المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تذكيره بالله وبما كان منه في الماضي - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٥١

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌مصيبة الدين: الضلال بعد الهدى

- ‌رسائل تثبت أهمية خلع رواسب الجاهلية

- ‌شاب يعود للانتكاسة في الصيف

- ‌شاب لم يستطع ترك المسلسلات

- ‌شاب لم يفارق رفقة السوء

- ‌شاب اهتم بغيره وأهمل نفسه

- ‌شاب وشابة وقعا في المحادثات الهاتفية

- ‌شاب يخشى الوقوع على محارمه

- ‌شباب ما زالت عندهم رواسب من الماضي

- ‌خطورة عدم اجتثاث رواسب الجاهلية

- ‌من أسباب النكوص الذاتية

- ‌خوض غمار المعركة بدون عدة

- ‌اتهام النفس بالنفاق

- ‌من أسباب النكوص الخارجية

- ‌من الأسباب: سوء التربية

- ‌عدم ملء وقت الفراغ بالطاعات

- ‌عدم تفقد الأخوة لأخيهم المستقيم حديثاً

- ‌أخذ الاستقامة جملة واحدة

- ‌الاعتقاد أن أهم ما في الاستقامة هو الظاهر

- ‌الهجران غير الصحيح

- ‌الانتكاس إذا رأى خطأ ممن اتخذه قدوة له

- ‌المعاملة السيئة ممن حوله

- ‌كثرة رؤيته للمنتكسين

- ‌مظاهر من نكص عن طريق الاستقامة

- ‌إظهار عدم الارتياح من الصالحين

- ‌الاعتذار عن أفعاله باختلاف العلماء

- ‌التهرب من لقاء الصالحين

- ‌تيئيس الصالحين من عودته للاستقامة

- ‌أحوال من تاب ثم انتكس

- ‌علاج الضلال بعد الهدى

- ‌الوقاية بالتربية خير من العلاج

- ‌التماس الأعذار له حدود

- ‌تذكيره بالله وبما كان منه في الماضي

- ‌التودد إليه وإزالة شبهته أو شهوته

- ‌عدم مجابهته على أنه عدو ضال

- ‌تدارك الشر قبل استفحاله

- ‌استغلال نقطة الحنين إلى الماضي

- ‌عدم رد السبب في الانتكاس إلى الوسط المعايش

الفصل: ‌تذكيره بالله وبما كان منه في الماضي

‌تذكيره بالله وبما كان منه في الماضي

لنعلم يا إخواني أن علاج هذه المواقف هو في غاية الصعوبة والحساسية، وأنه شديد، لماذا؟ لأنه كما ذكرنا لكم من أعمى العمى الضلال بعد الهدى، ويوجد فرق بين شخصٍ عرف الحق وتركه وشخصٍ لم يعرف الحق أصلاً، أيهما أسهل؟ الذي لا يعرف الحق أصلاً هو في الغالب أسهل، لأنه إذا عرض عليه وأقنع بطريقة صحيحة فإنه يتقبل، لكن واحد عرف الحق وعرف الأدلة ثم استقام عليها فترة من الزمن وتذوق حلاوة الإيمان فترة من حياته، هذا الرجل إذا تراجع كيف السبيل إلى إرجاعه؟ وماذا تقول له؟ الآن لو أنك رأيت عاصياً ما عرف الحق ولا أحد ذكره من قبل فقلت له: يا أخي اتق الله عذاب النار والجنة كذا، وأنت إذا استقمت لك من النعيم كذا وكذا، وإذا فجرت واستمريت على العصيان ينتظرك عذاب القبر، وذكرته بعظمة الله فإن الرجل قد يتفاعل معك ويتغير ويترك المنكر، لكن واحد يعرف هذه الأمور كلها ومرت عليه كلها، بل إنه ربما كان يمارسها في الدعوة إلى الله في يوم من الأيام، ماذا تقول له الآن؟ أنت تقول: كذا، يقول: أنا عارف، وقد يضحك بك ويستهزئ بك وأنت تكلمه، لأنه يعلم هذه الأشياء، وهذه المصيبة، هذه الخطورة؛ ولذلك بعض الناس يستكثرون من حجج الله عليهم، وبعد ذلك ماذا تقول له، وبماذا تذكره؟ بالنار، هو يعرف تفاصيل عذاب جهنم، وربما يعرف أكثر منك، تذكره بعذاب القبر وهو يعرف تفاصيل عذاب القبر، ماذا تقوله له الآن؟ إنه يعرف كل شيء ويفهم كل شيء، وربما كان يجيد الكلام في الماضي عن المواضيع التي أنت تكلمه الآن فيها أكثر منك، فهنا يقع في نفس الشخص المخلص حيرة شديدة، كيف يبدأ؟ وماذا يقول؟ ومن أين تكون نقطة الإصلاح؟ قد يكون من الخير أيها الإخوة أن يركز مع هذا الرجل على جوانب التذكير بالله، وأعمال القلوب، ومحبة الله، وخوف الله، لأنه لن يرده شيء مثلما ترده هذه الأمور، أعني: أن بيان الأحكام ليس فيها رجاء كبير أن ترده لأنه عارف بأدلة الأحكام أكثر منك، لكن ما هو الشيء الذي يمكن أن يؤثر في الناس؟ لا تزال الأشياء الترقيقية والتذكيرية والتي فهيا ربط بالله عز وجل يمكن أن تكون هي الطريق، مع أنه قد يكون يعلمها، لكن {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55] التذكير هو بداية العلاج، فهذا رجل في حالته من الممكن أن نشبهه أحياناً بحالة الشخص الذي قد وقع في غيبوبة بسبب حادث وهو الآن راقد على السرير في المستشفى، وأهله من حوله وهم يحاولون أن يعيدوه إلى وعيه، فأمه تصرخ وتقول: يا فلان فلان! أنا أمك، أنا فلانة تذكرني، أبوه يقول له: يا فلان! يا ولدي! أنا فلان تذكرني، إخوانه يقولون له: نحن فلان وفلان إخوانك ألا تذكرنا؟! أما تذكر خالك فلاناً وعمك فلاناً، بيتنا في المكان الفلاني، أصدقاؤك فلان وفلان في المدرسة، هذا يحدث الآن في مثل حوادث السيارات وغيرها، يقع في غيبوبة ويبدأ يفتح عينيه تدريجياً، وأحياناً يغلقها ويعود للغيبوبة، ثم يفتحها تدريجياً ويعود لغيبوبة، ماذا يفعل من حوله؟ إنهم يحاولون أن يذكروه بأقرب الأشياء إليه، حتى يحاول أن يستعيد وعيه شيئاً فشيئاً، ولذلك يقول الأطباء لمن حوله من أقربائه: داوموا على تذكيره وتنبيهه، داوموا على أن تصل الأصوات إلى أذنيه، ربما أنه يرجع إلى وعيه، يتذكر شيئاً فشيئاً.

هذا الشخص ممكن نقول أنه في مثل هذه الحالة، فإنك تهزه وتنبهه على أشياء في الماضي، هذه قضية مهمة، تذكير الشخص بأموره التي كانت في الماضي، ما تذكر كذا، كيف كنت تمارس كذا، تلك الأيام وتلك المجالس، ما حصل في المجلس الفلاني كذا من ذكر الله، ما حصل في المجلس الفلاني من الفوائد، وتحاول بشتى الأشياء أن يستيقظ هذا الرجل من الغيبوبة التي هي فعلاً غيبوبة؛ غيبوبة المعاصي والفسق تحتاج إلى واحد ينفض ويهز هزاً شديداً.

ص: 33