المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وعيد الله للكفار إن لم يتوبوا - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٤٣

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌ويمكرون ويمكر الله

- ‌أسباب تسليط الله للمؤمنين على الكافرين

- ‌مكرهم برسول الله عليه السلام

- ‌ادعاؤهم المقدرة على الإتيان بمثل القرآن

- ‌طلبهم إنزال العذاب بهم

- ‌أسباب رفع العذاب والشدائد

- ‌ما جعله الله لهذه الأمة أماناً من الاستئصال

- ‌لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌الصد عن سبيل الله والاستهزاء بالمسلمين من أسباب تسليط المسلمين على الكافرين

- ‌فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً

- ‌جهود النصارى لتكفير المسلمين خائبة

- ‌دعوة المسلمين للإنفاق في سبيل الدعوة إلى الله

- ‌الحكمة من ابتلاء الله للناس بالكفر والإيمان

- ‌تمييز الخبيث من الطيب

- ‌تبين من يصبر على الإسلام فيستحق الجنة

- ‌تميز عبد الله بن حذافة رضي الله عنه بالثبات على الدين

- ‌فتح باب التوبة للكفار والمنافقين

- ‌وعيد الله للكفار إن لم يتوبوا

- ‌وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة

- ‌لا وضع للسلاح حتى يكون الدين كله لله

- ‌معنى أنه لا إكراه في الدين

- ‌موقف الإسلام ممن انتهى عن عداوته وممن لم ينته

الفصل: ‌وعيد الله للكفار إن لم يتوبوا

‌وعيد الله للكفار إن لم يتوبوا

ونحن نقول لكل الذين يحاربون الإسلام أياً كان نوع الحرب؛ سواء كانت حرباً حارة أو باردة، حرب سلاح أو أفكار، من الخارج بالعداء السافر، أو من الداخل بالنفاق:{إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38] فإن الله عز وجل كما أخبر عن نفسه: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى:25]، ونحن ندعوهم إلى التوبة، ونقول لهم: ويلكم! آمنوا وادخلوا في طاعة الله، ولا تحاربوا الله ورسوله؛ فإن من حارب الله ورسوله فإن الله {غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].

وماذا يكون لو لم ينتهوا، وعادوا لحرب الإسلام والمسلمين مرة أخرى، وعادوا للعناد والمكابرة والطغيان في الأرض وأذية المسلمين وإرهابهم وإزعاجهم، وعادوا إلى الطعن في الإسلام والنيل من دين الله والسب له ولرسوله لو عادوا {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الأنفال:38].

وجواب الشرط محذوف، وجملة (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) ليست هي جواب الشرط، ولكنها تعليل لجواب الشرط المحذوف، أي: وإن يعودوا نعد لإهلاكهم وقتلهم بسيوف المسلمين والملائكة، فقد مضت سنة الله عز وجل في الأولين أنه يأخذ الطغاة والمتكبرين والكفرة والمعاندين لدين الله تعالى أخذ عزيز مقتدر.

وهذه الآية فيها بشرى لنا إذا استقمنا على دين الله، وإن أوذينا فيه، وإن حاربنا طغاة الأرض، وسلطوا علينا صواريخهم وأسلحتهم الفتاكة، ووجهوا إلينا كل ما يوجهونه من أذى وبلاء وفتن، فإننا على ثقة بنصر الله سبحانه وتعالى، لكن بالشرط السابق؛ وهو أن نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع، وبشرط أن نصلح الأوضاع الداخلية والخارجية، وأن نتفقد الأمور كما أمر الله عز وجل بني إسرائيل بألا يدعوه إلا بعد أن يغيروا شيئاً مما في واقعهم، وإذا غيروا شيئاً مما في واقعهم فإنهم يدعونه، وإذا دعوه فإن رحمة الله قريب من المحسنين بعد التغيير والدعاء والتضرع.

أيها الإخوة! إن سنة الله في الأولين إهلاك الطغاة، وقد ينتفخ الباطل ويظهر مخيفاً كما يحدث في أيامنا الحاضرة، ويعجز المؤمنون عن دفعه، لكن نهايته قريبة، واضمحلاله وشيك، ولربما لم تستكمل شروط النهاية بعد، وإذا استكملت هذه الشروط فإن الله سبحانه وتعالى سوف يقذف بالحق على الباطل بعد أن يتفقد المسلمون أنفسهم وأوضاعهم، وقد تطول مدة الابتلاء، لكن من المؤكد أن لكل ليل فجراً، ولكل طغيان نهاية؛ لأن الله تعالى وعدنا وقال:{وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الأنفال:38]؛ فهذا وعد منه سبحانه بإهلاك المتجبرين والطغاة، والمعاندين للإسلام، والمحاربين لأولياء الله عز وجل وجنده، وهذه سنة الله في الأولين التي تتكرر عبر التاريخ، لكنها قد تتأخر لاسيما حينما لا تتوفر أسباب تواجدها، فعلينا أن نبحث عن الأسباب التي بها نستجلب نصر الله عز وجل، ثم علينا بعد ذلك أن نحسن الظن بالله، وأن نوقن بأن نصر الله قريب، وأن رحمة الله قريب من المحسنين.

ص: 18