المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقفنا تجاه العولمة - دروس للشيخ عبد الرحمن السديس - جـ ١٠٥

[عبد الرحمن السديس]

الفصل: ‌موقفنا تجاه العولمة

‌موقفنا تجاه العولمة

إن هذه المصطلحات تحدٍ كبير يحتاج إلى الغيورين في الأمة لرصدها والتصدي لها من وجهة شرعية، كما أنها قضية تحتاج إلى النظر فيها بدقة وتفهم لإمكان الاستفادة من إيجابياتها التي لا تتعارض مع مصالح أمتنا الإسلامية وثوابتها العقدية والشرعية، وتبقى الحقيقة المُسَلّمَةُ في منطلق هذه الصيحات والمصطلحات، وهي المشعل الوضاء في نهاية نفق الحياة المليء بالكيد والمؤامرات، فلن تهزم هذه المصطلحات بإذن الله عقيدة الإيمان المتغلغلة في نفوس المسلمين بحمد الله، وإنه لا يمكن للمسلين أن يواجهوا هذه التحديات إلا بتوحيد الجهود وتنسيق المواقف في منظومة متآلفة متألقة في عالم يموج بالتحولات وتعصف بعوامل استقراره المتغيرات.

ألا فليعلم سماسرة العولمة في عالمنا الإسلامي أن أمتنا الإسلامية بتاريخها وأصالتها لن تفرط في شيء من ثوابتها، ولن تتنازل عن شيء من خصائصها مهما عملوا على خلخلة البنى التحتية الثقافية والأخلاقية في كثير من المجتمعات، فلن نعمل مستوردين لأنماط العادات والموضات والتقليعات في بعدٍ عن قيمنا ومبادئنا، لقد خيل لبعض المنهزمين أمام حضارة الغرب ممن استعبد الغزو الفكري قلوبهم أن السبب فيما أصاب أمتنا من ضعف وتأخر كان نتيجةً حتميةً لتمسكهم بدينهم.

الله المستعان عباد الله! كيف انخدعت فئام من الأمة؟!

وكيف انحدرت إلى هذا المستوى من الواقع المرير؟!

احتلت فلسطين الصامدة المجاهدة، واستبيحت مقدساتها المسلمة، وعبث يهود بأرضنا المباركة، ونحيت شريعة الله في كثير من البلاد، بل أقيمت المتاريس ضدها في أجيال انتزعت هويتهم، وتربوا على فكر أعدائهم، وصممت جملةٌ من مناهج التعليم ووسائل الإعلام في كثير من بلاد المسلمين، فأخرجت أجيالاً نافرةً من دينها منسلخةً عن قيمها، فخرجت تنعق بدعوات الغربية، وتعتنق أفكار الجاهلية، وترى في الدين تأخراً ورجعيةً، فإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ألم يئن الأوان يا أمة الإسلام! أن تعي الأمة رسالتها؟ وأن تتعرف على الخلل الكبير في حضارة أعدائها؟

يا أهل الإسلام! يا من أعزكم الله بهذا الدين! وشرفكم بحمل أمانته يوم أن عجزت السماوات والأرض والجبال، إن عليكم مسئوليةً كبيرةً تجاه دين الله تعلماً وتعليماً وإصلاحاً ودعوةً، فالدين قادمٌ بحمد الله، لا بد أن تستيقن الأمة بمراتب اليقين كلها أنه لا مخلص لعالم اليوم من أزماته الخانقة، وأوضاعه المتردية إلا الإسلام على عقيدة التوحيد الصافية، والمتابعة الصحيحة للمنهج السليم كتاباً وسنةً في فهم سلف الأمة.

وإن الناظر الغيور، ليأسى أشد الأسى من تضييع الأمة لكثير من الفرص في الدعوة إلى دين الله، واستثمار وسائل العصر الحديثة كالفضائية من القنوات، والعالمية من الشبكات ووسائل المعلومات، فأين من يحمل هموم العمل للإسلام؟ هاهو العالم يفتح صدره للإسلام، فأين العاملون المخلصون بمنهج قويم وأسلوب سليم؟

كفى حزناً للدين أن حماته إذا خذلوه قلنا كيف ينصر؟!

ص: 4