المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌س15/ ما الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية - الأسئلة والأجوبة في العقيدة

[صالح بن عبد الرحمن الأطرم]

فهرس الكتاب

- ‌س1/ عرف العقيدة والمعتقد ولم سيمت بذلك

- ‌س2/ هل يوجد إنسان بلا معتقد

- ‌س3/ ما المعتقد الحق مع ذكر بعض المعتقدات الباطلة وما علاماتها

- ‌س4/ ما التوحيد

- ‌س5/ كم نوعاً للتوحيد؟ وما هي

- ‌س6/ ما أول واجب على المكلف

- ‌س7/ ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ مع ذكر الدليل

- ‌س8/ ما المقصود بتوحيد الربوبية

- ‌س9/ ما المراد بالخلق

- ‌س10/ ما المراد بالملك

- ‌س11/ ما المقصود بالتدبير

- ‌س12/ لماذا نعت أهل الجاهلية بالشرك مع أنهم مقرون بتوحيد الربوبية

- ‌س13/ ما المقصود بتوحيد الألوهية مع الدليل

- ‌س14/ ما مفهوم العبادة في الإسلام

- ‌س15/ ما الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية

- ‌س16/ ما حكم من ترك عبادة الله وعبد غيره مع اعترافه بوجود الله

- ‌س17/ ما الغاية من خلق البشر؟ مع الأدلة

- ‌س18/ ما المقصود بتوحيد الأسماء والصفات

- ‌س19/ ما المراد بالتمثيل والتكييف في توحيد الأسماء والصفات وما المعتقد الصحيح فيها

- ‌س20/ ما مكانة التوحيد من بين العبادات مع بيان فضله

- ‌س21/ عرف الإيمان لغة واصطلاحاً وما أركانه

- ‌س22/ هل الإيمان يزيد وينقص وبم يحصل ذلك

- ‌س23/ ما أسباب زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌س24/ عرف الإلحاد لغة وشرعاً وما الإلحاد في أسماء الله وصفاته؟ مع ذكر أنواعه

- ‌س25/ هل يختلف الدين باختلاف الأنبياء؟ مع التوضيح

- ‌س26/ هل يمكن حصول عبادة الله وحده من دون الكفر بالطاغوت مع الدليل

- ‌س27/ ما المقصود بالشرك

- ‌س28/ ما أنواع الشرك بالتفصيل

- ‌س29/ ما الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر في الآخرة

- ‌س30/ ما الآثار المترتبة على شرك المشرك

- ‌س31/ عرف الطاغوت

- ‌س32/ هل يعرف عدد الطواغيت

- ‌س33/ ما المعنى العام للإسلام والمعنى الخاص

- ‌س34/ كم ناقض للإسلام وما هي

- ‌س35/ ما المراد بالحكم بغير ما أنزل الله وما حكم من حكم بغير ما أنزل الله

- ‌س36/ هل هناك تفاوت بين الموحدين في الجنة

- ‌س37/ ما حكم الخوف من الشرك

- ‌س38/ هل الخوف من غير الله شرك؟ مع بيان أنواع الخوف

- ‌س39/ ما حكم التفرق في الإسلام

- ‌س40/ من هي الفرقة الناجية وما صفاتها وما أبرز خصائصها

- ‌س41/ لماذا تعتبر هذه الفرق فرقاً إسلامية

- ‌س42/ ما المقصود بالكهانة وما تأثير الكهانة على أصول الدين

- ‌س43/ ما هي العرافة وما حكمها مع الدليل

- ‌س44/ ما الأسباب الداعية إلى الكهانة

- ‌س45/ ما الأسباب الداعية إلى إتيان الكهان

- ‌س46/ ما الآثار المترتبة على الكهانة

- ‌س47/ ما الفرق بين الكاهن والعراف

- ‌س48/ ما التنجيم وما حكم تعلمه

- ‌س49/ ما حكم الطواف بالقبور وما الفرق بينه وبين الطواف بالكعبة

- ‌س50/ ما حكم دعاء الأولياء

- ‌س51/ ما حكم تشييد القبور وزخرفتها وما آثار ذلك

- ‌س52/ ما المقصود بالغلو؟ ومن هم أهل الكتاب

- ‌س53/ ما حكم تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌س54/ ما حكم دعاء الرسول، صلى الله عليه وسلم عند قبره

- ‌س55/ ما حكم الدعاء عند قبر النبي، صلى الله عليه وسلم

- ‌س56/ عرف السحر لغة واصطلاحاً وما حكمه مع الدليل

- ‌س57/ هل السحر حقيقة أو خيال

- ‌س58/ هل سحر النبي، صلى الله عليه وسلم، حقيقة ومن سحره

- ‌س59/ هل يتنافى كون النبي سحر مع مقام النبوة

- ‌س60/ ما حكم التداوي من السحر

- ‌س61/ ما المقصود بالطيرة وما حكمها مع الدليل

- ‌س62/ ما الفرق بينها وبين الفأل

- ‌س63/ ما هو التوسل وما حكمه

- ‌س64/ ما هي الشفاعة وما أقسامها مع بيان الجائز منها وغير الجائز والأدلة

- ‌س65/ ما عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم

- ‌س66/ ما أبرز أحكام التلاوة

- ‌س67/ ما حكم هجر القرآن الكريم

- ‌س68/ هل يجوز التداوي بالقرآن الكريم

- ‌س69/ هل التداوي بالقرآن الكريم من الطب الشعبي

- ‌س70/ هل يجوز إهداء تلاوة القرآن إلى الميت

- ‌س71/ ما حكم قراءة القرآن في المآتم والحفلات

الفصل: ‌س15/ ما الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية

بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} وصبغة الله دينه، فحياة المؤمن ولحمه وعروقه كلها لله {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ} وقال الله ـ تعالى ـ فيمن عاند في صرف العبادة لغير الله:{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} .

