المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوعد الحق والوعد المفترى - دروس للشيخ سفر الحوالي - جـ ٩٨

[سفر الحوالي]

فهرس الكتاب

- ‌القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى

- ‌المقدمة

- ‌الحكمة من وجود الصراع مع اليهود

- ‌أهمية عرض الدرس

- ‌مشروع عملية السلام

- ‌تنبيه على تأليف الرسالة

- ‌الخلاصة

- ‌الوعد الحق والوعد المفترى

- ‌مستند الوعد المفترى

- ‌سبب سعي النصارى لتحقيق الوعد المفترى

- ‌الملل والمسيح المنتظر

- ‌الأحداث الكبرى في تاريخ المنطقة

- ‌العلاقة بين النظام الدولي الجديد وحكومة المسيح الدجال

- ‌الألفيون وهرمجدون

- ‌مصدر الإنجيليين في عقيدة الرفع في سحاب رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي

- ‌الصراع بين اليهود والأصوليين الإسلاميين

- ‌الساعون لتحقيق الوعد المفترى

- ‌الطاعون الأسود

- ‌العلاقة اليهودية البروتستانتية

- ‌ظهور الصهيونية النصرانية

- ‌ظهور الأصولية الإنجيلية

- ‌الإعلام الديني

- ‌نجوم أصولية

- ‌جيري فولويل

- ‌بات روبرتسن

- ‌جورج أوتس

- ‌السفارة النصرانية الدولية

- ‌مؤتمر بال الثاني

- ‌السلام المزعوم

- ‌الرفض المشترك للسلام

- ‌منطقة فتن وملاحم لا منطقة أمن وسلام

- ‌السلام عند دعاة الأصولية الإنجيلية

- ‌نتائج مشروع السلام

- ‌الخاتمة

- ‌مقترحات للمواجهة

- ‌إعلان المبادئ

- ‌الأسئلة

- ‌دور نصارى البروتستانت في دعم عقيدة أرض الميعاد

- ‌قول علماء فلسطين في مؤتمر مدريد والصلح مع اليهود

- ‌شراء المصانع الروسية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي

- ‌موقف المسلم من مؤتمر السلام

- ‌دور المسلم بين القيام بواجبات التعبد، والعمل على نصرة الأمة

- ‌موقف الحزب الحاكم في سوريا من أهل السنة والجماعة

- ‌كتاب إظهار الحق

- ‌دين عيسى عليه السلام عند نزوله لقتل الدجال

- ‌المؤتمر الإسلامي المنعقد في الخرطوم

- ‌معوقات الجهاد من خارج الأراضي الفلسطينية

- ‌علاقة أزمة الخليج وتداعياتها بمؤتمر السلام في فلسطين

- ‌جهود بعض الطوائف لدعم دولة إسرائيل

- ‌علاقة الأنظمة العربية مع إسرائيل

- ‌علاقة الحكومة المصرية مع دولة إسرائيل

- ‌الضوابط الشرعية للدخول في صلح مع الأعداء

- ‌النظر إلى فريضة الجهاد على أنها ليست الحل الأمثل لصراعنا مع اليهود

- ‌الغرض من عملية السلام عند اليهود والنصارى

- ‌عقيدة أهل السنة والجماعة في المهدي

- ‌الدعوة في المجتمعات الكافرة عن طريق المناظرات العلنية

- ‌كتاب برتوكولات حكماء صهيون

- ‌كتاب المسيح الدجال لسعيد أيوب

الفصل: ‌الوعد الحق والوعد المفترى

‌الوعد الحق والوعد المفترى

