المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رجاء القبول مع الخوف من الرد - دروس للشيخ محمد المنجد - جـ ٢٧٢

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

- ‌تربية النفس على العبادة

- ‌طرق تربية النفس على العبادة

- ‌العلم بالعبادة

- ‌المسارعة إلى العبادة

- ‌الاستمرار على العبادة

- ‌الاجتهاد في العبادة

- ‌عدم إملال النفس

- ‌استدراك ما فات

- ‌رجاء القبول مع الخوف من الرد

- ‌التنويع في العبادة

- ‌الإلمام بنصوص الترغيب في العبادة

- ‌البدء في التعود منذ سن مبكرة

- ‌الانخراط في الأوساط الإيمانية

- ‌تخصيص وقت من اليوم للعبادة والأذكار

- ‌الأسئلة

- ‌مراجع المحاضرة

- ‌المقصود بالعلماء في قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)

- ‌دلائل قبول العمل

- ‌موقف الإسلام من المتصوفة

- ‌لا يشترط النوم قبل قيام الليل

- ‌قراءة الحفظ في قيام الليل

- ‌من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه

- ‌ساعة وساعة

- ‌نهي النبي لزينب عن الاستعانة بالحبل

- ‌لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق

- ‌لا يأثم من ينشط في العبادة بسبب خطبة أو موعظة

- ‌استحباب أن يكون للمسلم عمل يداوم عليه

- ‌علاج الخوف من الرياء

- ‌الاكتفاء بالقيام بالواجبات وبعض المستحبات وترك المحرمات في حال الفتور

- ‌سبب التقصير في العبادة

- ‌في حالة الطاعة يغلب جانب الرجاء وفي حالة المعصية العكس

- ‌الحذر من الترف الزائد

- ‌تخصيص وقت للعبادات

- ‌علاج الفتور في العبادة

- ‌معنى: (ما سبقكم أبو بكر بكثير صلاة ولا عمل)

- ‌مقدار الزمن الذي يختم فيه القرآن

- ‌ضعف الإيمان الأسباب والعلاج

- ‌حكم النزول عن الحد الأدنى للعبادات

- ‌حكم محاسبة النفس على صيغة جدول

- ‌استدراك ما فات

- ‌لذة المناجاة في الخلوة

- ‌الحذر من الانشغال بالأعمال عن الطاعات

- ‌يقدم في الأعمال الأهم فالأهم

- ‌المباحات قد تصبح عبادة

- ‌الخير مطلوب من الإنسان أن يقوم به

- ‌كيفية التخلص من الوساوس في الصلاة

- ‌كتاب سير أعلام النبلاء

- ‌الفهم الصحيح لحديث: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)

- ‌الابتعاد عن أوساط المعصية

- ‌قرب التوبة من صاحب المعاصي القليلة

- ‌الجمع بين الحديث الذي فيه دخول الصائم من باب الريان وحديث فتح أبواب الجنة

- ‌حكم المداومة على صلاة الضحى

- ‌حكم قول: (لو)

- ‌الخوف من الفتور

الفصل: ‌رجاء القبول مع الخوف من الرد

‌رجاء القبول مع الخوف من الرد

وكذلك من الأمور المهمة في العبادة وتربية النفس عليها، رجاء القبول مع الخوف من الرد، فإن بعض الناس إذا عملوا أعمالاً وعبادات أصيبوا بنوع من الغرور أو الاغترار بالعبادة، وشعروا أن فيهم صلاحاً عظيماً، وأنهم صاروا من أولياء الله، ولكن المسلم يخشى ألا تقبل عبادته، فهو يجتهد ويلتزم بالسنة ومع ذلك يخشى على نفسه.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟) -يعني: يعملون أشياء ويخافون من الأعمال السيئة التي فعلوها، يعبدون الله ويتصدقون ويخافون مما عملوا من شرب الخمر والسرقة مثلاً- (قال: لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات) رواه الترمذي وهو حديث صحيح.

لا يا ابنة الصديق! ليس ما ظننتيه ولكنهم الذي يسارعون في الخيرات منهم، ولكنهم:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [المؤمنون:61] الخشية هذه من رد العمل مهمة، والمؤمن يجب أن يعيش بين الخوف والرجاء، مهما كثرت العبادة يخشى على نفسه لربما وقع في عجب أذهب أجره، أو وقع في شيء من الرياء أو الاغترار، ثم إنه مهما عبد فلا يكافئ نعمة البصر، فأي شيء يظن في نفسه؟ ومن صفات المؤمنين: احتقار النفس أمام الواجب من حق الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد:(لو أن رجلاً يُجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة) كله عبادة متواصلة لا نوم ولا أكل ولا شرب، كله عبادات متواصلة في مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة، يعني: بجانب ما يرى من الواجب عليه في النعم وحق الله يرى أن ما عمله طيلة حياته من يوم ولد إلى يوم يموت يراه لا شيء بجانب حق الله، ولذلك لا يمكن أن يكون المسلم مغتراً بالعبادة مهما كثرت عبادته؛ لأن من عرف الله وعرف النفس، يتبين له أن ما معه من البضاعة لا يكفيه ولو جاء بعمل الثقلين، وإنما يقبله الله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيب عليه بكرمه وجوده وتفضله.

ومن اللفتات الجليلة ما كان يقوله أبو الدرداء رضي الله عنه: [لئن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها إن الله يقول: ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)) [المائدة:27]] لو علمت أن الله تقبل صلاة واحدة، لكان عندي شيئاً عظيماً، ولشعرت بطمأنينة، ونحن نعمل ولا ندري أيقبل منا أو لا يقبل، لكن يجب أن يكون عندنا حسن ظن بالله أنه يقبلها منا، إذا صليت وصمت يجب أن يكون عندك حسن ظن بالله أنه يقبلها منك، لكن هل تقطع لنفسك أنها قبلت؟ لا.

حسن الظن بالله أنه يقبل، ورجاءً أن يقبل لا يعني: أنك تقطع لنفسك أنه قبلك، فإذا بقيت على هذا الشعور بين الرجاء وحسن الظن بالله أنه يقبل، وبين الخوف من ردها عليك وعدم قبولها، أو حبوطها، لكان المسلم يعمل ويعمل وهو على خير عظيم.

ص: 9