الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع الذنوب والمعاصي وخطرها
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون! لقد أوجب الله على عباده طاعته، وحرم عليهم معصيته، وكان ذنب إبليس لعنه الله أنه عصى ربه معصية عظيمة، كان سببها الكبر، إذ قال:{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] فلعنه الله وأعطاه بحكمته المهلة إلى قيام الساعة؛ فتعهد إبليس بإضلال البشر وإغوائهم، بشتى أنواع الإغواء وتعهد بإيقاعهم في حبائل المعصية، كبيرها وصغيرها.
والذنوب تنقسم إلى قسمين: كبائر وصغائر دل عليها قول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم:32] وهي صغائر الذنوب.
والمشكلة في هذا الزمان -أيها الإخوة- أن الناس عدوا أموراً من الكبائر ظنوها من الصغائر، وثانياً: أنهم استهانوا بأمور من الصغائر استهانة ألحقتها بالكبائر.
وقد اختلف أهل العلم في الكبائر ما هي؟ هل هي محدودة بحد أو بعد؟ فمنهم من قال: إنها محدودة بعدٍ فعدها بسبعين، وبعضهم أوصلها إلى تسعين، وظن بعض الناس أن بعض الكتب المؤلفة في الكبائر هي التي تحصر الكبائر فقط، وأنه لا يوجد كبائر غيرها، وبعض أهل العلم قال: إنها ليست محدودة بعدٍّ ولكن الحد فيها: هو كل معصية ورد فيها لعن، أو غضب، أو طرد من رحمة الله عز وجل، أو نفي الإيمان عن صاحبها (والله لا يؤمن) مثلاً، أو وعيد بالنار، أو بنوع من العذاب في الدنيا أو في الآخرة، في الدنيا مثل إقامة الحدود ونحوها، ولعل هذا التعريف جامع لأنواع كثيرة من الكبائر.
والأمر الثاني أيها الإخوة: وهو أن بعض الناس قد استصغروا أشياء من الكبائر، أو أنهم قد احتقروا صغائر الذنوب التي يعملونها، خلافاً لاعتقاد الصحابة رضوان الله عليهم كما وقع في حديث أنس عند البخاري رحمه الله:(إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر -ترونها تافهة جداً- كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات) وكما وقع لـ ابن مسعود رضي الله عنه في معنى قوله: [إن المؤمن يرى ذنوبه كجبل يوشك أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا، فطار] وهذا معنى أن الناس اليوم يحتقرون الذنوب، وقد يقترن بالذنب الصغير، فبالتهاون به واحتقاره وتكراره والإصرار عليه ما يجعله كبيرة من الكبائر، وهذا معنى قول علمائنا: لا صغيرة مع الإصرار -فإنها مع الإصرار تصبح كبيرة- ولا كبيرة مع الاستغفار، إذ إن التوبة تمحو الذنوب.