المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أدلة مفهوم الجدية في الالتزام - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١٢٨

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌جدية الالتزام بالإسلام [1، 2]

- ‌ما يلزم من جدية الالتزام

- ‌من هو الملتزم

- ‌أدلة مفهوم الجدية في الالتزام

- ‌خطأ الناس في تعريف الوسطية

- ‌علامات يعرف بها المنافقون

- ‌ضرورة تحمل المشاق

- ‌جوانب فقدت فيها الجدية

- ‌فقدان الجدية عند من يلتزم فقط بالأشياء التي لا شهوة فيها

- ‌فقدان الجدية في الالتزام بالأخلاق

- ‌فقدان الجدية في طلب العلم

- ‌الإغراق في المزاح والضحك

- ‌فقدان الجدية في المجالس

- ‌تمييع مفهوم الأخوة الإسلامية

- ‌فقدان الجدية عند المتهاونين بالسنن

- ‌البحث عن الأعذار والحيل لمجابهة المرشدين

- ‌فقدان الجدية عند من يطلق لسانه في أعراض المسلمين

- ‌فقدان الجدية في الحماس للأعمال الصالحة

- ‌خجل الملتزم ينافي الجدية

- ‌عدم التفاعل مع قضايا المسلمين

- ‌أشياء تنافي كمال الالتزام

- ‌الأسئلة

- ‌الجدية لا تعني التجرد من جميع الشهوات

- ‌ضوابط في الرياء

- ‌صور من ضعف الإيمان والرياء

- ‌كيف يبتعد الملتزم عن الزلل والزيغ

- ‌ضرورة الالتزام بالدين كاملاً

- ‌كيف نستفيد من القراءة

- ‌نصائح في موضوع طلب العلم

- ‌ضوابط في صلة الرحم

الفصل: ‌أدلة مفهوم الجدية في الالتزام

‌أدلة مفهوم الجدية في الالتزام

ولهذا المفهوم (الجدية في الالتزام بالإسلام) أدلة منها: الأول: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:208].

الثاني: قول الله عز وجل: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:63] هذا الدين متين، هذا الدين عظيم لا يوجد له مثيلٌ في الأديان التشريعات عميقة جذورها قوية التكليفات ثقيلة المهمات صعبة؛ ولذلك كان لابد من القوة بأخذ الدين {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:63] وهذه القوة تنافي الميوعة، وتنافي التساهل، وتنافي الانخذال والترك والإهمال لأشياء من الدين {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:63] قوة تناسب عظم هذا الدين، يجب أن يكون عندنا في عملية الأخذ قوة نشعر من خلالها بأن الأمر جد.

الثالث: قول الله عز وجل: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق:13 - 14] فصل بين الحق والباطل، صار من شدة فصله بين الحق والباطل ومن الوضوح في الفصل أنه هو نفسه -هذا القرآن- صار ًفيصلاً يفصل بين الحق والباطل {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق:14] الإسلام أيها الإخوة ليس ثوباً جميلاً نلبسه، أو عملية نتفاخر بها ونتباهى على الناس ونحن نخلو من هذه المضامين العظيمة التي تضمنتها شرائع الدين، لا يكفي أن نقول: هؤلاء نصارى ونحن مسلمون، هؤلاء يهود ونحن مسلمون، انظر إلى أولئك يعبدون البقر، نحن مسلمون، انظر إلى أولئك يعبدون الكواكب، نحن مسلمون!! ماذا نقصد بمسلمين؟ ما هو الإسلام؟ ما هي الجدية التي نبرهن لأنفسنا بها أننا فعلاً نمثل هذا الدين؟ الرابع:{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} [الزخرف:43 - 44] ومن القواعد عند العلماء أن الزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى، وكتاب الله ليس فيه عبث ولا إضافات لا داعي لها، كل حرف إضافته تعني معاني.

" فاستمسك" تعبير فيه من القوة والجدية والمحافظة والعض بالنواجذ على تعاليم الدين أعلى من كلمة أمسك، هذه الزيادة:(الألف والسين والتاء) تفيد أن أناساً يسحبونه منك وأنت متمسك به وتستمسك به وتحاول ألا تتراجع، ولا يجذبوك إلى صفهم، استمسك به {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:63].

الخامس: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} [الأعراف:170] قال القرطبي رحمه الله: وفي هذا التشديد -يعني: (السين الزائدة في يمسّكون) فيه معنى التكبير والتكثير للتمسك.

ما هو الفرق بين يمسكون ويمسّكون؟ فيمسّكون فيها معنى: التكبير والتكثير للتمسك، ولذلك لعن الله أناسا ًوذمهم، لأنهم يريدون أن يتخذوا سبيلاً بين الحق والباطل، يريدون أن يضيعوا قضايا الإسلام، ويقولون:{نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [النساء:150] هؤلاء الذين لعنهم الله، وهذا هو حال كثيرٍ من المسلمين اليوم؛ يريدون أن يأخذوا ببعض الدين، ولكنهم ليسوا على استعداد لأخذ البعض الباقي، يريدون أن يتخذوا سبيلاً بين الحق الالتزام الكامل وبين التفلت الكامل، ثم يقولون: نحن نمثل الوسطية! يأتي من يقول: أنا لا أريد أن أكون منحرفاً وأن أمارس الفواحش الكبيرة وأن أكفر بالله وأستهزئ، ولكني في نفس الوقت لا أريد أن أحجر على نفسي وأن أثقل عليها بالتكاليف وأن ألزم نفسي بهذه الأشياء التي يلزم بها هؤلاء الناس الذين يسمون بالمطاوعة أو المتدينين، أنا وسط لا أريد التعقيد ولا أريد التفلت، فيأخذ من الدين ما يعجبه وما يوافق هواه، ويترك الأشياء التي فيها صعوبة وثقل على النفس، يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً؛ بين الكفر والإيمان، ودين الله عز وجل أغلى وأثمن وأعلى من أن تناله هذه المفاهيم الخاطئة للوسطية.

ص: 4