المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كمال الإنسان بهمة ترقيه وعلم يهديه - دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح - جـ ٢١

[علي بن عمر بادحدح]

الفصل: ‌كمال الإنسان بهمة ترقيه وعلم يهديه

‌كمال الإنسان بهمة ترقيه وعلم يهديه

يقول ابن القيم رحمه الله: كمال كل إنسان إنما يتم بهذين النوعين: 1 - همة ترقيه.

2 -

وعلم يبصره ويهديه.

علم تقع به البصيرة، وتتضح به طريق الهداية، لكن ذلك لا يكفي، فإن الطريق واضحة، وإن المعالم ظاهرة، لكن العزائم ضعيفة خائرة، والهمم باردة فاترة، فلا تبعث حينئذٍ قوة للحركة ولا عزيمة للمضي، ومن هنا لابد من همة ترقي بعد علم يهدي.

وهنا كذلك يبين ابن القيم رحمه الله: أن الهمة مبدأ الإرادة، وأن أعلى الهمم في باب الإرادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف على مراده الديني الأمري، فمن فعل ذلك فإنه يريد الله ويريد مراده، وحينئذٍ تحصل الفائدة الأولى وهي التوجه الصحيح إلى الغاية المنشودة.

ومبدأ كل طريق تسلكه أن تعرف الغاية التي تنتهي إليها، والطريق الموصل إلى هذه الغاية، ومن هنا فإنه لابد لنا أن ننتبه إلى ذلك، ونحن ندرك تماماً أن إيجاز القول في هذا جاء في كتاب الله في آيات كثيرة، من أظهرها قول الحق سبحانه وتعالى في بيان حقيقة هذه الحياة كلها:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162 - 163].

إذاً لابد أن نوجه الغاية، ونحدد المسار الواضح في قول الله جل وعلا:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31]، تلك هي الغاية: محبة الله وطلب رضوانه، وتلك هي الطريق التي رسمها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فنحن نترسم خطاه، ونتبع سنته، ونعرف طريقته، ونترسم منهجه، وندرك كيف عالج أدواء القلوب، وأمراض النفوس، وضلال وزيغ العقول، وانحراف المشاعر والعواطف، واختلال العلائق والروابط.

ثم أمضي مرة أخرى لنرى المكمن الذي نتحدث عنه، وهو ضعف الهمة والعزيمة، ذلك أنّا إذا بدأنا شيئاً لم نمش فيه خطوات حتى نتوقف أو نتراجع، إن هذه المسألة متعلقة أولاً بالبواعث النفسية القلبية، بالإيمان واليقين، بالمحركات والعواطف الإيمانية شوقاً إلى الله، وصدقاً في التعامل معه، وقوة في الثقة به والاعتماد عليه والتوكل عليه، تلك هي المشاعر الأولى.

ص: 4