* * *

‌س15/ ما الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية

؟

الجواب: الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية فأقول وبالله التوفيق هذه مسألة عظيمة لا يستغني عن معرفتها والعلم بها واحد من المسلمين لأنها مبنى الدين وأساسه ومنطلق الرسالات.

فتوحيد الربوبية: الإقرار بأن الله الخالق الرازق المدبر لجميع الكائنات.

أما توحيد الألوهية فمعناه إفراد الله بالعبادة واجتناب الشرك به والكفر بما يعبد من دون الله وهذا معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله وهذا المعنى هو ما تبينه الآيات الكثيرة في

ص: 15

القرآن فمنها ما جاء على وجه التفسير لها كقوله ـ تعالى ـ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} ومنها ما جاء على وجه الأمر بعبادة الله وحده ونفي العبادة عما سواه وجاء ذلك على لسان جميع الرسل من نوح إلى محمد، عليهم الصلاة والسلام، كل واحد منهم يقول لقومه:{يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ومن الآيات ما وردت على بيان وجه الغرض من إرسال الرسل كقوله ـ تعالى ـ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وكقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} فكلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله هي مفتاح دار السلام وهي أول واجب على الإنسان وآخر ما يخرج بها من الدنيا كما قال عليه الصلاة والسلام في أول دعوته: «أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» وفي الحديث الآخر: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين أن يختم لنا بها.

ومن الفروق أن الإقرار بتوحيد الربوبية لا يدخل في الإسلام لما يأتي من الأدلة كقوله ـ تعالى آمراً نبيه محمداً، صلى الله عليه وسلم، بأن يسأل قومه لما أبوا النطق بلا إله إلا الله من المالك

ص: 16

الخالق الرازق فيجيبون بأنه الله فهم يعترفون بوجوده وإيجاده للخلق والرزق ويقرون بقدرته على التصرف لكنهم لما أمروا بأن يصرفوا أفعالهم له أبوا وامتنعوا وقالوا: {أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} فلما أنكروا العبودية لم يدخلوا في الإسلام بإضافة أفعال الله له لأن أفعال الله لا مدخل لهم فيها وإنما المطلوب والغرض أن يؤدوا ما خلقهم الله من أجله، لأن الله جعل لهم في أفعالهم مشيئة واختياراً بعد مشيئة الله فأما خلق الكائنات فلا مجال لإنكاره وحتى خلقهم مسيرين لا مخيرين قال ـ تعالى ـ:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فأسند الفعل الأول له وطلب الفعل الثاني منهم وهو عبادته كما أمر الله بها في عدة آيات، فعبادة الله امتثال لأمره وترك العبادة معصية لخالقهم فمن هذه العجالة يتضح معنى لا إله إلا الله بأنه لا معبود بحق إلا الله وهذا أوضح تفسير لها فتقييد العبادة "بحق" ليبطل ما يصدر من العبادات الباطلة لسائر ما يتأله من دون الله.

ومن الفروق: لو كان توحيد الربوبية يدخل في الإسلام ما قاتل الرسول، صلى الله عليه وسلم، كفار قريش لاعترافهم بقدرة الله وإيجاده للخلق قال ـ تعالى ـ: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ

ص: 17

فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} وقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} فما هذا التذكر والتقوى التي طلبت منهم ووبخوا بالانصراف عنها ما هي إلا إفراد الله بالعبادة فلو كان الإقرار بقدرة الله هو الإسلام لكانوا متقين ومتذكرين وما استحقوا التوبيخ لعدم التقوى والتذكر ولما وصفوا بالإفك في قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} ولما طلبت منهم التقوى وقد أقروا بأنه الرازق المحيي المميت المدبر في قوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} .

ومن الفروق أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية بمعنى أن من أقر بقدرة الله تلزمه طاعته وأجل الطاعات إفراده بالعبادة والملزوم قد يحصل ممن لزمه وقد لا يحصل لما اتضح لنا من صنيع كفار قريش، وأما توحيد الألوهية أي من قال لا إله

ص: 18

إلا الله محمد رسول الله فأفرد الله بالعبادة على ما شرعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهو متضمن لتوحيد الربوبية بمعنى أن العبادة لا تصدر من عاقل لمعدوم إذًا من عبد الله فإنه لم يعبده إلا إقراراً بوجوده وقدرته وهكذا توحيد الأسماء والصفات فإن لله أسماء حسنى وصفات عليا فنصفه بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله، صلى الله عليه وسلم، من غير تكييف ولا تمثيل كما قال ـ تعالى ـ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فإفراد الله بالعبادة يتضمن إفراده بالأسماء الحسنى والصفات العليا ومن اعترف بالأسماء والصفات وإنفراده بها لزمته عبادة الله، لكن قد يأتي الإنسان بما يلزمه وقد لا يأتي به.

ومن خلال ما تقدم تتضح الحاجة إلى معرفة تقسيم العلماء التوحيد إلى ثلاثة أقسام توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، والذي دفعهم إلى هذا التقسيم هو توضيح الرد على الذين يقرون بتوحيد الربوبية ويجعلون أول واجب هو النظر والقصد إلى النظر في الكائنات وهذا خلاف ما ثبت بالأدلة من أن أول واجب الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله كما هو

ص: 19