المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقديم المرشح نفسه من خلال برنامجه الانتخابي خلاف الأولى وليس محرما - دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح - جـ ١١

[علي بن عمر بادحدح]

الفصل: ‌تقديم المرشح نفسه من خلال برنامجه الانتخابي خلاف الأولى وليس محرما

‌تقديم المرشح نفسه من خلال برنامجه الانتخابي خلاف الأولى وليس محرماً

إن الانتخاب أو التصويت هو أمر بمعروف ونهي عن المنكر، وشهادة ينبغي أن تقوم بالحق، وأن يكون فيها تقوى الله سبحانه وتعالى، وأما وقد جاء في هذه الوسائل ما يقدم فيها المرء نفسه ويذكر للناس ما يعرف ببرنامجه أو ما يريد أن يفعله لهم، وقد تكون هناك صور أخرى أنسب أو أوجه منه، فإنا نقول: هذه الصورة في ذاتها ليست محرمة، وإن كانت النصوص قد يكون فيها ما يدل على أن هناك ما هو أولى، إلا أن قول الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف عليه السلام:{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:55] فيه إشارة إلى أن من وجد في نفسه كفاءة لأمر يرى أنه يحقق فيه للمسلمين مصلحة فلا بأس أن يتقدم له، وأن يذكر ما عنده فيه، فإن يوسف عليه السلام لما علم ما علم من شأن الرؤيا التي أراه الله إياها ورأى أن للناس مصالح وهو قادر عليها قال:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} [يوسف:55] فطلب الولاية، وكذلك بين ما لديه من قدرات فقال:{إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:55]، ومن هنا فإن الجمع بين هذا وهذا يرجى أن يكون واضحاً، وأنَّ ذكر ما يعمله الإنسان أو ما عنده من علم إنما هو باب من الأبواب التي فيها اجتهاد بين الجواز أو المنع عند بعضهم، أو رؤية غير ذلك أولى، لكن الأمر المهم في وجوب ذلك أو جوازه هو أن لا يكون مظنةً أو مدخلاً إلى الغرور والاغترار والإعجاب بالنفس والاستكبار أو طلب الشهرة بين الناس ونسيان المقصد الأعظم، وهو أنه يريد أن يقوم بواجب وأن يؤدي أمانة وأن يتحمل مسئولية، وأن يكون وكيلاً عن الناس في تحقيق مصالحهم.

فلا يلتفت المرء عن مثل هذا لمثل ذاك، فإن من فعل فإنه أساء -ولا شك- وأخطأ، ولذلك ينبغي أن ندرك أن من يتصدى لذلك فإن عليه أن ينتبه إلى الأمانة، فإن كل مسئولية صغرت أو كبرت فهي أمانة، وينبغي أن نتذكر قول الله جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27].

وأن يعلم أن الأمانة العظمى ومثلها الأمانات الأخرى مسئول عنها، قال تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، وأن ندرك أيضاً أنه يؤدي واجبه، وأنه بعد ذلك مسئول بين يدي الله سبحانه وتعالى عما استأمنه الله عليه وعما ولاه الله إياه، كما قال صلى الله عليه وسلم:(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).

وكذلك أن يدرك المسئولية وأنها عظيمة، وأن الله سبحانه وتعالى قال:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38] أي: مرتهنة بعملها إن أحسنت أعتقت نفسها وإن أساءت أوبقت نفسها، كما قال صلى الله عليه وسلم:(كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) إما أن يعتقها من النار ومن العذاب بأن يؤدي الواجب ويحفظ الأمانة ويقوم بقدر استطاعته بما ينبغي عليه القيام به، وإما أن يفرط فيوبقها ويلجمها بالإثم ويستحق بذلك العقاب.

ص: 8