المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قيام العلماء والدعاة بواجب الدعوة إلى الله - دروس للشيخ عبد الرحمن السديس - جـ ٥١

[عبد الرحمن السديس]

الفصل: ‌قيام العلماء والدعاة بواجب الدعوة إلى الله

‌قيام العلماء والدعاة بواجب الدعوة إلى الله

معاشر المسلمين! لقد كان منهجه صلى الله عليه وسلم في دعوته أعظم منهج وأكمله، وهديه فيها أتم هدي وأفضله، أولى جانب توحيد الله الاهتمام البالغ، وتحلى بالرفق والصبر والأناة والحكمة، فأثمرت دعوتُه رحمة بالأمة، ودخولاً لها في دين الله، ورفعة لكلمة الله، ومحبة وسلاماً ووئاماً بين عباد الله، وشهد العالم بحسن دعوته عليه الصلاة والسلام، حضارة إسلامية عالمية عريقة، لم يشهد التاريخ لها مثيلاًَ.

وسار على منهجه في دعوته صحابته الكرام، عليهم من الله الرحمة والرضوان، والتابعون لهم بإحسان؛ فحفظ الله بهم الدين، فكانوا نِعْم الرجال المخلصين، والعلماء العاملين، وأصبحوا أسود الوغى وليوث العرين.

رهبان ليل إذا جن الظلام بهم كم عابد دمعُه في الخد أجراهُ!

وأسد غابٍ إذا نادى الجهاد بهم هَبُّوا إلى الموت يستجدون رؤياهُ

وهكذا العلماء والدعاة في كل زمان وحين.

هم الأئمة الأعلام، وبدور النور والتمام.

الأمة بهم تهتدي، والناس بحسن دعوتهم تقتدي.

هم الأقطاب الذين تدور عليهم معارك الأمة، والأنوار التي تنجلي بها غياهب الظلمة.

هم نجوم الأمة اللامعة، وشموسها الساطعة.

بالعلماء العاملين، والدعاة الصادقين يُحفظ دين الأمة، وتُشاد معالم الملة، وتُرفع راية السنة، وتُصان عزة الأمة وكرامتها.

هم السياج المتين، والدرع المكين، والحصن الحصين، الذي يحول بين الدين وأعدائه المتربصين.

وهم النور المبين، الذي تستنير به الأمة عند اشتباه الحق وخفائه.

هم ورثة الأنبياء في أممهم، وأمناؤهم على دينهم.

عليهم أُخذ العهد والميثاق لتبليغ ميراث النبوة.

وهم شهداء الله في أرضه، والحماة لدينه وشرعه.

ينفون عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

فليس في الأمة مثل العلماء الربانيين، والدعاة الصادقين، نَصَحَةً ومخلصين.

يعلِّمون دين الله، ويرشدون عباد الله، ويقودون الأمة إلى شاطئ الأمان وبر السلام.

فكم تعبوا والناس مستريحون؟!

وكم دأبوا والناس غافلون؟!

وكم نفع الله بهم البلاد وأصلح بهم العباد؟!

يحثون الأمة على الخير والرشاد، ويحذرونها من أسباب الشر والفساد.

يدينون بالولاء، والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

يؤلفون القلوب، ويصدون عن الأمة الغارات والخطوب.

فهم صِمام الأمان في المجتمع حقاً، وأهل الخير في الأمة صدقاًَ.

فحقٌ على الأمة معرفة فضلهم ومكانتهم وسبقهم، والقيام بتقديرهم وتكريمهم، وحقٌ عليهم أن يسلكوا المسار الصحيح في الدعوة، ويبذلوا جهودهم للنهوض بمستواها، والجد في دعوة الناس إلى ظلها وحماها.

ص: 5