المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نعيم الدنيا في واقع حياة الصحابة الكرام - دروس للشيخ علي القرني - جـ ٣٨

[علي القرني]

فهرس الكتاب

- ‌النعيم لا يدرك بالنعيم

- ‌الهمة العالية لنيل النعيم الأخروي

- ‌نعيم الدنيا في واقع حياة الصحابة الكرام

- ‌مصعب بن عمير بين نعيم الدنيا وشظف العيش

- ‌قدوم مصعب بن عمير على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تأثر الصحابة من حياة مصعب بن عمير

- ‌الترف من أخطر الأدواء التي تودي بحياة الأمة

- ‌حياة علي بن أبي طالب في هذه الدنيا

- ‌علي والكسب المشروع

- ‌علي وزوجه فاطمة في مواجهة شظف العيش

- ‌حياة النبي صلى الله عليه وسلم وزهده في الدنيا

- ‌بيوت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌طعامه عليه الصلاة والسلام

- ‌حقيقة النعيم كما فهمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حقيقة النعيم عند أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌حقيقة النعيم عند فضالة بن عبيد

- ‌حقيقة النعيم عند أبي عبيدة بن الجراح

- ‌حقيقة النعيم عند عمرو بن سلمة

- ‌حقيقة النعيم عند الصحابة المجاهدين

- ‌حقيقة النعيم عند أويس القرني

- ‌حقيقة النعيم عند أبي ذر الغفاري

- ‌حقيقة النعيم عند عبد الرحمن بن عوف

- ‌حقيقة النعيم عند عائشة بنت الصديق

- ‌حقيقة النعيم عند عتبة بن غزوان وأصحابه

- ‌حقيقة النعيم عند عمر رضي الله عنه

- ‌حقيقة النعيم عند طلحة بن عبيد الله

- ‌نداء إلى أثرياء المسلمين

- ‌حقيقة عزوف الصحابة الأعلام عن الدنيا

- ‌كيف ندرك النعيم

الفصل: ‌نعيم الدنيا في واقع حياة الصحابة الكرام

‌نعيم الدنيا في واقع حياة الصحابة الكرام

معاشر المؤمنين! النعيم لا يدرك بالنعيم هذا واقعٌ حيٌ مطَّبقٌ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، مُشاهدٌ في أتباعهم يوم جدوا في طريقهم إلى خلاقهم، فما عاقهم مكروهٌ ولا بأسٌ ولا شدةٌ عن بلوغ أهدافهم، بل وظفت هذه الشدة والمكروه والجوع والبأس لتهذيب أنفسهم وأخلاقهم، فإذا هم قلوبٌ تتصل بالله تتذكر الله وتخشاه، وتؤثره على كل مغريات الحياة، امتلأت نفوسهم بهممٍ وإيمانٍ وأماناتٍ وكفاءات من أخمص القدم إلى ذؤابة الرأس، تشابهت السبل فاتخذوا سبيل الله سبيلاً، وتفرق الناس فجعلوا محمداً صلى الله عليه وسلم وحزبه قبيلاً.

وقفوا على هام الزمان رجالا يتوثبون تطلعاً ونضالا

وحي السماء يجيش في أعماقهم ونداؤه من فوقه يتعالى

باعوا النفوس لربهم واستمسكوا بكتابه واستقبلوا الأهوالا

اقتحمتهم الأعين أول ما خرجوا من الصحراء فاتحين، فلما اشتبكوا مع فارس والروم، جثا التاريخ يسجل ويروي ويقول:

قومٌ كرام السجايا أينما ذكروا يبقى المكان على آثارهم عطرا

أخلاقهم عما يشين نقيةٌ ونفوسهم عما يعيب مكفكفة

ما استعبدتهم شهوةٌ تدعو إلى الصفراء والبيضاء لا والزخرفة

ليسوا بأسرى الأرغفة

ليسوا بأسرى الأرصدة

ليسوا بأسرى الأشربة

الأطعمة

الألبسة

قوم إذا جدَّ الوغى كانوا ليوث الملحمة

ملأٌ لقد ملأ الإله صدورهم نوراً فكانت بالضياء مزخرفة

جديرٌ بنا -معشر المسلمين- أن نقف على استعلائهم على شهواتهم ومكاره أنفسهم في سبيل مرضاة ربهم، علَّنا نقتبس قبساتٍ من ضوئهم، وومضات من شعاعهم، لتنهض همة مقعد، وتُشحذ عزيمة زمن؛ في عصر أخلد فيه إلى الأرض، وغُلبت المادة، وعبد الدرهم والدينار من دون الله الواحد القهار، فحيهلاً بهم فقد صوت حاديهم: أن الله لا يزال يغرس غرساً يستعملهم في طاعته إلى يوم القيامة، والنعيم لا يدرك بالنعيم.

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم أُسداً تخلف بعدها أشبالا

ص: 3