المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدم الوفاء بالنذر في مكان عيد الكفار - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٦٧

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌حكم الاحتفال بأعياد الكفار

- ‌معنى العيد

- ‌عمل المسلم في يوم عيد الكفار

- ‌أقسام الذين يقيمون الأعياد

- ‌النهي عن التشبه عام في جميع المشركين والكفرة

- ‌حكم أعياد الكفار

- ‌بيع سلع يتوسل بها إلى الشبه

- ‌الأدلة في حكم الاحتفال بأعياد الكفار

- ‌النهي عن الموالاة والمشابهة للكفار

- ‌بدعية الأعياد

- ‌الأصل في المسلمين مخالفة المشركين

- ‌الأدلة التفصيلية في حكم الاحتفال بأعياد الكفار

- ‌الذين لا يشهدون الزور

- ‌للمسلمين عيدان فقط

- ‌عدم الوفاء بالنذر في مكان عيد الكفار

- ‌حديث: (لكل قوم عيداً وهذا عيدنا)

- ‌عدم مشاركة المسلمين لأعياد الكفار من أول الإسلام

- ‌تميزنا بعيد الجمعة

- ‌الأنبياء يستخدمون التقويم القمري

- ‌إجماع السلف على عدم حضور أعيادهم

- ‌ما ورد من آثار عن الصحابة والتابعين

- ‌الشروط العمرية

- ‌النهي عن تعليم رطانة الأعاجم

- ‌النهي عن البناء والإقامة عندهم

- ‌عدم مشاركتهم في أسمائهم

- ‌إجماع الفقهاء على تحريم مشابهة الكفار ودخول أعيادهم

- ‌الحلول المعينة على درء منكر إقامة أعياد الكفار

- ‌النصح باللسان

- ‌نشر المحاضرات والفتاوى

- ‌التوعية في المدارس

- ‌تعليق تراجم للفتاوى في الشركات

- ‌دور وسائل الإعلام

- ‌المعاقبة والردع عن المنكر

- ‌وضع تعميم على السفارات والقنصليات وغيرها

- ‌الأسئلة

- ‌حكم العمل مع من يقيم هذه الحفلات

- ‌موقف النبي في يوم عاشوراء

- ‌حكم وسائل الإعلام التي تبث أعياد الكفار

- ‌حكم بيع كروت التهنئة بأعياد الكفر

- ‌نصيحة لمن يذهب إلى أعياد الكفار للتمتع

- ‌حكم تنصب الكفار على مؤسسات في بلاد إسلامية

- ‌حكم تهنئة رؤساء الدول الكافرة بأعيادهم

- ‌حكم السماح لهم بالاحتفالات بأعيادهم

- ‌علاقة الديموقراطية بالاحتفال بأعياد الكفار

- ‌حكم قبول هدايا الكفار في يوم عيدهم

الفصل: ‌عدم الوفاء بالنذر في مكان عيد الكفار

‌عدم الوفاء بالنذر في مكان عيد الكفار

ومن الأدلة: حديث ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً بـ بوانة - وهذا في كتاب التوحيد قد جعله الشيخ محمد بن عبد الوهاب باب "لا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله" فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: {هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية؟ قال: لا.

قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قال: لا، قال: فأوفِ بنذرك، فإنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم} وهذا حديث صحيح أصله في الصحيحين وهو بلفظه هذا على شرط الصحيحين كما ذكر رحمه الله.

وبعد أن ذكر الروايات الأخرى، قال: " وجه الدلالة، أن هذا الناذر كان قد نذر أن يذبح نعماً: إما إبلاً وإما غنماً، وإما كانت قضيتين في بمكان سماه: بوانة يقال: إنها قريب من ينبع، مكان قريب معروف في أيامهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها كذا أو هل كان فيها كذا؟ فهذا يدل على أن الذبح في بمكان عيدهم ومحل أوثانهم معصية لله تعالى من وجوه: الوجه الأول: أنه قال صلى الله عليه وسلم: {فأوفِ بنذرك} لماذا هذه الفاء؟ هي تعقبية، وتعني أن الحكم مترتب على ذلك -أي: فتفي بنذرك- فإذا لم يوجد محظور فأوفِ بنذرك، فلو لم يكن كذلك لقال: لا تفِ به.

