المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دعوة الراغب المحب للحق - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٦١

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌دعوة الراغب المحب للحق

‌دعوة الراغب المحب للحق

الحكمة تكون باللين في التعامل مع الراغب المقبل للحق، ويكون التبيين له بالرفق، وبالهدوء قليلا ًقليلاً.

وأيضاً: من الحكمة مع هذا الراغب: أنك قد تقسو -أحياناً- عليه وإن كان حبيباً عزيزاً مخلصاً وحريصاً على الدعوة، ولكنك تلين مع إنسان أقل من ذلك بكثير، وهذا من الحكمة.

تأملوا في فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الثلاثة الذين خلفوا، وماذا قال لـ كعب، وهو من أهل العقبة ومن معه كانا شهد بدراً، والذين قيل لهم:{اعملوا ما شئتم فقد غُفر لكم} ومع هذه المنزلة، وهذه القدم الراسخة بالإيمان وبالدين، نزلت بهم تلك العقوبة، عقوبة قاسية، ويكفيكم في بيان قسوتها، أن الله عز وجل وصفها، فقال:{حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:118].

عقوبة شديدة جداً ومع ذلك جاء المعذرون من الأعراب، والمنافقون جاءوا يقولون: والله يا رسول الله، والله ووالله يحلفون الأيمان، فيقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيذهبون، أين العقوبة؟ لماذا لم تنزل عليهم حينذاك؟ هذه هي الحكمة، هذا الشاب المستقيم الذي عرف الحق والدعوة، إذا ارتكب موبقة، فإنك تقسو عليه، لا قسوةً تنفره ولكن قسوة تردعه، لأنك تضمن رجوعه بإذن الله، لما تعلم لديه من الإيمان، ولما تعلم أن قسوتك عليه وقولك له: أنت مخطئ وما كنت أظنك تعمل كذا، هذا كذا وكذا بقوة، هذا تجعله يخاف ويرتجف ويرتعد لأنه وقع في خطأ عظيم، لكن ضعيف الإيمان أو الذي في أول أمره من الدعوة.

قد تقول له: استغفر الله وتب ولا تعد إلى ذلك، ولا تيأس وهكذا، فهذه من الحكمة.

ص: 15