المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انتشار الصحوة الإسلامية المباركة - دروس للشيخ محمد حسان - جـ ١٠٨

[محمد حسان]

الفصل: ‌انتشار الصحوة الإسلامية المباركة

‌انتشار الصحوة الإسلامية المباركة

أيها الخيار الكرام! لا ينكر عاقل منصف على الإطلاق أننا نعيش الآن صحوة إسلامية مباركة، تتمثل في شباب في ريعان الصبا، وشواب في عمر الورود، كوكبة كريمة من الفتيان والفتيات، أتت هذه الكوكبة من جديد لتمشي على الطريق التي مشى عليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، تسري هذه الكوكبة بدعوته بين الصخور والحجارة كسريان الماء، وتنزلت في بقاع الأرض كتنزل حبات الندى على الزهرة الظمأى والأرض العطشى، إنه وعد الله، ويحلو لي أن أنشد: صبح تنفس بالضياء وأشرق والصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقوافل الإيمان تتخذ المدى درباً وتصنع للمحيط الزورقا ما أمر هذي الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا هي نخلة طابت ثرى فنما لها جذع قوي في التراب وأعذقا هي في رياض قلوبنا زيتونة في جذعها غصن الكرامة أورقا فجر تدفق من سيحبس نوره أرني يداً سدت علينا المشرقا يا نهر صحوتنا رأيتك صافياً وعلى الضفاف رأيت أزهار التقى قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطى للطهارة موثقا ورموه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامة وارتقى أوكان إرهاباً جهاد نبينا أم كان حقاً بالكتاب مصدقا أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به ونمدح عفلقا إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأطرقا إن التطرف أن نبادل كافراً حباً ونمنحه الولاء محققا إن التطرف وصمة في وجه من قد حولوا البوسنا رماداً محرقا شتان بين النهر يعذب ماؤه والبحر بالملح الأجاج تدفقا يا جيل صحوتنا أعيذك أن أرى في الصف من بعد الإخاء تمزقا لك في كتاب الله فجر صادق فاتبع هداه ودعك ممن فرقا لك في رسولك أسوة فهو الذي بالصدق والخلق الرفيع تخلقا يا جيل صحوتنا ستبقى شامخا ولسوف تبقى باتباعك أسمقا إننا نرى الصحوة في كل بقاع الأرض، لا نراها في مصر فحسب، أسأل الله أن يحفظ مصر، وأن ينمي الخير في مصر، فوالله إن الخير في مصر، لا نرى الصحوة فقط في مصر، بل ولا في البلاد الإسلامية فقط، وإنما نرى الصحوة في بلاد الكفر، بل على ظهر قلعة الكفر في الأرض (أمريكا!).

أشهد الله -من باب البشارة والله أعلم بنيتي- أنني كنت منذ شهر تقريباً أخطب الجمعة في مسجد الفاروق في بروكلين في نيويورك، وهاهو أحد إخواننا ممن صلى معي الجمعة هناك يشرفنا الآن، فقد زارنا في الله، فجزاه الله خيراً، والمسجد أربعة طوابق، وأعلن الإخوة عن خطبة الجمعة في التلفاز وفي المساجد، فأقبل إلى المسجد المسلمون، وجاء بعضهم من ولايات تبعد عن المسجد بأربع ساعات بالطائرة! والله يا إخوة! رأيت بعيني أن الإخوة قد فرشوا للمصلين خارج المسجد، قلت: وعد الله عز وجل، حتى قلت للإخوة وأنا على المنبر: لا أشعر الآن أنني أخطب في أمريكا على تراب قلعة الكفر في هذه الأرض، وإنما أشعر أنني أخطب بين الموحدين في مصر! وعد الله، الصحوة الآن أكبر حدث إنساني في النصف الثاني من القرن العشرين، وأقول لكم بملء فمي، بلغة يحدوها الأمل، وبقلب يملؤه اليقين: إن هذه الصحوة قد بدأت بالفعل تنقل الأمة من مرحلة أزمة الوعي إلى مرحلة وعي الأزمة، شبابنا الآن يتكلم عن اليهود، شباب الصحوة الآن يعرف تاريخ اليهود الأسود، شباب الصحوة الآن يعرف الولاء والبراء، شباب الصحوة الآن يعرف هذه الشلة التي لمعت، وأحيطت بهالة من الدعاية الكاذبة؛ لتغطي هذه الهالة الدعائية انحرافهم، هؤلاء الذين ربوا في مدارس أعداء الدين، ثم عادوا إلينا لينفثوا سموم فكرهم العفن النتن، شبابنا الآن يعرف حقيقة هؤلاء من أمثال: المصلح الاجتماعي الأول للأزهر، من أمثال عميد الأدب العربي، إلى آخر هؤلاء، فشباب الصحوة الآن يعرف حقيقة تاريخهم الأسود.

انتقلت الأمة في غالبها على أيدي شباب هذه الصحوة من مرحلة أزمة الوعي إلى مرحلة وعي الأزمة.

ثم انظروا أيها الآباء الكرام وأيها الشباب الأخيار إلى دعاتكم وشيوخكم الذين يبصرونكم الآن ويعلمونكم على مستوى العالم، سترون أن الغالبية من هؤلاء هم من الشباب، وعد الله عز وجل، فلا ينكر الآن الصحوة إلا من عمي بصره بعد أن عميت بصيرته، الصحوة الآن هي محط الحديث، ومحور الحديث على مائدة المفاوضات لكل زعماء العالم، إن اجتمع زعماء الغرب، إن اجتمع زعماء الشرق، إن اجتمع زعماء العالم العربي، فالصحوة هي محور حديثهم، وإن كان الإعلام يتحدث عن الصحوة بلغة التفرق والإرهاب والأصوليين والمتطرفين والإرهابيين، فإن الحديث في الأصل عن الصحوة وعن شباب الصحوة، أسأل الله أن يبارك فيها، وأن ينقيها، وأن يجعلها غصة في حلوق المجرمين والمنافقين، وأن يرد الأمة على أيدي شبابها رداً جميلاً إليه، إنه هو مولانا ورب العالمين.

ص: 3