المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌وسوسة الشيطان أيها المسلمون: إن الإنسان جسدٌ وروح؛ فكما يتأثر بالمادة - دروس للشيخ صالح بن حميد - جـ ٢٩

[صالح بن حميد]

الفصل: ‌ ‌وسوسة الشيطان أيها المسلمون: إن الإنسان جسدٌ وروح؛ فكما يتأثر بالمادة

‌وسوسة الشيطان

أيها المسلمون: إن الإنسان جسدٌ وروح؛ فكما يتأثر بالمادة وأسبابها؛ من طعامٍ وشراب، وحَرٍّ وقَرٍّ، وغذاءٍ ودواء، فإنه يتأثر بالمؤثرات الروحية بإذن الله.

فالشيطان وجنوده جعل الله لهم تسلطاً على بني آدم: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً} [الإسراء:64]، {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17].

وأخبرنا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم أنه: {ما من أحدٍ من بني آدم إلا قد وُكِّل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي؛ إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير} أخرجه مسلم.

وفي خبر عند مسلم أيضاً: {إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه} .

بل إن هذا التأثير -أيها الإخوة- منه ما هو وسوسة وإيحاء، ومنه ما هو محسوس وملموس.

وتظهر الوسوسات والإيحاءات في صورٍ وأحوال من الدوافع والانفعالات؛ ففي هاجس الفقر، وحب المال، ومسالك الفحشاء:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:268].

وفي حب الأولاد والعواطف: {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ} [الإسراء:64]{النظرة سهم من سهام إبليس} .

وفي انفعالات الغضب يتغلغل الشيطان ليخرج المرء عن طوره المعتدل، فيسب ويشتم ويقطع الرحم ويطلِّق، وفي الحديث:{إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم} متفق عليه.

حتى انفعالات الغيرة النسائية -أيتها الأخوات المسلمات- للشيطان فيها نصيب، فحينما افتقدت عائشة رضي الله عنها حبيبها محمداً صلى الله عليه وسلم ذات ليلة أدركتها الغيرة، فقال عليه الصلاة والسلام لها:{أوقد جاءك شيطانك؟! فقالت: أوَمعي شيطان؟! قال: نعم، قالت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم} رواه مسلم.

بل إن الشيطان قد يبث المخاوف في النفس ويهز القلوب بالقلق والحزن: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175]، {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة:10].

ويترقى ذلك إلى بث النزعات العدوانية: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء:53].

وفي الخبر عند الشيخين: {إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن لم ييئس من التحريش بينهم} .

ص: 4