المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ممن يطلب العفو - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٧٣

[سفر الحوالي]

الفصل: ‌ممن يطلب العفو

‌ممن يطلب العفو

يقول تعالى في حديث آخر: {يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي} سبحان الله! لا يبالي مهما كان عظم ذنبه! فأين المستغفرون؟! وأين الأوابون؟! وأين التائبون؟! فيكفي أن تقبل على الله وأن تطرق باب الكريم الودود، فلا يردك أبداً، ولا يخيبك أبداً، فالله عز وجل منه المفر وإليه الملجأ، كما جاء في دعائه صلى الله عليه وسلم:{أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك} .

فنخاف من الله، لأننا أذنبنا، وأسرفنا على أنفسنا بالمعاصي، فماذا نفعل؟ نلجأ إلى الله، فمنه المهرب وإليه الملجأ، فلا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك يا رب العالمين.

فهكذا يفتح الله سبحانه وتعالى وهو الغني الحميد الباب أمام العباد الفقراء المحتاجين العاجزين أن هلموا، وتعالوا إلى الفضل والرحمة والمغفرة، وتعالوا إلى الله بقلوب مؤمنة مستغفرة تائبة، فعندها يُبدِّلُ الله سيئاتكم حسنات.

فالله لا يرد من أتاه سبحانه وتعالى ولا يخيب من رجاه، وهل هناك أكرم من الله عز وجل؟! فلو تخلَّى الله عن هذا التائب العائد إلى الله، فإلى من يعود؟! وإلى من يلجأ؟! لا إلى أحد، فهذا من سعة فضل الله ومن سعة كرمه -جل وعلا- فهو يبسط يديه بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ومع ذلك أين العباد من هذا؟! نجد أن أكثر الناس غافلون، لاهون، منغمسون في دنياهم، لا يقول أحدهم: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، كم من المؤمنين من يستغفر الله! {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ:13].

فكيف بالكافرين وهم أكثر من المسلمين، الذين لا يستغفرون الله تبارك وتعالى، ولا يرجون اليوم الآخر؟! ولذلك يلقونه وأوزارهم على ظهورهم، وتعجل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ولا يظلم الله سبحانه وتعالى أحداً، فما عملوا من عملٍ، فيه إحسان أو خير، إلا عجل لهم الجزاء به في الحياة الدنيا، من عافية ومالٍ، وزيادةٍ في النماء، والذكر عند الناس، لكنهم يلقون الله وليس لهم عنده شيء.

أما المؤمن الذي يرجو لقاء الله، فإنه يستغفر الله سبحانه وتعالى ويعلم أنه مذنب، والاستغفار لتضمنه الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى والانكسار والذل والخضوع له سبحانه وتعالى؛ كان بهذه المثابة العظيمة، وكان هذا فعله في الذنوب.

والمهم أن يكون المستغفر مستغفراً حقاً، وأن يكون صادقاً في أوبته إلى الله تبارك وتعالى، وأن يكون راجياً طالباً لذلك، وينظر إلى ذنبه، وكأنه جبل يوشك أن يقع عليه.

فهذا هو استغفار عباد الله الصالحين: {يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم} .

ص: 8