المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوصية الأولى: الاعتصام بالتقوى - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٤٣

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌الوصية الأولى: الاعتصام بالتقوى

‌الوصية الأولى: الاعتصام بالتقوى

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه ومصطفاه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: حقيقة إنها لفرصة أن نتكلم استجابة لرغبتكم -أثابكم الله- وإلا فلا جديد عندي في هذه الساعة، إلا ما أحب دائماً أن أوصي نفسي وإخواني به، ولعله مما يناسب مثل هذا اللقاء -كما نعلم- هو أن أوصي إخواني جميعاً بتقوى الله تبارك وتعالى فإنها رأس كل خير، وهي التي أمر الله تبارك وتعالى بها عباده المؤمنين، فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71] وكما في آيات كثيرة.

وهذه الآية السابقة لها دلالة ومعنى عظيم، جديرٌ بنا أن نقف عنده وأن نتأمله.

وهو أن الله سبحانه وتعالى رتَّب على التقوى والقول السديد، أمرين عظيمين وفائدتين كبيرتين؛ فجعل هذه جواباً لتلك، لأن الأمر هنا في قوة الشرط، وكأنه قال: إن تتقوا الله وتقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم.

فما من مؤمن ولا مسلم إلا وهو يريد هذين الأمرين ويتمناهما ويسعى من أجلهما: أن يصلح الله سبحانه وتعالى عمله، وأن يغفر الله له ذنبه، وماذا بعد هذا من خير.

وهذا الخير العظيم يحصل بتقوى الله التي هي مراقبة الله تبارك وتعالى في السر والعلن، وامتثال كل ما أمر الله به، واجتناب كل ما نهى الله عز وجل عنه، وأن يطيع العبد الله على نور من الله، وهو يرجو نعمة الله ورحمته، وأن يجتنب ما حرم الله على نور من الله وهو يخاف عذاب الله، وهذا تفسير طلق بن حبيب للتقوى.

وأما علي رضي الله عنه فقد عرفها بأنها: [[العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل]].

وفسَّرها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه تفسيراً آخر، فقال:[[اتقوا الله حق تقاته: بأن يُطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يكفر]].

وكل هذه معانٍ واحدة ومتقاربة، والمهم أن يحصل هذا الأمر كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً بقوله:{اتق الله حيثما كنت} أي: في بيتك وأهلك وفي عملك؛ اتق الله وأنت وحدك تخلو؛ فإن الإنسان كما قال الشاعر:

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب

فإن الله سبحانه وتعالى مُطّلع عليك، ومن هنا اتق الله حيثما كنت كل منا في أي قطاع كان وفي أي مجال وفي أي ميدان؛ فهو عبد لله تبارك وتعالى، ويجب عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى في هذا المجال وفي هذا الميدان؛ وإن بقي في مكان أو نقل أو سافر أو ذهب؛ فيجب عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى، ويحقق الله له -بذلك- هذا المكسب العظيم الذي كل واحد منا يسعى إليه.

ص: 2