المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة مسجد الضرار - دروس للشيخ عبد الرحمن المحمود - جـ ١٨

[عبد الرحمن بن صالح المحمود]

فهرس الكتاب

- ‌حلقات تعليمية - السيرة النبوية في العهد المدني - غزوة تبوك

- ‌غزوة تبوك مواقفها ودروسها

- ‌سبب تسمية غزوة تبوك بهذا الاسم

- ‌تاريخ وقوع غزوة تبوك

- ‌سبب غزوة تبوك، وسبب تسميتها بغزوة العسرة

- ‌بعض دلائل النبوة التي وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك

- ‌بروز خطر النفاق في غزوة تبوك

- ‌قصة مسجد الضرار

- ‌إرادة المنافقين قتل النبي صلى الله عليه وسلم عند عودته من تبوك

- ‌نماذج من أحداث المنافقين مع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

- ‌دروس ووقفات في قصة الثلاثة

- ‌أهمية الصدق

- ‌العقوبة بالهجر

- ‌تنكر الأشياء للعاصي

- ‌استغلال أعداء الإسلام للخلاف إذا وقع بين المسلمين

- ‌تخلي المؤمن عن لذاته وشهواته في حال الجهاد

- ‌وجوب استغلال فرص الطاعة والقربة

- ‌دروس من غزوة تبوك

- ‌دعوة الإسلام دعوة عالمية

- ‌الصراع مع النصارى صراع عقائدي

- ‌أهمية الجهاد في سبيل الله بالمال

- ‌وجوب النفير على من استنفره الإمام

- ‌التحذير من دخول ديار المعذبين والمغضوب عليهم

- ‌وجوب الثبات على طريق الدعوة

- ‌وجوب الجهاد في سبيل الله عز وجل

- ‌الأسئلة

- ‌تآمر أعداء الإسلام على المسلمين

- ‌سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن مس العين التي في تبوك

- ‌علة الأمر بالإسراع عند المرور بمدائن صالح

- ‌الطريقة السليمة للتدريب على الصبر والجهاد

- ‌الأجر يشمل كل أنواع الجهاد

- ‌حكم الهجر أكثر من ثلاثة أيام

- ‌معنى قوله تعالى: ((وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا))

- ‌سبب تخصيص حذيفة رضي الله عنه بأسماء المنافقين

الفصل: ‌قصة مسجد الضرار

‌قصة مسجد الضرار

أما القسم الثاني فيما يتعلق بالمنافقين فهي تلك القصة العجيبة الغريبة المتعلقة بمسجد الضرار، ومسجد الضرار هذا مسجد بناه المنافقون قبل ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، حيث كان هناك رجل نصراني عربي اسمه أبو عامر الراهب؛ سمي الراهب لأنه كان نصرانياً، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم الفاسق، فهذا النصراني ذهب إلى هرقل ملك الروم وجلس معه يخططان لضرب المسلمين في داخل الجزيرة العربية، واتفقا على خطة معينة، فقال أبو عامر الراهب، لمن يسير على خطاه من المنافقين في المدينة: إنني لا أستطيع أن أرسل لكم الرسل يفضحون ويُعلم بحالهم، فما رأيكم لو أنكم بنيتم مسجداً؟ هذا المسجد يكون ظاهره أنه للصلاة، ولا يشك أحد فيه، ويكون في الحقيقة مكاناً نجتمع فيه، وإذا أرسلت إليكم رسولاً يجدكم في ذلك المسجد.

فبنوا المسجد، وأتى المنافقون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا له: يا رسول الله! إنا بنينا مسجداً للضعفة، وللناس في الليلة المطيرة والشاتية، وإننا نريد منك -يا رسول الله- أن تصلي فيه، يريدون أن يجعلوا من صلاة رسول الله صلى الله علي وسلم شهادة لهم وتغطية للدور الحقيقي الخفي الذي يريدون أن يقوم به هذا المسجد، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عصمه الله من أن يصلي فيه، فقال لهم:(إنا مسافرون غداً إلى تبوك، ونصلي فيه إذا رجعنا إن شاء الله)، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أعلمه الله بحقيقة هذا المسجد، وأنزل فيه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:107 - 110].

فلما نزلت هذه الآيات أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عدداً من الصحابة إلى ذلك المسجد فأمر بهدمه وإحراقه بما فيه.

وهكذا حال مساجد الضرار التي ظاهرها للصلاة وللخير والدعوة، ولكن في باطنها ضرارٌ وكفرٌ وتفريقٌ بين المؤمنين وإرصادٌ لمن حارب الله ورسوله من قبل، وما أكثر مساجد الضرار في عالم المسلمين اليوم! وما أشد حاجتنا وحاجة المسلمين إلى أن نتدبر هذا الأمر ونتدبر هذه العظة من هذه الغزوة! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال: لأنه مسجد تعالوا لنغير القائمين على المسجد ونضع فيه إماماً من عندنا ومؤذناً من عندنا.

وإنما أمر بإحراقه؛ لأنه بني على أساس فاسد، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أصحابه أن ما أنشئ لغير وجه الله لا يكون فيه الخير أبداً.

ص: 8