المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اختلاف الناس في الأرزاق - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٥٣

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الإنفاق في سبيل الله

- ‌مسائل في الإنفاق في سبيل الله

- ‌الحكمة من الأمر بالإنفاق في سبيل الله

- ‌نحن مستخلفون على الأموال وليست لنا حقيقة

- ‌اختلاف الناس في الأرزاق

- ‌حقارة الدنيا وما فيها من الأموال

- ‌أصناف الناس تجاه أموالهم

- ‌الإنفاق في وقت الرخاء وفي وقت الشدة

- ‌فوائد الإنفاق

- ‌وجوه الإنفاق في الخير

- ‌مفهوم الصدقة

- ‌اشتراك جمع في الأجر على عمل واحد

- ‌وساوس الشيطان لسد باب الإنفاق

- ‌الزكاة حق واجب

- ‌وصول المال إلى غير المستحقين

- ‌من قصص وأخبار المنفقين والمتصدقين

- ‌إنفاق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إنفاق عائشة رضي الله عنها

- ‌إنفاق أبي بكر رضي الله عنه

- ‌إنفاق عمر وعثمان رضي الله عنهما

- ‌إنفاق علي رضي الله عنه

- ‌إنفاق عبد الرحمن بن عوف

- ‌إنفاق السلف

- ‌من أسخياء القرن العشرين

- ‌الإنفاق على المجاهدين واجب ديني على المستطيعين

- ‌حاجة المسلمين اليوم إلى المال

- ‌التفرغ لتعليم المسلمين

- ‌بناء المساجد

- ‌النية الصالحة ترفع صاحبها درجات في الجنة

- ‌قصة الأعمى والأقرع والأبرص

- ‌شكر النعم

- ‌وضع القبول للمنفقين في الأرض

الفصل: ‌اختلاف الناس في الأرزاق

‌اختلاف الناس في الأرزاق

الأرزاق بقدر الله سبحانه وتعالى، ووفق الحكمة البالغة:{لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:41]، فلهذا: جعل الله الأسباب التي تجمع بها الأموال مقسومة إلى حلال وحرام، وجعل من الناس من يبذل الجهد الكثير فلا ينال إلا القليل مقابل ذلك، ومنهم من يبذل الجهد اليسير، فينال الكثير من الدنيا إذا أقبلت.

وكم من إنسان أعطاها وقته، فلم يبق أي وسيلة يمكن أن يعملها في جمع المال إلا أعملها، ومع ذلك مات فقيراً، ولم ينل من الدنيا مراده! ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكم من إنسان أعمل الحيل لجمعها، فلما بلغ المستوى الذي يطلبه كان على موعد مع ملك الموت، فبينما هو ينعم بزهرتها انتهت حياته.

وكم من إنسان لم يعمل من الحيل إلا الشيء اليسير فاجتمع عنده أكثر من حاجته.

كل ذلك نراه ونشاهده بين ظهرانينا من الذين يعملون للدنيا، فليس الغنى عن كثرة العرض، ولا عن إعمال الحيل، بل هو قدر يكتبه الله سبحانه وتعالى في الدنيا بحكمته، ولا مبدل لحكمه؛ ولهذا قال الحكيم: باتت تعيرني الإقتار والعدمَ لما رأت لأخيها المال والنعمَ تباً لرأيك ما الإقتار عن جلد ولا من الكسب بل مقسومة قسما فالدنيا كلها مقسومة قسماً، وكذلك إعمال الحيل ليس هو الموصل إلى الغنى، بل الموصل إليه هو القدر؛ ولذلك قال ابن زريق في عينيته: لا تعذليه فإن العذل يولعه قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه جاوزت في نصحه حداً أضر به من حيث قدرت أن النصح ينفعه فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً من عذله فهو مضني القلب موزعه يكفيه من حزن الترويع أن له من النوى كل يوم ما يروعه ما آب من سفر إلا وأزعجه عزم على سفر بالبين يجمعه كأنما هو من حل ومرتحل موكل بفضاء الله يذرعه إذا الزمان أراه في الرحيل غنى ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه وما مكابدة الإنسان واصلة رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه قد قسم الله رزق الناس بينهم ما يخلق الله من خلق يضيعه لكنهم كلفوا رزقاً فلست ترى مسترزقاً سوى الغايات يقنعه والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه أرباً ويمنعه من حيث يطمعه إذاً: على الإنسان أن يجمل في الطلب أولاً، ثم ليعلم أن ما جعل تحت يده ليس بالضرورة أنه سينتفع به، بل كثير من الناس يبتلى بكثرة العرض، وتجعل تحت يديه أملاك طائلة، ومع ذلك لا يرزق منها إلا الشيء اليسير، فيكون هو خادماً للدنيا، بعد أن كانت الدنيا خادمة له.

إن كثيراً من الناس يعيش مهموماً مغموماً في مكابدة هذه الدنيا؛ فإذا اختل منها أي ركن من الأركان، أو أي لازم من اللوازم، ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وظن أن الآخرة قد أقبلت، وقد أقبلت فعلاً؛ لكن ليس معنى ذلك أن ما اختل من الدنيا شيء لم يكن من قبل، بل هكذا حيل الدنيا كلها، وقد قال الحكيم: مثل الرزق الذي تطلبه مثل الظل الذي يمشي معك أنت لا تدركه متبعاً فإذا وليت عنه تبعك فلن تنال من الدنيا إلا حظك.

ص: 5