المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تدبر في إخباره تعالى عن تسبيح حملة العرش ومن حوله واستغفارهم للمؤمنين - دروس للشيخ صالح المغامسي - جـ ٤٠

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌كان خلقه القرآن

- ‌ذكر أوصاف خَلْق رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌من الميلاد إلى البعثة

- ‌تأملات قرآنية في سورة غافر

- ‌تدبر في فاتحة سورة غافر

- ‌تدبر في إخباره تعالى عن تسبيح حملة العرش ومن حوله واستغفارهم للمؤمنين

- ‌الملائكة وأعمالهم

- ‌فضل الإيمان والفرق بينه وبين الكفر

- ‌ثقل الذنوب وفضل الاستغفار

- ‌تمام فرحة المؤمن وقراره وبهجته في الجنة

- ‌تدبر في حال أهل النار

- ‌تدبر في بعض آيات الله الدالة على صفات كبريائه

- ‌تدبر في قصة مؤمن آل فرعون وحياة يوسف عليه السلام

- ‌تدبر في قوله تعالى: (هو الحي لا إله إلا هو فادعوه)

- ‌تدبر في آية الأمر بأخذ العفو والإعراض عن الجاهلين

- ‌ذكر بعض أسباب قسوة القلوب

- ‌البعد عن الفحشاء وأثره على العبد

- ‌تدبر في أمر الله ورسوله بالازدياد من العلم

- ‌الأسئلة

- ‌بيان معنى قوله تعالى: (وإخوان لوط)

- ‌العادة النبوية وشرط حصول الأجر في اتباعها

- ‌خطوات الإلمام بعلم التفسير

- ‌حكم لبس خاتم في يد وآخر في الأخرى

- ‌درجة خبر ما يذكر به حملة العرش ربهم

- ‌بيان معنى قوله تعالى: (فضحكت)

- ‌توجيه لمشاهدي القنوات الفضائية

- ‌حد الساحر وحكم توبته

- ‌سبل معرفة الله تعالى

- ‌قطوف من حياة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

- ‌بيان المراد بقول الله تعالى تعبيراً عن نفسه وحده (نحن)

- ‌حكم المسابقات المجراة في الصحف والمجلات

- ‌حكم المنقول عن بني إسرائيل

- ‌نصيحة لمغتاب العلماء وطلبة العلم

الفصل: ‌تدبر في إخباره تعالى عن تسبيح حملة العرش ومن حوله واستغفارهم للمؤمنين

‌تدبر في إخباره تعالى عن تسبيح حملة العرش ومن حوله واستغفارهم للمؤمنين

قال الله جل وعلا في سورة غافر: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:7].

العرش سقف المخلوقات، والله جل وعلا مستو عليه استواءً يليق بجلاله وعظمته، ومع استواء الله جل وعلا على العرش فإن للعرش حملة يحملونه، قال سبحانه:(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) فهذه طائفة، ثم قال:(وَمَنْ حَوْلَهُ) الواو للعطف، والعطف يقتضي المغايرة، أي أن من حول العرش غير حملة العرش، فحملة العرش يحملون العرش، ومن حول العرش يطوفون حول العرش، وكلهم مخلوقون عبيد مقهورون لرب العالمين جل جلاله يسبحون بحمده ويكثرون من ذكره، قال الله عنهم:(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) عظم علمهم بالله فعظم فرقهم من الرب تبارك وتعالى، وعظم إجلالهم له جل وعلا، عرفوا ربهم فخافوا منه.

والعبد كلما كان بالله أعرف كان له أتقى ومنه أخوف، قال صلى الله عليه وسلم:(مررت ليلة أسري بي وجبريل كالحلس البالي من خشية الله) وهو صلى الله عليه وسلم يقول: (أما إني أعلمكم بالله وأشدكم لله خشية) فما دام عليه الصلاة والسلام أعلم الخلق بالله فهو -صلوات الله وسلامه عليه- أشد الخلق لله خشية.

يقول سبحانه: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ).

نقول كما قال الله: إن الله تعالى مستغن عن حملة العرش ومن حول العرش والعرش، وحملة العرش وسائر الخلق فقراء كل الفقر إلى الرب تبارك وتعالى، والله جل وعلا وحده له الكبرياء، فكتب على عباده أن يسجدوا له، والسجود أعظم ذلة من حيث الموطن والموقع، وكلما ذل الإنسان لربه وعرف أنه ما من نعمة إلا والله وليها، ولا من نقمة إلا والله قادر على أن يرفعها، كلما علم أن الله وحده، وأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]، وكلما تيقن أن الله يخلق ويرزق ويعطي ويمنع ويخفض ويرفع، وأنه لا يستحق أن يعبد أحد بحق إلا هو سبحانه، وأن الله جل وعلا وحده له رداء العزة والكبرياء، وأنه لا يطلب شيء إلا بالله، ولا تدفع نقمة إلا بالله، ولا ينال مرغوب إلا به سبحانه وتعالى، كلما تيقن بذلك دل ذلك على علمه بربه تبارك وتعالى.

وهو الذي فيه وعليه قضى أنبياء الله حياتهم صلوات وسلامه عليهم أجمعين، قال نوح:{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح:13 - 14]، وقال الله تعالى لآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم:{قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام:15]، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162 - 163].

ص: 6