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين، وبعد: فإن القضية التي سنتطرق إليها ليست بعيدة عن واقعنا اليومي، فنحن في كل يوم وساعة وفي كل وسيلة إعلام أو مجلس نسمع أو نتحدث عن هذا الحدث الكبير الذي يسمونه: مشروع السلام بين العرب واليهود، ولا شك أن ما يحدث في مدريد هذه الأيام لهوَ حدث كبير جدَّاً بكل المعايير الدينية والنفسية والتاريخية، ولا أدل على ذلك من اهتمام وسائل الإعلام الغربية به تفسيراً وتحليلاً، حتى أن الغرب تناسى مشاكله الداخلية وقضاياه الكبرى، واشتغل قادته ومفكروه وصحافيوه وأفراد شعبه كله بهذه القضية، وملاحقة هذا الحدث لحظة بلحظة!! إن السر في هذا ليس مجرد أن نزاعاً إقليمياً يراد الصلح بين طرفيه؛ لأن ما تم في مدريد يفوق ذلك بمراحل كثيرة، إنه معلم تاريخي كبير يراد به إحداث انعطاف هائل في صراع مزمن بين عقيدتين وحضارتين وتاريخين متناقضين! وها هي ذي الجذور: إن مدريد في الحقيقة هي محطة لقطار طويل انطلق منذ خمسة آلاف سنة، وسيستمر إلى أن تقوم الساعة، ومدريد ومن بعدها واشنطن وموسكو الخ محطات عابرة على هذا الطريق الطويل، وهو طريق الوعد الذي وعد الله سبحانه وتعالى به نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام، ووعد به صالح ذريته من بعده وتلتقي عند هذا الوعد كل الأديان الثلاثة المعروفة في العالم فالمسلمون عندهم في هذا الوعد دعوى ثابتة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم -كما سنبين- واليهود والنصارى عندهم فهمهم لهذا الوعد الذي افتروه على الله سبحانه وتعالى.

ومن ثم فإن الصراع في أصوله ليس بين قوتين أو بين عنصرين، وإنما هو صراع بين وعدين، بين الوعد الحق والوعد المفترى، وبالتالي فهو صراع بين عقيدتين: عقيدة التوحيد التي جاء بها نبي الله إبراهيم وجددها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وسيجددها آخر الزمان سيدنا عيسىابن مريم عليه السلام، وبين دعوة الشرك والخرافة والدجل التي أسسها الرهبان والأحبار فيما كتبوه من عند أنفسهم، وقالوا: هذا من عند الله، وما هو من عند الله، ابتداءً بحاخامات اليهود ومروراً بـ بولس شاوول، ثم البابوات الضالين المضلين وانتهاء بـ هرتزل ومن كان معه، ثم ينتهي الأمر إلى النهاية المؤكدة في آخر الزمان بظهور مسيحهم الدجال.

وعندما يلتقي المسيحان: المسيح ابن مريم عليه السلام، والمسيح الدجال ويذوب الدجال كما يذوب الملح في الماء لولا أن المسيح يقتله.

عندها تنتهي هذه المعركة الطويلة بين هذين الوعدين أي: بين الأمتين اللتين تؤمنان بهما، أمة الإسلام من جهة واليهود والنصارى من جهة أخرى.

هذه هي القضية، ولذلك فإن ما يجري في مدريد ليس للصلح والسلام، وإنما هو تأييد وإيمان بالوعد المفترى، وتكذيب وكفر بالوعد الحق، وهذا هو جوهر القضية وأساسها، ولا يشغلنا بعد ذلك الحديث في تفصيلات الوقائع والأحداث.

ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد اختار بلاد الشام فقال: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين:1 - 3].

وأسكن فيها إبراهيم الخليل عليه السلام، وهنالك بدأ هذا الوعد الذي يرجع إلى خمسة آلاف سنة تقريباً، ومن هناك بدأت القضية والمعركة؛ أي: منذ إبراهيم عليه السلام الذي اختاره الله وجعله إماماً للناس، ومن ثم أمره أن يأتي إلى هذه الأرض المباركة الطيبة، وأن يجدد بناء البيت العتيق، عند هذه النقطة بدأ الخلاف والمعركة بين أتباع هذه الأديان الثلاثة -التي أشرنا إليها-.

ص: 8