المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌دين الإسلام أمان للبشرية - دروس للشيخ عبد الله الجلالي - جـ ٥٥

[عبد الله الجلالي]

فهرس الكتاب

- ‌فاستمسك بالذي أوحي إليك

- ‌أمر الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته بالاستمساك بالقرآن

- ‌القرآن الكريم شرف لهذه الأمة وتبليغه مسئوليتها

- ‌تشريف أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام والقرآن

- ‌مسئولية تبليغ هذا الدين إلى جميع الأمم

- ‌آثار غفلة المسلمين عن دين الله عز وجل

- ‌ظهور الوثنية من جديد في بلاد الإسلام

- ‌خروج المستضعفين من المسلمين من دين الله

- ‌القرآن الكريم شرف ومسئولية

- ‌وجوب التضحية والجهاد في سبيل تبليغ هذا الدين

- ‌نصر الله تعالى لعباده كائن لا محالة

- ‌لابد من ظهور هذا الدين مهما حاربه الأعداء

- ‌شمولية دين الإسلام لكل مناحي الحياة

- ‌لا فرق بين العبادات والمعاملات في دين الإسلام

- ‌الحكم بما أنزل الله من دين الإسلام

- ‌أهل الأهواء والشهوات وموقفهم من أحكام الدين

- ‌دين الإسلام أمان للبشرية

- ‌لا يمكن تحقق الانضباط للأمم إلا بالإسلام

- ‌الإسلام منهج سياسة

- ‌الإسلام منهج إعلام مفيد هادف

- ‌الإسلام منهج اقتصاد متكامل

- ‌وجوب تطبيق القرآن والعمل به في كل شئون الحياة

- ‌العمل بالقرآن في واقع النفس والأهل

- ‌تبليغ القرآن للمجتمع كله

- ‌الأسئلة

- ‌دور المسلم تجاه المنكرات الموجودة وتجاه مخططات أعداء الإسلام

- ‌الطرق التي تبلغ بها دعوة الله عز وجل

- ‌وجوب تبليغ العلم وعدم كتمانه

- ‌حكم إحياء ليلة النصف من شعبان

- ‌فضل صلاة الفجر وكيفية دعوة الآخرين للمحافظة عليها في جماعة

- ‌حكم ابتداء الرافضي بالسلام ورده عليه

- ‌حكم وضع العشب الأخضر على القبر بعد دفن الميت

- ‌حكم الإفطار للمريض بفشل الكلى عند عملية الغسيل

- ‌التحذير من خروج النساء إلى الأسواق متبرجات

- ‌حكم من ترك الصلاة فترة من الزمن لأنه كان مريضاً

- ‌هيئات الإغاثة الإسلامية هيئات مأمونة للتبرع بالمال

الفصل: ‌دين الإسلام أمان للبشرية

‌دين الإسلام أمان للبشرية

إذاً: نقول: هذا الدين هو أيضاً منهج أمنٍ لهذه الأمة، وحينما يجلد شارب الخمر إنما يحافظ على الأمن وعلى العقول، وحينما يجلد الزاني إنما يحافظ على الأعراض وعلى الأنساب، وحينما يجلد القاذف إنما يحافظ على السمعة، وحتى لا تكون الفاحشة ألعوبة يتحدث بها كل الناس بدون دليل، وحينما يقتل المرتد إنما يحافظ على المعتقدات حتى لا تتخذ لعبة، ولذلك فالإسلام يعطي غير المسلم حرية التفكير ليختار هذا الدين الجديد العظيم، لكنه حينما يدخل في هذا الإسلام ثم يريد أن يخرج منه نقول له:(من بدل دينه فاقتلوه).

وهكذا نجد أن الإسلام يؤمن هذا الإنسان على حياته وعلى عقله وعلى جسده وعلى سمعته وعلى معتقده وعلى ماله، قال الله عز وجل:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة:33] إنما يريد الله عز وجل بذلك -والله أعلم بمراده- أن يؤمن هذه الأمة حتى تنطلق في هذه الأرض لا تخشى إلا الله عز وجل؛ ولذلك أمر بعقوبة المحاربين وهكذا.

إن البشرية جميعاً بحاجة إلى هذا القرآن لتحكمه من أجل أن تأمن وتطمئن، والعالم الذي قدم أكثر من ثلاثين مليوناً من البشر في الحربين العالميتين يريد أن يؤمن نفسه، ومع ذلك لم يستطع أن يحقق لنفسه الأمن، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعا إلى هذا الدين في أرجاء هذا العالم إنما أراد الأمان لهذا العالم، ولذلك الله تعالى يقول:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:55]، وقوله تعالى:(فِي الأَرْضِ) أي: في كل الأرض، ولذلك يقول خباب بن الأرت رضي الله عنه: جئنا ذات يوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وهو متوسد بردة له تحت الكعبة نائم، فأيقظه الصحابة رضي الله عنهم وقالوا:(يا رسول الله ألا تدعو لنا؟ ألا تستنصر لنا؟ -وهم يلقون ما يلقون من المشركين من الأذى- فجلس الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: لقد كان يؤتى بالرجل ممن كان قبلكم، فيحفر له في الأرض، فيوضع المنشار على مفرق رأسه، فيقسم إلى قسمين، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه ما يصرفه ذلك عن دين الله، ووالله! ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون).

إذاً: الأمن جاء مع هذا الدين، والأمم التي تبحث عن الأمن في وسائل الدمار لم تحقق الأمن لنفسها ولا لغيرها، والأمم التي تريد أن ينام الناس على اللهو واللعب وعلى المحرمات من أجل أن يتخدروا لا تستطيع أن تكون آمنة؛ لأن هذه الشعوب لربما تستيقظ في ساعة من الزمن ولكن على الجماجم والأشلاء.

فالأمن لا يتحقق إلا بتطبيق شرع الله عز وجل، وبتحكيم كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك يقول الله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179]، كان العرب يقولون في الجاهلية: القتل أنفى للقتل، وقال الله تعالى:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) أي: سعادة، فلو كان هناك رجل معتدٍ وقاتل ومتمرد، فهذا يقتل، وحينئذ تتحقق الحياة، وتحقق الرفاهية والأمن والطمأنينة لهذه الأمة.

ص: 17