المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عقيدة ابن المديني في القرآن - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ١٦٩

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌الإمام علي بن المديني [2،1]

- ‌نبذة عن الزمن الذي عاصره ابن المديني

- ‌استقرار الدولة الإسلامية في زمن ابن المديني

- ‌الحركة العلمية في زمن ابن المديني

- ‌نسب علي بن المديني

- ‌أولاد ابن المديني

- ‌معالي الأخلاق عند ابن المديني

- ‌أبو نعيم وتزكيته لابن المديني

- ‌تأثر ابن المديني بأخلاق مشايخه

- ‌تواضع علي بن المديني

- ‌حرص ابن المديني على مصلحة إخوانه

- ‌ابن المديني وتوقيره لأهل العلم

- ‌مباسطة ابن المديني وحسن خلقه

- ‌وقفة مع فتنة خلق القرآن

- ‌أحمد بن أبي دؤاد ودوره في نشر الفتنة

- ‌ثبات أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح أمام فتنة خلق القرآن

- ‌بداية ارتفاع محنة خلق القرآن

- ‌موقف ابن المديني من فتنة خلق القرآن

- ‌عقيدة ابن المديني في القرآن

- ‌افتراءات على ابن المديني في قضية خلق القرآن

- ‌نفي تهمة رمي ابن المديني بالتشيع

- ‌الرد على القول بأن الإمام أحمد لم يرو عن ابن المديني بعد المحنة

- ‌فقه الإمام علي بن المديني

- ‌ابن المديني كان مجتهداً لا مقلداً

- ‌قول ابن المديني في مسألة السترة

- ‌قول ابن المديني في مسألة مس الذكر

- ‌بداية نشأة ابن المديني العلمية

- ‌تقييد ابن المديني للحديث وعلومه

- ‌تلقي ابن المديني للعلم

- ‌اعتناء ابن المديني بحديث الأعمش

- ‌عناية ابن المديني بجمع الحديث من عدة طرق

- ‌السلف ورحلتهم في طلب العلم

- ‌ابن المديني ورحلته في طلب العلم

- ‌أقوال العلماء في ابن المديني

- ‌اعتناء ابن المديني بالكتب (النسخ)

- ‌ابن المديني وفن علل الحديث

- ‌علاقة سفيان بن عيينة بابن المديني

- ‌أبو عبيد وشدة إجلاله واحترامه لابن المديني

- ‌مشايخ ابن المديني

- ‌آثار علي بن المديني التراثية

الفصل: ‌عقيدة ابن المديني في القرآن

‌عقيدة ابن المديني في القرآن

أولاً: لا شك أن علي بن المديني رحمه الله من أئمة أهل السنة، واعتقاده في سائر أبواب العقيدة هو اعتقاد أهل السنة والجماعة، وبطبيعة الحال، فإن الكلام في اعتقاده رحمه الله في القرآن لا بد أن يكون جارياً على اعتقاد أهل السنة والجماعة في أن القرآن منزلٌ غير مخلوق، وهذا أمرٌ لا شك فيه، والنقولات عن هذا الإمام تثبت ذلك.

فقد جاء عنه رحمه الله تعالى أنه قال في هذه المسألة: أن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى منزلٌ غير مخلوق، ونقل العلماء رحمهم الله عنه عباراته التي تؤدي هذا المعنى.

فيقول إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت علي بن المديني على المنبر يقول: من زعم أن القرآن مخلوقٌ فهو كافر، ومن زعم أن الله لا يُرى فهو كافر، ومن زعم أن الله لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر.

وقال إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة أيضاً: سمعت علي بن المديني يقول قبل أن يموت بشهرين: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر.

إذاً: اعتقاد الإمام علي بن المديني رحمه الله في المسألة اعتقاد واضح لا لبس فيه من جهة ما يعتقده الرجل في هذه القضية، لكنه -ولا شك- بحسب الروايات التي جاءت لم يكن موقفه في القوة والصلابة مثل موقف الإمام أحمد رحمه الله، ولعل له عذراً في ذلك، فالرجل قد سُجِن وضُرِب.

يقول علي بن الحسين بن الوليد: حين ودعت علي بن عبد الله بن جعفر -أي: ابن المديني - قال: بلغ أصحابنا عني أن القوم كُفَّار ضُلَاّل، ولم أجد بُدَّاً من متابعتهم؛ لأني جلست في بيت مظلم ثمانية أشهر، وفي رجلي قيد ثمانية أمنان حتى خفت على بصري.

فإذاً: واضح أنه رحمه الله قد أُكْرِه على قول الباطل، وهذا هو صريحٌ في قوله: ولم أجد بُدَّاً من متابعتهم.

والإكراه واضح من قوله: "لأني جلست في بيت مظلم ثمانية أشهر، وفي رجلي قيد ثمانية أمنان حتى خفت على بصري".

واعتقاده في المعتزلة الذين يقولون بخلق القرآن وحملوا الناس على ذلك، قال: بلغ أصحابنا -أي: أهل السنة وأهل الحديث- عني أن القوم كُفَّار ضُلَاّل، ولم أجد بُدَّاً من متابعتهم.

ويقول ابن المديني رحمه الله أيضاً: ما في قلبي مما قلتُ وأجبتُ إليه شيء -الذي قلتُ وأجبتُ إليه وأنا مُكرَه ليس اعتقاداً بقلبي- ولكني خفت أن أقتل، وتعلم ضعفي أني لو ضُربت سوطاً واحداً لَمُتُّ.

وذكر رجلاً من الرواة وتكلم فيه مرة، فقال له العباس بن عبد العظيم العنبري: لا يقبلون منك، إنما يقبلون من أحمد بن حنبل -أنت بسبب موقفك، ما ثَبَتَّ، لا يأخذون بقولك في الرجال، بل يأخذون بقول أحمد قال: قوي أحمد على السوط وأنا لا أقوى.

فيظهر من هذه النصوص أن الإمام علي بن المديني رحمه الله كان نحيل الجسم، ضعيف التحمل، ليس معه من القوة الجسمية ما يعينه على تلقي الضرب وهو معذور، والله تعالى قد قال:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [النحل:106] ولكن مع ذلك فإن ابن المديني رحمه الله ظل يشعر بالندم على ما حصل منه تحت هذا الإكراه، وعدة روايات تُنْقَل عنه في تأسفه وتندمه، ونقلها العلماء.

ص: 19