الوجه الثاني: أنه عقب بقوله: {لا وفاء لنذر في معصية الله} ومعنى ذلك أنه لو كان هناك ما يوجب التحريم لما جاز.

إذاً كأنه قال له: حيث لا يوجد مانع ولا يوجد ما يقتضي التحريم ولا يجعله معصية؛ فأوفِ بنذرك، فدل ذلك على أن هذا معصية لا يوفى بالنذر فيها، أي لو كان مكانه عيداً من أعياد الجاهلية.

الوجه الثالث: يقول: إنه لو كان الذبح في موضع العيد جائزاً، لسوغ النبي صلى الله عليه وسلم للناذر الوفاء به، كما سوغ لمن نذرت أن تضرب بالدف؛ أن تضرب به، بل لأوجب الوفاء به، إذا كان الذبح بالمكان المنذور واجب " فنلاحظ أن وجه الدلالة -هذا- دقيق، وقد يكون واضحاً إن شاء الله.

إذا كان الإنسان لا يجب عليه فعل من الأفعال، ولكن نذر أن يفعله وهو طاعة، فيكون حكمه الوجوب عليه، والنهي عن النذر معروف، لأنه يستخرج به من مال البخيل، لكن لو نذر وجب عليه أن يفي بنذره.

الوجه الرابع: أنه وجب عليه أن يفي بنذره بعد أن انتفت الموانع، فإذا كان الوفاء بالنذر أشد حكماً، لأن حكمه الوجوب والآخر حكمه الإباحة من الشيء الذي أصله مباح.

فإذاً المقتضي والداعي لأن يفعله الرجل في هذا المكان أشد، وهذا واضح وظاهر، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بمانع يمنع هذا الوجوب الواضح الظاهر القوي، دل ذلك على قوة هذا المانع، فإنه لو وُجِدَ لما جاز له أن يفعله.

إذاً: وجود عيد من أعياد الجاهلية في هذا المكان مانع قوي، يجعلك لا تفعل، ولو نذرت، فكيف لو تطوع أحد، وذهب إلى بقعة من البقاع التي فيها أعياد المشركين، فهذا يكون بلا ريب حراماً، والحديث يدل على ذلك أشد مما يدل على دلالته في عدم الوفاء بالنذر.

وهناك ملحوظ آخر في هذا الحديث، وهو أنه إذا كان من أجل تخصيص البقعة -وهو الظاهر -فهذا إنما نهي عن البقعة لأنها موضع عيدهم، ولهذا لما خلت من ذلك أذن في الذبح لهم، فقصد التخصيص باق، فعلم أن المحظور تخصيص بقعة عيدهم، فكيف نفس عيدهم.

أي: إذا كانت بقعة العيد يحرم فعل الشيء فيها، حيث لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم عيد؛ بل جاء أن هذا كان في آخر أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الرجل سأله في حجة الوداع؛ بعد أن طمست أعياد الجاهلية جميعاً، إنما الاتفاق في الموقع فقط، ومع ذلك يسأله النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال: نعم يا رسول الله! كان فيها عيد، لقال: لا تفعل.

فكيف إذا اتفق الزمان والمكان ووجود الكفار واحتفالهم وحضورهم؟! لا شك أن هذا يدل دلالة قطعية على تحريم ذلك والله المستعان.

ثم أعاد رحمه الله الكرة وهذا مهم جداً في أن أعياد الكتابيين أشد، فإذا كان هذا الزجر والنهي كما في هذا الحديث عن أعياد الجاهليين، فالكتابيين اليهود والنصارى النهي في حقهم أشد.

ص: 15