المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنبيهات مهمة بين يدي الموضوع - دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود - جـ ١٣

[عبد الرحمن بن صالح المحمود]

فهرس الكتاب

- ‌التوكل على الله

- ‌تنبيهات مهمة بين يدي الموضوع

- ‌حقيقة التوكل ومعناه عند السلف

- ‌الأدلة الواردة في فضل التوكل على الله

- ‌قوله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)

- ‌قوله تعالى: (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا)

- ‌قوله تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت)

- ‌قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم)

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين

- ‌قوله تعالى: (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)

- ‌قوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم)

- ‌المسائل التي بها يتحقق التوكل على الله

- ‌معرفة الله بأسمائه وصفاته

- ‌إخلاص التوحيد لله تبارك وتعالى

- ‌فعل الأسباب دون الاعتماد عليها

- ‌حسن الظن بالله سبحانه وتعالى

- ‌أنواع التوكل

- ‌التوكل على الله في أمور لا يقدر عليها سواه

- ‌التوكل في الأسباب الظاهرة المادية

- ‌الوكالة في الأمور العادية

- ‌درجات الناس في توكلهم على الله

- ‌أصناف الذين ضلوا في باب التوكل على الله

- ‌آثار التوكل على الله سبحانه وتعالى

- ‌التوكل ينجي الإنسان مما يخافه من الفقر

- ‌التوكل على الله سبب في عون الإنسان على فعل الأوامر واجتناب النواهي

- ‌التوكل على الله يزيل عن النفس الخوف والرعب

- ‌إمداد المتوكل بالقوة

- ‌التوكل على الله يكسب الإنسان الرضا بما قسم الله له

- ‌التوكل على الله لا ينافي فعل الأسباب

- ‌الأسئلة

- ‌نقص التوكل عند الناس في حال الخطبة وطلب الزواج

- ‌حكم من يقول: لولا أمريكا وقوات الدول الكبيرة لذهبت الجزيرة

- ‌طلب الدواء لا ينافي التوكل على الله

الفصل: ‌تنبيهات مهمة بين يدي الموضوع

‌تنبيهات مهمة بين يدي الموضوع

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بالتوكل عليه وحده فقال:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان:58].

وأصلي وأسلم على البشير النذير محمد بن عبد الله، أفضل من توكل على ربه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى من سار على نهجهم واقتفى أثرهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها تبارك وتعالى كيف يشاء، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- كان كثيراً ما يدعو ويقول:(يا مقلب القلوب والأبصار! ثبت قلبي على دينك).

وحينما تشتد الشدائد على المسلمين وتنزل بهم البلايا والمحن فليس لهم من معين، وليس لهم من سبب يتمسكون به إلا الله الواحد القهار، جبار السموات والأرض، بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله سبحانه وتعالى.

أيها الأخ المسلم! لا شك أن موضوع التوكل على الله موضوع مهم؛ لأنه يتعلق بأعمال القلوب، ولأنه أيضاً يتعلق بحياة الناس كلها، في ذهابهم ومجيئهم، ليلاً ونهاراً، وفي أمورهم كلها، لذلك فسنتعرض لهذا الموضوع من عدة نواحٍ، وقبل أن أتحدث عن هذا الموضوع بفقراته المختلفة أود في هذه المقدمة القصيرة أن أعرض لبعض المسائل المهمة.

أولاً: أنه يجب التفريق في مسائل أعمال القلوب -من التوكل والمحبة والرجاء والخوف والإنابة والاستعانة وغيرها- بين العلم النظري وبين العمل القلبي، فإنسان قد تكون عنده معرفة، وربما يحفظ الآيات والأحاديث الواردة في هذا الباب، أو في باب الخوف أو الرجاء أو المحبة أو نحوها، ولكنك تجده في داخل قلبه وفي أعماله ربما يخالف ما في علمه، وهذه قضية مهمة جداً، ومن ثم فعلى العبد أن يربي نفسه، وأن يهيئ قلبه لئلا يخاف إلا الله، وأن لا يرجو إلا الله، وأن يحب المحبة الخالصة لذاته إلا الله سبحانه وتعالى، وأن لا يتوكل إلا على الله وحده لا شريك له، وهكذا، حتى تتربى في النفوس معاني العبادة ولا تبقى نظرية.

الأمر الثاني: أنه يجب على كل مؤمن ومؤمنة وعلى كل مسلم ومسلمة أن يتدبرا كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليتعرفا على أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، وليعرفا معانيها ودلالتها، ويعرفا آثارها في القلوب والنفوس.

ونحن نعلم جميعاً أننا نقرأ في كتاب الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:20]، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام:73]، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر:23] إلى آخر الآيات التي فيها ذكر لأسماء الله وصفاته، لكن ما معاني هذه الأسماء؟ ما هي دلالاتها؟ وما هي آثارها على النفوس والقلوب؟ هذه المسألة ينبغي أن نعنى بها، وأن نربي عليها أنفسنا وأسرنا، حتى يعلم الإنسان أن العبد إذا عرف معاني أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته امتلأ قلبه تعظيماً لله، وامتلأ قلبه خوفاً من الله ومهابة له، فأثر ذلك على سلوكه وأخلاقه وعلى فعله للأوامر واجتنابه للنواهي.

ولا شك أن من تدبر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سيجد فيهما ما يغنيه ويكفيه، والله تبارك وتعالى أمرنا بطاعته وطاعة رسوله واتباع شرعه واتباع ما أوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن ومن السنة التي سماها الله سبحانه وتعالى وحياً.

ص: 2