المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توجيهات قرآنية تحث على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم - دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح - جـ ٨٥

[علي بن عمر بادحدح]

فهرس الكتاب

- ‌عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مقدمة عن حقيقة العظمة ومعناها ونصيب النبي عليه الصلاة والسلام منها

- ‌فوائد استشعار عظمة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوه العظمة الذاتية للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أخذ العهد والميثاق من الأنبياء والرسل للإيمان به ونصرته

- ‌إعلام أهل الكتاب بصفته

- ‌ختم النبوات بنبوته

- ‌عموم رسالته

- ‌إقسام الله بحياته وببعض الأمور المتعلقة به

- ‌رفع ذكره وتقديم اسمه على غيره

- ‌حفظ الله له وللوحيين الكتاب والسنة

- ‌ربط الإيمان به وطاعته بالإيمان بالله

- ‌التوقير الرباني له في مخاطبته وندائه

- ‌إجابة الله عنه ودفاعه عنه

- ‌عظمته صلى الله عليه وسلم المتعلقة بأمته وغيرها من الأمم

- ‌كونه أولى بالأنبياء من أممهم

- ‌كونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم

- ‌امتنان الله على عباده ببعثته

- ‌كونه أكثر الأنبياء أتباعاً

- ‌كونه رحمة للعالمين

- ‌كونه أماناً لأمته

- ‌ادخاره دعوته لأمته يوم القيامة

- ‌شهادته على الأمم والأنبياء يوم القيامة

- ‌شفاعته للأمم عامة وأمته خاصة

- ‌خيرية صحابته وأمته

- ‌عظمة الإنجاز والثمرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سمو الدعوة

- ‌سمو التربية

- ‌توجيهات ونصائح لتحقيق تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌توجيهات قرآنية تحث على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أهمية تعظيم القلب واللسان والجوارح للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مدى ارتباط تعظيم آله وأزواجه وأصحابه بتعظيمه عليه الصلاة والسلام

- ‌ومضات مشرقة رائعة من صور تعظيم الصحابة لرسول الله عليه الصلاة والسلام

- ‌الأسئلة

- ‌معنى قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)

- ‌وجه تمني النبي عليه الصلاة والسلام أن يكون امرأً من الأنصار

- ‌صيغة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وأكملها

- ‌حقيقة محبة وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التوفيق بين أخذ ابن عمرو للإسرائيليات مع نهي عمر عنها

- ‌الراجح من الأقوال في آخر ما نزل من القرآن

الفصل: ‌توجيهات قرآنية تحث على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم

‌توجيهات قرآنية تحث على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم

أولها: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63]، بعض الناس يقول: محمد بن عبد الله، وكأنه يتحدث عن محمد من أبنائه، أو صديق من أصدقائه، لا ينبغي ذلك، لا يذكر النبي عليه الصلاة والسلام إلا بذكر نبوته ورسالته، لا يذكر إلا بذكر ما ينبغي له من التوقير والتعزير والتعظيم والتبجيل، لا يذكر إلا بذكر فضله عليه الصلاة والسلام.

قال الطبري في تفسيره لهذه الآية: هذا نهي من الله أن يدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلظ وجفاء، وأمر لهم أن يدعوه بلين وتواضع وألا يقولوا: يا محمد؛ لأن بعض الأعراب أجلاف كانوا إذا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وهو في حجراته في عز الظهيرة في وقت الراحة: يا محمد! يا محمد! اخرج إلينا، فنزلت الآيات:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63].

وأيضاً قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات:1] لا ينبغي لك أن تسارع إلى الأشياء، وأن تبدي الآراء قبل أن تعرف ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن الآيات الجامعة في التوجيهات قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب:53] فكلما يدخل في هذه الدائرة ممنوع منه.

وكذلك قوله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب:57] قال ابن تيمية رحمه الله في الاستدلال بهذه الآية: يستدل بها على وجوب قتل من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وابن تيمية ألف كتاباً مشهوراً اسمه (الصارم المسلول على شاتم الرسول) ودلل فيه على أن من اعتدى على رسول الله عليه الصلاة والسلام بالشتم والعياذ بالله فإنه مباح الدم؛ لأن هذا أمر عظيم وفيه دلالات كثيرة منها: أن الله عز وجل قرن أذاه بأذاه.

وأنه قرن طاعته بطاعته.

وأنه فرق بين أذى الله ورسوله وبين أذى بقية المؤمنين.

وكذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات:2] ورأيت في هذه الآية كلاماً نفيساً لبعض العلماء قالوا: ولا يجوز تبعاً لذلك رفع الصوت واللغط عند قبره صلى الله عليه وسلم، فإن حرمته ميتاً كحرمته حياً؛ ولذلك لما جاء اثنان من أهل الطائف إلى المدينة في عهد عمر، ورفعا أصواتهما عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أمر بهما عمر فجيء بهما قال:(من أين أنتما؟ قالا: من الطائف، قال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً؛ ترفعان أصواتكما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ألم تسمعا قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات:2]؟).

وقد كان ثابت بن قيس خطيب النبي عليه الصلاة والسلام جهوري الصوت، ولما نزلت هذه الآية اعتزل مجلس النبي عليه الصلاة والسلام، فسأله عن ذلك فقال: إني جهوري الصوت أخشى أن أتكلم فيعلو صوتي على صوتك فيحبط عملي فأهلك، فكانوا يراعون مقام وقدر وعظمة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك الذي ينبغي أن يكون في حياتنا.

ص: 30