المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطورة الاستهزاء بالدين - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١٤٧

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌عوائق في طريق الالتزام [1، 2]

- ‌معوقات الالتزام بالإسلام

- ‌مصطلحات متداولة بين الناس في الميزان

- ‌كيفية تسيير الجدال مع الناس بخصوص الالتزام

- ‌الشهوات عوائق في سبيل التزام الناس بالإسلام

- ‌الالتزام وفقدان اللذة والشهوة

- ‌شهوة المنصب

- ‌الشبهات عوائق في سبيل التزام الناس بالإسلام

- ‌شبهة: الالتزام بالإسلام يقيد الحرية

- ‌شبهة: التصرفات السيئة لواقع بعض الملتزمين ظاهراً

- ‌شبهة: تكرار الوقوع في المعصية مع التوبة

- ‌شبهة: الاضطهاد الذي يراه على الملتزمين

- ‌شبهة: حب الملتزمين مع الرضا بالواقع المعاش

- ‌عوائق ضغط المجتمع على الفرد

- ‌الزوجة عائق أمام الزوج

- ‌الزوج عائق أمام الزوجة

- ‌الأولاد عائق أمام الأب

- ‌عائق الأسرة والمجتمع

- ‌حوار مع من جرفه تيار المجتمع

- ‌عائق الخوف من الالتزام بالإسلام

- ‌الشائعات ودورها في بذر الخوف

- ‌كتب تشوه صورة الملتزمين بالإسلام

- ‌دور المرجفين في إثارة الإشاعات والخوف بين الناس

- ‌عائق الاستهزاء

- ‌خطورة الاستهزاء بالدين

- ‌قوة المواجهة ضد المستهزئين بالدين

- ‌عائق تعريض النفس للبيئات المؤثرة سلباً

- ‌كتب الانحلال والمجون

- ‌الأفلام والتمثيليات

- ‌عائق نشر الخلافات بين علماء المسلمين

- ‌عائق الحيرة بسبب تعدد طرق الدعوة إلى الله

- ‌عائق مفاهيم خاطئة عن الدين عند الناس

- ‌الالتزام بقدر الاستطاعة

- ‌الدين يسر

- ‌أولئك هم الصحابة

- ‌المقصود منه كذا وكذا

- ‌هذه سنة

- ‌إنما الأعمال بالنيات

- ‌إن الله غفور رحيم

- ‌عائق انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة

- ‌عائق مواصفات بعض الشخصيات

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الصلاة ببطاقة العمل

- ‌أكل الفاكهة قبل الطعام

- ‌حكم أكل شجرة رمان نبتت في بلاعة

- ‌حكم إغماض العينين في الصلاة بسبب الزخرفة

- ‌شرط شفاعة البقرة وآل عمران

- ‌الدعاء بالنجاح أو بالأفضل

- ‌اختلاف الزوج والزوجة في بعض الأحكام

- ‌حكم الصدقة ببقية الطعام الزائد دون إذن الزوج

- ‌أخي الأكبر لا يصلي وهو ولي الأمر في البيت

- ‌حكم الصلاة بين الأعمدة والسواري

- ‌حكم اتلاف الصور

- ‌حكم الصور المدفونة

- ‌معاملتي لرفقة أبي السيئة

- ‌حكم تزيين اللوحات بأجنحة الفراشة الطبيعية

الفصل: ‌خطورة الاستهزاء بالدين

‌خطورة الاستهزاء بالدين

لا بد أن يعلم المستهزئ بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم بخطورة استهزائه، ويبين له الحكم في هذا الاستهزاء، ولا بد أن يعلم المستهزأ به بالموقف الصحيح الذي يجب أن يقفه، وكيف وقف المسلمون من قبل أمام الاستهزاء الذي حصل بهم، كيف كان نوح عليه السلام يبني السفينة هو وأتباعه، وعندما كان يمر عليه أولئك الملأ فيسخرون منهم؛ كان نوحٌ يجيبهم بذلك الجواب القوي:{إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود:38].

