المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهل الحق يتشابهون - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٠٦

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌دروس وعبر من قصة أبي ذر

- ‌جيل الصحابة كون مجتمعاً مسلماً متكاملاً

- ‌أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ترجمته وحياته

- ‌اسمه ونسبه وفضله

- ‌قصة إسلام أبي ذر في الرواية المتفق عليها

- ‌قصة إسلام أبي ذر في رواية مسلم

- ‌فوائد قصة إسلام أبي ذر

- ‌حرمة الجلوس في أماكن المنكرات

- ‌الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان خوف الحسد وغيره

- ‌عدم التسرع في تكدير المعروف

- ‌من يبحث عن الحق يوفقه الله إليه

- ‌أهل الحق يتشابهون

- ‌وجود الخلفية عن الواقع لدى المسلم أمر مهم

- ‌أهمية التناصح بين المسلمين

- ‌الأمور المهمة والخطيرة لا يكتفي المسلم فيها بخبر الناس

- ‌ذكاء أبي ذر في سؤاله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌من أراد أن يصل إلى الحق فإن الله يعينه

- ‌غيظ الكفار من شعائر المسلمين

- ‌الكفار يعتقدون أنهم على حق

- ‌العلم يؤدي إلى تعظيم حرمات الله

- ‌تفقد القادمين للحاق بالدعوة

- ‌حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن تخطيطه للدعوة

- ‌من يصدق في اللهجة يفتح الله على يديه

- ‌بعض الناس قد يتريثون في قبول الحق

- ‌هداية الله عظيمة وجواز التفاؤل بالأسماء الحسنة

- ‌لابد من الدقة والتعمق في البحث عن الحق

- ‌الاطمئنان وسيلة لتحقيق المعاشرة

الفصل: ‌أهل الحق يتشابهون

‌أهل الحق يتشابهون

وكذلك قول أنيس لـ أبي ذر (أتيت مكة فرأيت رجلاً يسميه الناس الصابئ هو أشبه الناس بك، أو لقيت رجلاً بـ مكة على دينك) هذا فيه إشعار بأن أهل الحق يتشابهون، وأهل التوحيد يتشابهون، ولو لم يلتق أحد منهم بالآخر، أو كان بعيداً عنه كل البعد، فلو رأيت رجلاً من أهل السنة والجماعة في أبواب العقيدة والعمل، في اعتقاده، وعمله، وعبادته، وجميع الأشياء.

ثم سافرت إلى مكان بعيد جداً، فوجدت رجلاً بنفس الصفات فإنك تحس أن هذين النفرين من أهل الحق متشابهان ولو لم يكن قد تلاقوا من قبل ولا عرف أحد منهم الآخر، ربما تسأله: أتعرف فلاناً؟ يقول: لا، وتستغرب كيف تشبه صلاة ذلك صلاة الآخر، وكيف كلام هذا عن السنة والبدعة مثل كلام ذلك الرجل، وكيف تصور هذا عن الواقع يشبه تصور ذاك، فتستغرب من التشابه والتطابق في الوجهات أو في المعتقدات والأعمال والآراء.

ولكن الذي يبرر هذا الأمر أن الحق -أيها الإخوة- إذا وقر في النفوس، فإن أتباعه يتشابهون أينما كانوا، وعمر رضي الله عنه كان من الناس المعروفين بأنه يصيب الحق، فقد تنبأ بأشياء، أو كانت عنده فراسة وإلهام، ألهمه الله بأشياء حصلت فعلاً، مثل أنه كان يتحرى نزول تحريم الخمر ويعلن بذلك، فنزل تحريم الخمر، وكان يتحرى نزول آية الحجاب، ويرى أنه وضع غير طبيعي أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن ونساء المسلمين، فنزلت آية الحجاب، وكان رأيه في أسارى بدر صائباً موافقاً للقرآن، وأشياء أخرى، كان فيها رأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه موافقاً للحق، وهذه قضية إلهام يلهمه الله عز وجل، فأحياناً أهل الحق الواحد منهم من قد يهتدي إلى شيء من غير تعليم؛ بسبب سلامة فطرته، وصحة تفكيره، يهتدي إلى الحق، ولو ما دله عليه ولا علمه إياه أحد، وهذا أبو ذر ما علمه التوحيد أحد، لكن الرجل فكر في الواقع، فليس من المعقول أن هذه السماء يكون خلقها هبل، وهذه الأرض والأشجار خلقتها إساف ونائلة، لا بد أن يكون هناك واحد أوجد هذه الأشياء وخلقها، ولذلك عرفه وصار يعبده، فمن الذي علمه؟ فأصحاب الفطر السليمة لا بد أن يهتدوا إلى الحق، وربما يتشابهون في أعمالهم ومعتقداتهم.

ص: 12