- ‌مطالبة باشتمال المقررات الدراسية على السير الصحيحة

- ‌حكم محبة وتقليد النصارى

- ‌اضطهاد روسيا للدول الإسلامية

- ‌حرب إعلامية والأطراف التي تديرها تستفيد منها

- ‌حكم القتال تحت رآية عمية

- ‌واجبنا تجاه التبرج والسفور

- ‌نصيحة لجنود القوة البحرية

- ‌جهود صلاح الدين

- ‌التاريخ يعيد نفسه

- ‌السبيل إلى القيادة والريادة

- ‌مراجع المحاضرة

- ‌لا دور للشيعة في الحروب الصليبية

- ‌آثار الحرب العالمية الأولى على العالم الإسلامي

- ‌سبب هجرة اليهود إلى فلسطين

- ‌أساسيات الين واضحة ولا تحتاج إلى مؤتمرات

- ‌أسباب اجتماع المسلمين في عهد عماد الدين زنكي

- ‌كيفية التعامل مع أهل الكتاب الذين هم في ديار الإسلام

- ‌نصيحة لمن ابتلي بالسحر

- ‌سبب تأييد مجلس كنائس الشرق الأوسط لقيام دولة فلسطين

الفصل: ‌من تواضع نور الدين

‌من تواضع نور الدين

ومن تواضعه رحمه الله أن أحد القواد أو المقربين إليه قال له في إحدى المعارك: بالله لا تخاطر بنفسك، فإن أصبت في معركة لا يبقى للمسلمين أحد إلا أخذه السيف! فقال: ومن أنا حتى يقال لي هذا؟ حفظ الله البلاد قبلي لا إله إلا هو! يقول: من أنا حتى إذا مت ضاع المسلمون؛ قد حفظ الله البلاد قبلي وبعدي.

انظروا إلى كيفية معرفة عظمة الله سبحانه وتعالى، وهيبة الله وجلاله.

ولهذا نجد شيئاً عجيباً عندما نستعرض شيئاً من موقفه من هذه القضية.

قضية التواضع، أعجب المسلمون إعجاباً شديداً بـ نور الدين محمود، وأخذوا يضجون في الدعاء له لما نصره الله، ولما أبطل المكوس والضرائب والعشور التي كانت تؤخذ من المسلمين، ولما رأوا عدله وجهاده وتمسكه بالسنة كانوا يلهجون له بالدعاء في رمضان وغيره.

قال: وكانوا إذا دعوا له يطيلون في الدعاء، فيمدحونه بما ليس فيه؛ فغضب، وقال: إن خطباء المساجد يبالغون في الدعاء لي؛ فجمع المقربين له وقال لهم: لا بد أن تعدلوا هذا، فكتبوا له صيغة، وكلما وضعوا صيغة يخففها؛ حتى اتفقوا على صيغة واحدة فقط يدعى له بها في المساجد وهي:(اللهم أصلح عبدك الفقير إلى رحمتك، الخاضع لهيبتك، المعتصم بقوتك، المجاهد في سبيلك، المرابط لأعداء دينك، أبا القاسم محمود بن زنكي بن آغ سنقر ناصر أمير المؤمنين)؛ لأنه يدافع نيابة عن الخليفة.

فقط لا يزاد في الدعاء على هذه الصيغة، ولا داعي للمديح والاستطراد فيما لا خير فيه.

ولما قيل له في ذلك وعوتب قال: مقصودي ألا يكذب على المنبر، فأنا بخلاف كل ما يقال، أفرح بما لا أعمل.

يقول: لا أحب أن أحمد بما لم أفعل؛ لأن من قلة العقل أن يقولوا: فتح وجاهد وفعل، وأنا ما فعلت، يقول: تكفي هذه الصيغة.

اكتب بها نسخاً حتى نصيرها إلى جميع البلاد.

ثم قال: ثم يبدءون بالدعاء: اللهم أره الحق حقاً، اللهم أسعده، اللهم انصره، اللهم وفقه يقول: دع الناس يدعون فقط من جنس هذا الدعاء، أما المدح والثناء فأنا لا أريده، ومن قلة العقل أن أدعهم يثنون علي بما ليس فيّ أو بما يغرني ويفتنني.

ولهذا يقول الحافظ الذهبي رحمه الله: (كان ديناً تقياً، لا يرى بذل الأموال إلا في نفع، وما للشعراء عنده نفاق).

لا ينفق عنده سوق الشعراء الذين كانوا يمدحون من قبله ومن عاصره من الملوك والسلاطين، فيحشو فم الشاعر باللآلئ والتي يبلغ ثمن اللؤلؤة الواحدة عشرة آلاف دينار.

لا سوق لهم كما كان عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه.

ولهذا قال فيه أسامة بن منقذ:

سلطاننا زاهدٌ والناس قد زهدوا له فكل على الخيرات منكمش

أيامه مثل شهر الصوم طاهرة من المعاصي وفيها الجوع والعطش

يقول: نحن الشعراء نعتبر أيام الخليفة نور الدين مثل أيام رمضان، طاهرة من المعاصي، لكن فيها الجوع والعطش، الشعراء لا يجدون سوقاً، سواء قالوا القصائد أو لم يقولوا؛ فالأموال تذهب للجهاد.

وهنا نقف وقفة: أسامة بن منقذ هذا كان فيه نوع من الموالاة للصليبيين، وكان يحب الدنيا؛ حتى إنه ذهب مع معين الدين أنر الذي كان في دمشق موالٍ للنصارى، وكان سفيراً بينه وبين الصليبيين، وكثير من الشعراء والكتاب في كل زمان ومكان يبيعون دينهم، ويخونون أمتهم مقابل شيء من المال أو الشهرة، نسأل الله العفو والعافية.

هناك موضوع يتعلق بالرياضة نؤخره قليلاً؛ لأنكم قد تستغربون أن السلطان نور الدين محمود كان له اهتمام بالرياضة، فنؤجل هذا الموضوع؛ حتى نتعرض لمسألة العدل الذي اشتهر به هذه السلطان.

ص: 10