المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النهي عن اتباع الأهواء - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٩٣

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌شرح آيات سورة المائدة

- ‌فضائل سورة المائدة وذكر بعض أحكامها

- ‌سورة المائدة آخر سورة نزلت كاملة

- ‌سورة المائدة أكثر ذكراً لآيات الأحكام

- ‌وقفة مع آية من سورة المائدة، وأخذ الأحكام منها

- ‌الأقوال في سبب نزول هذه الآيات

- ‌سبب تغيير اليهود لحد الزنا

- ‌القول الأول في سبب النزول

- ‌سبب حكم النبي صلى الله عليه وسلم بموافقة التوراة

- ‌من علامات الحكام بغير ما أنزل الله

- ‌تحريف التوراة والإنجيل

- ‌القول الثاني في سبب النزول

- ‌الراجح في سبب نزول وأقوال العلماء في تنزيلها

- ‌تعقيبات الشيخين أحمد ومحمود شاكر على الآثار الواردة في الحاكمية

- ‌مناظرة أبي مجلز للخوارج

- ‌تعلق بعض المنتسبين للعلم بخبر أبي مجلز

- ‌حقيقة واقع السؤال والإجابة

- ‌توضيح كون التبديل إعراض عن شرع الله

- ‌توضيح لواقع هذه القوانين

- ‌وجه احتجاج الزنادقة على تفضيل أحكام القانون الوضعي

- ‌أحوال الحاكم المسلم الذي حكم بغير ما أنزل الله

- ‌تفسير ابن كثير لآيات الحكم من سورة المائدة

- ‌القراءات في قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا)

- ‌هل شرع من قبلنا شرع لنا

- ‌قول أبي حنيفة بقتل المسلم بالكافر

- ‌أهواء المدرسة العصرية

- ‌تحريف التوراة والإنجيل وهيمنة القرآن

- ‌هل التخيير في الحكم بين الكفار منسوخ

- ‌تتمة تفسير ابن كثير لآيات الحكم في سورة المائدة

- ‌الوجه الأول في تفسير قوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)

- ‌الوجه الثاني في تفسير قوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)

- ‌وجوب الحكم بما أنزل الله

- ‌النهي عن اتباع الأهواء

- ‌الفرق بين الشورى والديمقراطية

- ‌تفسير قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ)

- ‌التتار يحكمون بغير ما أنزل الله

- ‌التتار والحكم بغير ما أنزل الله

- ‌نشأة القوانين الوضعية

- ‌نشأة دولة التتار

- ‌انحراف التتار في فهم الإسلام

- ‌الأحكام التشريعية في الياسق

- ‌حكم القوانين الوضعية والتحاكم إليها

- ‌القوانين الوضعية في القرن العشرين

- ‌فساد القوانين الوضعية

- ‌محابة الشريعة الإسلامية

- ‌خطر القوانين الوضعية

- ‌القوانين الوضعية كفر بواح

- ‌النهي عن موالاة اليهود والنصارى

- ‌خطر تولي اليهود والنصارى

الفصل: ‌النهي عن اتباع الأهواء

‌النهي عن اتباع الأهواء

ثم قال: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة:49] فاختتم الآية بهذا.

يقول ابن كثير رحمه الله: 'أي: أكثر الناس خارجون عن طاعة ربهم، مخالفون للحق ناكبون عنه، كما قال تعالى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103] وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] ' الآية.

فليست العبرة بالأكثرية، وهنا حكمة عظيمة لا سيما في زمننا هذا فأكثر الناس فاسقون، وأكثر الناس يريدون حكم الجاهلية، ولذلك هل نعرض دين الله وشريعة الله للتصويت، ونأخذ رأي الشعب؟ وهل نحكمهم بالقرآن أم بالقانون الفرنسي؟! ولذلك يقول الله تعالى:{إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة:49] أي: أن أكثرهم يريدون الشهوات، ويريدون انتهاك الحرمات، كمثل الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم في السفينة، لا يريدون أن يصعد أحدهم إلى من فوقهم ويستقي الماء، بل يريدون أن يخرقوا ويشربوا مما يليهم، وهذا حال الكثير من الناس.

فليست القضية قضية ديمقراطية، إنما هي قضية اتباع ما أمر الله به مهما قل العدد، ويجب أن ندعو الناس إلى ما أنزل الله وألَاّ نتبع أهواءهم وألَاّ نرد الأمر إلى آرائهم؛ لأن آراء الناس عجيبة جداً، فترى الناس سواسيه في الطريق وفي العمل وفي الشارع، وتقول: الحمد لله لأن الناس متفقون، لكنك لو قمت باختبارهم لرأيت العجب العجاب، فرجل له رأي في الربا، وآخر له رأي في تعدد الزوجات، وآخر له رأي في نظام معين، ولا يوجد أحد منهم يحتقر رأيه، بل كل إنسان منهم مستعد أن يقول: هؤلاء العلماء الكبار ليس عندهم علم، ثم يبرر موقفه، ويقول: انظر كيف أفتوا في هذه، وكذلك أجهل الناس في السياسة والاقتصاد.

وهذه مشكلة أصحاب الهوى، فإذا وكلنا دين الله إلى هذه الأهواء ماذا نلقى؟ فرجل لم يعجبه الدين كله، وآخر يقول: الدين حسن لكن عندي عشر مسائل أو خمس لم تعجبني، وهكذا يريدون أن يكون الدين على شهواتهم، ثم المسألة المتفق عليها بعضهم عنده فيها نظر، فيقول: الخمر لا بأس أن تقول إنه حرام، لكن نبيحه في الفنادق والقنصليات والسفارات، ويقول: أنا أعلم أنه حرام، ولكن نحن في القرن العشرين فلا بد أن نعطي هؤلاء الناس مزية، وهكذا الزنا فهو يقول: الزنا حرام، ولكن هؤلاء لو أتو بمصائبهم معهم نتركهم، وهكذا.

فالذي يتفق معك في المبدأ يختلف معك في التفاصيل، فكيف بالذي لا يوافقك حتى في أصل المبدأ، ماذا تكون النتيجة؟ إنها أهواء كما ذكر الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن يجتمع الناس على رأي، وإنما الذي يجب أن يخضع له كل الناس هو ما أنزله الله وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة:48] فمهما كانت هذه الأهواء فلا نتبعها وإن كثرت؛ لأنك إذا سلمت بالمبدأ وهو أن أهواء الناس ورغباتهم هي المعيار لن يبقى لك من الدين شيء، بل أنت يامن تريد أن تمالئ الناس ستأتي فترة من الزمن يقولون فيك: إنك لا تصلح، وكنت تظن أنهم يحبونك.

فيجب أن يُعلم أن القضية ليست قضية أهواء، إنما هي قضية اتباع ما أنزل الله سبحانه وتعالى، لأنه لو رُد الأمر إلى أهواء الناس لما صلحوا ولما اتفقوا، فهم يريدون أن يجعلوا العالم متوافقاً مع رغباتهم، والرغبات تختلف، وبهذا لن يكون عندنا عالم، وهكذا الحاكم والمدرس وأشكال الأسواق إلخ.

ص: 33