المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انحسار العلم والعلماء والدعوة إلى إحيائه - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٢٢

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌نماذج من تضحيات علماء الشناقطة

- ‌العلماء صفوة الله وورثة الأنبياء

- ‌اختيار الله للأمناء على دينه وإعدادهم

- ‌تفريق الله للعلماء على البلاد المختلفة

- ‌جهود عبد الله بن ياسين الجزولي في تجديد الدين ونشر العلم في المغرب

- ‌طريقة ابن ياسين في التربية والسلوك

- ‌إقامة ابن ياسين لدولة المرابطين

- ‌ذكر العلماء الذين خلفوا ابن ياسين بعد مقتله

- ‌جهود العلماء في أواسط القرن السادس حتى القرن الثامن

- ‌دور الحجاج الثلاثة والشريف مولاي عبد المؤمن

- ‌دور قبيلة البدوكل وسيدي محمد الكنتي

- ‌دور تحالف قبائل تشمشة في نشر العلم وإحياء الدين

- ‌جهود العلماء من نهاية القرن التاسع وبدايات العاشر

- ‌جهود العلماء في القرن العاشر

- ‌جهود العلماء في القرن الحادي عشر

- ‌دعوة الإمام ناصر الدين

- ‌تضحيات ابن بو الفاضلي

- ‌جهود ابن إعلممو والفقيه الخطاط

- ‌جهود ابن رزاقة وتضحياته

- ‌جهود العلامة مسكة بن بارك الله

- ‌جهود العلامة محمد اليدالي وتضحياته

- ‌جهود العلماء في القرن الثاني عشر وتضحياتهم

- ‌جهود سيدي محمد الكنتي ومحضرته

- ‌جهود المختار بن الفقيه موسى اليعقوبي

- ‌جهود المجيدري وقوة حفظه

- ‌تأثر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوة المجيدري

- ‌جهود تلاميذ المجيدري

- ‌نماذج من الجد في الحفظ للحاق برتبة الأذكياء

- ‌ابن الأعمش العلوي

- ‌ابن قيقكو

- ‌المختار بن بونة

- ‌جهود العلامة زياد اليكودي

- ‌نماذج أخرى من جهود العلماء وتضحياتهم في بلاد المغرب من القرن الثاني عشر وما بعده

- ‌جهود العلامة عمرطال

- ‌تضحيات العلامة عبد الوهاب بن الرشيد

- ‌تضحيات العلامة محمد العاقل الديواني

- ‌العلامة ابن عبيد الديواني وتقسيمه العجيب لوقته

- ‌جهود العلامة يحظيه بن عبد الودود

- ‌جهود العلامة أحمد بن سليمان الديواني

- ‌جهود العلامة سديه

- ‌انحسار العلم والعلماء والدعوة إلى إحيائه

الفصل: ‌انحسار العلم والعلماء والدعوة إلى إحيائه

‌انحسار العلم والعلماء والدعوة إلى إحيائه

كذلك فإن حال المحضرة استمر إلى هذا الوقت حتى أدركنا الناس وهم هكذا يصنعون، وأدركت كذلك كثيراً من كبار السن الذين فنيت أعمارهم في المحاضر يطلبون العلم فيها، ومنهم الشيخ الراجل بن عبدولي رحمه الله فقد عاش فوق التسعين، وما عرفت أنه عاش إلا في محضرة، ولم يستحل مقاماً قط إلا في محضرة، فكل وقته كان في طلب العلم حتى لقي الله.

وقد كان يدرس معي وأنا صغير جداً وهو فوق الثمانين من عمره، كان زميلاً لي في الدراسة، وهكذا عدد كبير من كبار السن الذين ضحوا وبذلوا في سبيل بقاء هذا العلم وانتشاره، أما اليوم فقد بدأ التراجع وبدأ الحال على ما نرى، فقد أتيت مرة من المرات مدينة (قرو) -وقد كانت معقلاً من معاقل العلم- فاجتمع عليَّ كبار السن فيها فسألتهم: أيها الشيوخ! قبل ثلاث سنوات كم كان هنا في هذه المدينة من العلماء؟ قالوا: عدد كبير.

وبدؤوا يحصونهم.

فقلت: لكن كم تعدون الليلة فيها من العلماء؟ فبكوا ولم يتذكروا ممن يشيرون إليه إلا شخصاً واحداً أو شخصين.

هذا الحال ليس مختصاً بتلك المدينة بل هو في كل المدن، بل أعرف بعض الولايات التي كان الناس يضربون إليها آباط الإبل في طلب العلم وقد انتقل منها هذا العلم بالكلية، ولم يبق فيها من يدرس الآن.

إن هذا يقتضي منا أن نعيد إلى المحضرة دورها في حياتنا، وأن نخرج من أبنائنا وأجيالنا الصاعدة قوماً يضحون مثل تلك التضحية ليعيدوا لنا هذا العلم الضائع المسلوب المنهوب، وليعيدوا إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم مكانتها، وإني لأرى وجوهاً حبست أنفسها في الحر وفي العرق وهي تطلع على هذا الكلام الذي كثيراً ما يعرف هو وأمثاله؛ أرى فيها إن شاء الله تعالى من سيهتمون بهذا الأمر وينافسون فيه ولا يدعون مكانهم لغيرهم.

وأرى في الوجوه المتوقدة التي تنظر إلى هذا الكلام بعناية أقواماً سيكونون ممن يشار إليهم -إن شاء الله تعالى- بالبنان في العلم والعمل، وأرى أن من يطلعون على كلامي يعلمون أن هذا العلم كنز لا ينفد، وأنه خير من التنافس فيما يتنافس فيه الناس من حطام هذه الدنيا الفانية، وأن من عرف سيبلغ من وراءه، وأن النساء كذلك سيسعين لتربية الأولاد العلماء العاملين الذين يعيدون لهذه الأمة مجدها ويستردون لها تراثها، ولا شك أن فيهن أيضاً من تسعى لأن تكون عالمة ولأن تكون مدرسة قائمة بهذا الأمر كما كان عدد من الشيخات في هذه البلاد وغيرها.

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلنا قرة عين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يلزمنا التمسك بسنته عند فساد أمته، وأن يجعلنا أجمعين من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ص: 41