المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبشرات بانتصار الدين - دروس للشيخ علي القرني - جـ ٣٢

[علي القرني]

فهرس الكتاب

- ‌على الطريق [1، 2]

- ‌ما يحتاجه المسافر في طريق الحياة

- ‌دليل المسافر ومنهاجه

- ‌عدة المسافر وزاده

- ‌رفقاء المسافر وصفاتهم

- ‌رفيق المسافر لابد أن يكون مؤمناً عاقلاً

- ‌رفيق المسافر لابد أن يكون عدلاً حسن الخلق

- ‌محطات المسافر وهدفه ووجهته

- ‌هدف المسافر ووجهته

- ‌الدعوة إلى الله وسيلة تثبيت واتزان

- ‌إرادة الخير

- ‌الإخلاص

- ‌طلب العلم والعمل به

- ‌العمل أبلغ من القول

- ‌الاهتمام بأجل العلوم

- ‌الدعوة قرينة العلم والعمل

- ‌نماذج من الصحابة في علو الهمة تشحذ العزائم على العلم والعمل والدعوة

- ‌خذ العبرة من همم أهل الدنيا

- ‌انظر إلى جد الكافرين واجتهادهم وهم على باطل

- ‌لا تبرر قعودك

- ‌بذل الجهد واستفراغ الوسع

- ‌التعاون على الخير والاستفادة من الطاقات

- ‌تعاون فريد بين أعمى ومشلول

- ‌التعاون سنة من سنن الله في خلقه

- ‌تعاون الجم الغفير في صنع رغيف الخبز

- ‌المداومة والاستمرار في العطاء

- ‌ثمرات المداومة على الأعمال

- ‌نماذج من السلف في المثابرة على الخير

- ‌الصبر واليقين

- ‌التمهل وعدم العجلة

- ‌إغفال المرحلية مصادمة للسنن الإلهية

- ‌المرحلية والتدرج في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تعلم المرحلية من شجرة الصنوبر

- ‌كن متمهلاً كالأحنف

- ‌كن أحزم من قرلى

- ‌الحزم على قدر الاهتمامات

- ‌أبو مسلم الخولاني والحزم مع النفس

- ‌ترك التحسر على الماضي والاستفادة من المستقبل

- ‌أنس بن النضر وموقفه في يوم أحد

- ‌عكرمة وتعويض ما سلف

- ‌العدل والإنصاف

- ‌إنصاف عمر بن الخطاب

- ‌بين علي وعمر في مجلس القضاء

- ‌الإكثار من ذكر الله وفضائل ذلك

- ‌انتفاع القلوب بذكر الله

- ‌إنما يذكِّر الناس ويؤثر فيهم الذاكرون

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

- ‌من آثار السلف في الاشتغال بما يعني

- ‌مقارنة بين حالنا وحال السلف في الكلام فيما لا ينفع

- ‌الحكمة في التربية الدعوية

- ‌تواصي العلماء بحرمان السفهاء من العلم

- ‌التعليم بحسب استعداد المتعلم

- ‌الحرص على الحكمة فهي ضالة المؤمن

- ‌احترام الحقيقة وتجنب المبالغة

- ‌خطر المبالغة

- ‌الأصل في المسلم السلامة

- ‌العز بن عبد السلام وسلامة صدره

- ‌البشر عرضة للخطأ

- ‌التغاضي عن هفوات الكرام

- ‌لا ينبغي الطعن في الآخرين بمجرد الاختلاف معهم

- ‌الاعتناء بالحقائق وعدم الاغترار بالمظاهر

- ‌التجمل أمر مشروع لكنه ليس مقياساً للتفاضل

- ‌التحذير من العجب

- ‌مآل العجب

- ‌أسباب العجب وبواعثه

- ‌علاج العجب

- ‌الإيمان بأن المستقبل لهذا الدين

- ‌مبشرات بانتصار الدين

- ‌الأمة بين الانتصارات والهزائم

- ‌المؤمن واطمئنانه إلى نصر الله

- ‌إنما يأتي النصر لمن يستحقه

الفصل: ‌مبشرات بانتصار الدين

‌مبشرات بانتصار الدين

معاشر المؤمنين: ممَّا لا شك فيه أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد، والضعيف لا يظل ضعيفاً أبد الآبدين، والقوي لا يظل قوياً أبد الآبدين:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص:5 - 6].

إننا نملك إيماناً بنصر الله لنا، وثقةً بتأييده لنا، ويقيناً بِسُنة الله في إحقاق الحق وإبطال الباطل، ولو كره المجرمون، واطمئناناً إلى وعده الذي وعد به المؤمنين:{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور:55].

إنه وعد يَشْحَذُ الهِمَم، ويستثير العزائم، ويملأ الصدور ثقةً وإيماناً بأنَّ الدور لنا لا علينا، والتاريخ معنا لا علينا {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:172 - 173] سُنَّة الله رب العالمين: {لا تزال طائفة من أمتي -أي: أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق منصورة لا يضرها من خالفها} ، {وليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بِعِزِّ عزيزٍ أو بِذُلِّ ذليل} كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.

فأنت -أيها المؤمن- أَجِير عند الله، كيفما أراد أن تعمل عملت، وقبضت الأجر، لكن ليس لك ولا عليك أن تتجه الدعوة إلى أي مصير، ذاك شأن صاحب الأمر لا شأن الأَجِير، وحسبك أن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل، ومعه الرجلان، والثلاثة، ويأتي من ليس معه أحد:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} [البقرة:272]{إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ} [الشورى:48].

وآية الآيات في هذا الدين أنَّه أشد ما يكون قوة، وأَصْلَب ما يكونُ عُوداً، وأعظم ما يكون رسوخاً وشموخاً، حين تنزل بساحته الأزمات، وتُحْدِق به الأَخْطار، ويَشْتَد على أهله الكُرَب، وتضيق بهم المَسَالك، وتُوْصَد عليهم المنافذ؛ حينئذٍ يحقق الإسلام مُعْجزته، يَنْبَعِث الجُثْمان الهامد، يتدفق الدم في عروق أبنائه ينطلق، ينتفض، يقول فَيُسْمِع، ويمشي فَيُسْرِع، ويضرب في ذات الإله فَيُوْجِع، فإذا النائم يصحو، وإذا الغافل يفيق، وإذا الجبان يَتَشجَّع، وإذا الضعيفُ يَتقوى، وإذا الشَّتِيت يتجمع، وإذا بهذه القطرات المتتابعة والمتلاحقة من هنا وهناك من جهود القلة تكون سيلاً عارماً، لا يقف دونه حاجز ولا سدّ.

لا يزخر الوادي بغير شعاب

وهل شمس تكون بلا شعاع

ص: 68