وقد جرت سنة الله تعالى بأن يكون الاستهزاء والسخرية من صفات المبتعدين عن الإسلام وأعداء الإسلام، الذين يرفضون الخير لكل إنسانٍ يريد الحق، ويريد التمسك بالدين، ولذلك يقول الله عز وجل في سورة البقرة:{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:212] هذه طبيعتهم، وهذه صفاتهم، وأنا أعجب -أيها الإخوة- لأمرٍ من الأمور، في قضية الثوب مثلاً، أحد الناس المستهزئين يرى إنساناً لابساً ثوباً، جعل طوله كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول له مستهزئاً: أنت لابس (شانيل) مثل القميص النسائي الذي تلبسه النساء، أي: أنت تشبه النساء.

أما إذا ذهب هذا الرجل المستهزئ إلى بلدٍ جرت عادات الناس وتقاليدهم في تلك البلاد أن يجعلوا ثيابهم قصيرة، مثل إخواننا من أهل اليمن عاداتهم في لبسهم للثياب وفي لبس الإزار أن تكون قصيرة.

نفس هذا الرجل المستهزئ إذا رأى هذا الأخ وعادته في بلده كذا لا يستهزئ به، فإذا ذهب إلى اليمن وشاهد الناس لا يستهزئ بهم، يقول: هذه عادة الناس.

أما إذا جاء إلى الحكم الشرعي في الموضوع المستهزئ كحكم، وهو لا يستهزئ به كعادة وتقليد، فهذا من الأمور العجيبة ومن المفارقات التي تدل على مدى نجاح المستشرقين وأعداء الإسلام في غزوهم الفكري وفي إبعاد المسلمين عن التصورات، وسلخهم كليةً من تعليمات الدين.

وإذا جلست مع أحد هؤلاء المستهزئين فإنه يطرح عليك سؤالاً بطريقة الاستهزاء، فعندما تأتي -مثلاً- إلى الغناء أو الموسيقى إلخ يقول لك: ما حكم هذه المسألة؟ أو أن فيها قولان.

أي: استهزاء بهذا الحكم واستهزاء بما ستقوله له، هؤلاء الناس بيَّن الله عز وجل علاجهم في القرآن، وبيَّن مصيرهم، وثبتنا نحن المؤمنين -والحمد لله- بآياتٍ عظيمة في سورة المطففين:{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين:29 - 30] يغمزونهم ويلمزونهم ويشيرون إليهم بإشارات الاستهزاء والانتقاص والسخرية: {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} ما اكتفوا بهذا الغمز {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين:31] أي: منتشين، في حالة نشوة من هذه الجريمة التي ارتكبوها، مبسوطين؛ لأنهم استهزءوا بالمؤمنين، ولم يكتفوا بهذا بل إنهم:{وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:32].

إذا راوا المستهزئين المؤمنين {قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:32]، وا عجبي من قلب المفاهيم، كيف صار الهدى ضلالاً، مستهزئ يقول لمؤمن: إنك لضال، كما قال الله عز وجل:{وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} هذا ضال، هذا متزمت، هذا رجعي، قُلبت المفهومات.

وأصبح المؤمنون يُلصق بهم ما يجب أن يُوصف به هؤلاء المبتعدين عن شرع الله عز وجل: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} قال الله تعالى مبكتاً لهم، وراداً عليهم:{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين:33] من الذي وكلكم على هؤلاء المؤمنين تحسبون عليهم، من الذي كلفكم بأن تكونوا أنتم الكتبة لما يفعلون:{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} ما جعلنا هؤلاء الكفرة على المؤمنين يحصون أعمالهم ويُقيِّمون أعمالهم.

ثم ينتقل السياق إلى اليوم الآخر، والوقت الذي تدوم فيه الأشياء، وتدوم فيه الجنة والنار والعذاب والعقاب والنعيم كلها دائمة:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين:34] انظر إلى رحمة الله تعالى، وتسليته عن قلوب المؤمنين وعن نفوسهم، كيف أنه يوم القيامة عكس الوضع الذي كان في الدنيا على أولئك المستهزئين:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين:34 - 36].

ص: 25