المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مجالسة أهل الخشية أحياء وأمواتا - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٥

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌خشية الله

- ‌خشية الله ناتجة عن العلم به

- ‌أمارات عدم الخشية

- ‌من أمارات عدم الخشية من الله: الإسراع إلى المعاصي

- ‌من أمارات عدم الخشية من الله: ألا يزداد الإنسان علماً وتثبتاً

- ‌من أمارات عدم الخشية من الله: عدم الإحساس بلذة المناجاة لله سبحانه

- ‌من أمارات عدم الخشية من الله: الكبر والعجب

- ‌من أمارات عدم الخشية من الله: عدم ازدياد الإنسان يقيناً

- ‌من أمارات عدم الخشية من الله: غفلة العبد

- ‌علامات الخشية

- ‌أن يجد الإنسان بينه وبين المعصية حاجزاً

- ‌اللجوء إلى الله في كل أمر

- ‌عدم الغفلة

- ‌آثار الخشية من الله عز وجل

- ‌من آثار الخشية: البركة في العلم

- ‌من آثار الخشية: حصول البركة في العمر

- ‌من آثار الخشية: الاستغناء بما آتاه الله

- ‌من آثار الخشية: صلاح ذريتة من بعده

- ‌من آثار الخشية: أنها تغير حال الإنسان

- ‌من آثار الخشية: أنها من أسباب استجابة الدعاء

- ‌من آثار الخشية: قوة الإيمان

- ‌من آثار الخشية: التوفيق للطاعات

- ‌من آثار الخشية: أنها سبب لدخول الجنة

- ‌الشهوة والشبهة مرضان ينافيان الخشية من الله

- ‌علاج النفس بمراقبة الله

- ‌علاج مرض الشبهة

- ‌علاج مرض الشهوة

- ‌مجالسة أهل الخشية أحياء وأمواتاً

- ‌نماذج من أهل الخشية

- ‌نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام

- ‌سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌نبي الله موسى بن عمران عليه السلام

- ‌الأسئلة

- ‌علاج عدم البكاء من خشية الله

- ‌الداعي إلى المعصية له قسط منها

- ‌الأسباب المعينة على قيام الليل

- ‌رعية النساء التي سيسألن عنها

- ‌علاج من يوسوس أن في أعماله رياء

- ‌الأعمال الصالحة تنمي الإيمان

- ‌ما يلزم المسلمة نحو قرابتها من النصيحة في الدين

- ‌حكم الصبغ بالسواد

- ‌تفسير حديث: (دعاة على أبواب جهنم)

- ‌من لم يمرض مرضاً جسمياً فقد أنعم الله عليه فليشكره

- ‌السائل الذي يخرج من المرأة باستمرار معفو عنه

- ‌الدليل على تحديد أول الحيض وآخره

- ‌الوسائل المعينة على دوام الخشية

- ‌حكم قبض اليدين في الصلاة عند مالك، ومتى يرجع إلى أقوال العلماء

- ‌من قسا قلبه فليكثر من الطاعة

- ‌حالة الشعور بالقرب من الله فرصة لابد من استغلالها

- ‌الإحساس بالسعادة والطمأنينة بعد الطاعة من المبشرات

الفصل: ‌مجالسة أهل الخشية أحياء وأمواتا

‌مجالسة أهل الخشية أحياء وأمواتاً

وكذلك من الأسباب التي تزيد خشية الإنسان لله تعالى: مجالسته لأهل الخشية، فالإنسان الذي يزور أهل الخشية ويلقاهم ويرى ما هم فيه، فإنهم يذكرونه بالله سبحانه وتعالى في حركاتهم وسكناتهم، ويسمع في أقوالهم وتصرفاتهم ما يدل على الخشية من الله تعالى، ولهذا قال أهل العلم: ليس حسن التلاوة بحسن الصوت، إنما حسن التلاوة إذا سمعت صوته عرفت أنه يخاف الله؛ فلذلك كانت مجالسة هؤلاء مما يقوي خشية الله سبحانه وتعالى في القلوب.

وقد قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28]، فعلى الإنسان أن يحرص على زيارة أهل الخشية، وعلى مجالستهم، وعلى السماع منهم، فذلك مما يزيده خشية.

وكذلك زيارتهم بعد الموت بالاطلاع على سيرهم وقصصهم، فقراءة الإنسان لحياة أهل الخشية من الذين ماتوا ومضوا مما يزيده خشية وإيماناً، إذا كان الإنسان يدرس سير الصحابة والتابعين، وسير الصالحين من هذه الأمة، فسيجد فيهم أسوة لنفسه وقدوة صالحة يقتدي بها، وإذا مر به أي حال من الأحوال فسيجد نظيره قد مر ببعض السلف الصالح، ومن هنا: يمكن أن يقتدي بهم وأن يجد فيهم الأسوة الصالحة.

ولهذا كان كثير من أهل العلم والصلاح يزورون أهل الخشية، ولو كانوا دونهم مستوى في العلم، فكان كثير من علمائنا يزورون رابعة العدوية فيرون إقبالها على الله وبكاءها في صلاتها وعبادتها، فتذكرهم بالله سبحانه وتعالى بذلك.

وقد (كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يسير في الطريق فوقف على باب امرأة من الأنصار فإذا هي تقرأ في صلاتها: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:1]، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاء شديداً، وقال: نعم أتاني، نعم أتاني)، والغاشية: القيامة، كذلك فقد زار أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أم أيمن رضي الله عنها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها:(فلما جلسا عندها بكت، فقالا لها: ما يبكيك، أما علمت أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا؟ فقالت: أما إني لا أبكي لأني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا، ولكني أبكي لانقطاع الوحي من السماء، فهيجتهما على البكاء، فبكيا بكاء شديداً).

يحتاج الإنسان إلى زيارة من يبكيه، وإذا لم يجده في الأحياء، اطلع على سيرته في الأموات، ففي الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر، وسيرهم موجودة مدونة، والكتب موجودة بين أيدينا وهي تحوي أخبارهم، وقد قال ابن هلال رحمه الله: لنا جلساء ما يُمل حديثهم ألباء مأمونون غيباً ومشهدا يفيدوننا من علمهم علم من مضى وعقلاً وتأديباً ورأياً مسددا فلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة ولا نتقي منهم لساناً ولا يدا فإن قلت أحياء فلست بكاذب وإن قلت أموات فلست مفندا وقد قال ابن المبارك رحمه الله: (سير الصالحين جند من جنود الله يثبت الله بها قلوب عباده)، ومصداق ذلك من القرآن قول الله تعالى:{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود:120].

ص: 28