المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العبرة من القصص السالفة الذكر - دروس للشيخ علي القرني - جـ ١٧

[علي القرني]

فهرس الكتاب

- ‌اقصد البحر وخل القنوات

- ‌اختلاط المشارب والغبش الحاصل في الطريق

- ‌الفتور في التربية مما حرف البعض عن الهدف

- ‌الثمرة المرجوة من هذا المقصد

- ‌أهمية الإخلاص والمتابعة في السير إلى الله

- ‌أثر الإخلاص والمتابعة في الطريق إلى الله

- ‌طلب وجه الله في العمل مهما كلف من تبعات

- ‌التخلص من حب المدح والثناء سبب للوصول إلى الله

- ‌الثبات مع الصدق حياة للأعمال وخلود للأقوال

- ‌حقيقة الإخلاص

- ‌علو الهمة

- ‌حمل النفس على الجد محمود العواقب

- ‌بين الصالح والبطال علو الهمة

- ‌أمثلة لأبواب الخير تدرك بالهمة العالية

- ‌أمثلة من قصص السلف في علو الهمة

- ‌إبراهيم الحربي يكتب اثني عشر ألف جزء

- ‌طلب العلم عند بعض السلف

- ‌من همم صبية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌همة سفيان بن عيينة في طلب الحديث

- ‌العبرة من القصص السالفة الذكر

- ‌المطلوب من المؤمن تجاه دينه

- ‌الإنفاق في سبيل نشر الدين بالمستطاع

- ‌التربية السليمة على منهاج السلف

- ‌ترك النواح والإقبال على العمل

- ‌حمل الدعوة كل وفق تخصصه

- ‌المضي في الدعوة والعمل وترك الالتفات إلى الخلف

- ‌اقصد طريق اليمن وخل طريق الشام

- ‌الثبات على الدين

- ‌الإمام أحمد ومحنة خلق القرآن

- ‌تميز الداعية في حياته

- ‌توجيهات تعين الداعية على التميز

- ‌الاتزان والعدل في كل الأمور

- ‌الرفق في التعامل

- ‌الشعور بالمسئولية

الفصل: ‌العبرة من القصص السالفة الذكر

‌العبرة من القصص السالفة الذكر

يا طالب العلم! ويا داعية الإسلام! كن على جادتهم وإن أبطأ بك المسير، فإن قدوة القوم يرعى القافلة، أنت لا تملك نفسك، حتى يسوغ لك أن تمنحها إجازة.

يا من أنت الآن في إجازة: إنما أنت وَقْف لله، فإذا لمع لك فجر الأجر، فليهُن ظلام التكليف.

إذا ضاقت عليك قناة أو طريق، فشُق إلى البحر ألف طريق.

إذا أغلق عليك باب دون البحر، فافتح لك ألف باب، ولن تعدم وسيلة.

اعمل ولو ساعة، وللحقوق -ومنها التعلم- بقية الساعات، إذا بزغ لك نجم الهمة في ظلام ليل البطالة، فأردفه بقمر العزيمة؛ لتُشرق الأرض بنور ربها.

إنما أنت همة علية، ونفس تضيء، وهمة تتوقد.

أنت لا تعيش لنفسك، ويجب أن تقنع نفسك أنك لا تعيش لها، جِد تجد، ليس كمن سهر من رقد، هذا دبيب الليالي يُسارقك أنفاسك، وسلع المعالي غاليات الثمن، فانظر لنفسك، واغتنم وقتك، فالثواء قليل، والرحيل قريب، والطريق مخوف، والخطر عظيم، والعقبة كئود، والناقد بصير.

يا من قصد البحر بهمة! ائتِ الديار البكر، وارتد كل يوم منزل فضل، وخض ميدان التنافس، وائتِ بجديد، فإن قال لك البطالون الكُسالى: لو تفرغت لنا، فاقرع أسماعهم بصوت عمر بن عبد العزيز: وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ، لا فراغ.

والله لا مُستراح للمؤمن إلا تحت شجرة طوبى.

أحبتي في الله: إن النفس الإنسانية لابد أن تتحرك، فإذا هي كفت عن الشر، ولم تتحرك للخير، بقى فيها فراغ وخواء، قد يردها إلى الفساد، فالعبد سائر لا واقف، فإذا سار فإما إلى فوق وإما إلى تحت، وإما إلى الإمام وإما إلى الوراء، ليس هناك وقوف ألبتة، إنما هي مراحل تُطوى إلى الجنة، مُسرع ومُبطئ، ومُتقدم ومتأخر:{لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر:37]

كُلُّ نَفسٍ سَوفَ تَلقَى فِعلَهَا وَيحَ نَفسٍ بِهَواهَا شُغِلَتْ

والله! لا تتم حقيقة الإيمان في القلب حتى يتعرض القلب للمجاهدة في هذا الدين، بدءاً من كراهية الباطل، إلى السعي في الإصلاح، إلى نقل الناس من الغواية إلى الهدى.

إنها باختصار: الدعوة إلى الله، التي تغير ماهية الشيء، فتجعل من الرجل غير الرجل، ومن القلب غير القلب، تجعل صاحبها كالنحلة؛ لا تأكل إلا طيباً، ولا تُخرج إلا طيباً، وإن وقفتْ على عود نخر لم تكسره، بل مثل النخلة؛ ما أخذت منها من شيء نفعك.

ونتيقن ونجزم -أيها الأحبة- أن في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا، ولا يعرف قدر الرجال إلا الرجال، والهمم المَنُوطة بالرجال عظام، و:

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتِي العَزَائِمُ وَتَأتِي عَلى قَدرِ الكِرَامِ المَكَارِمُ

وَتَعظُمُ فِي عَينِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا وَتَصغُرُ فِي عَينِ العَظِيمِ العَظَائِمُ

ص: 20