المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من صفات عباد الرحمن قيام الليل - دروس للشيخ مصطفى العدوي - جـ ١٢

[مصطفى العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌صفات عباد الرحمن

- ‌تفسير آيات بينات من سورة الفرقان

- ‌مآل وعاقبة العصاة

- ‌من صفات عباد الرحمن سؤال الله أن يكونوا أئمة صالحين

- ‌مآل وجزاء عباد الرحمن وسبب ذلك

- ‌من صفات عباد الرحمن سؤال الله الولد الصالح

- ‌من صفات عباد الرحمن الابتعاد عن اللغو

- ‌من صفات عباد الرحمن الانتفاع بكتاب الله

- ‌قبول توبة من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً

- ‌معنى إبدال الله السيئات حسنات

- ‌من صفات عباد الرحمن ابتعادهم عن شهادة الزور

- ‌من صفات عباد الرحمن عدم الإشراك بالله

- ‌من صفات عباد الرحمن عدم سفكهم للدماء والوقوع في الزنا

- ‌من صفات عباد الرحمن أنهم يرجون رحمة الله ويخافون عذابه

- ‌من صفات عباد الرحمن الاقتصاد في معايشهم

- ‌من صفات عباد الرحمن قيام الليل

- ‌من صفات عباد الرحمن التواضع والسكينة والوقار

- ‌من صفات عباد الرحمن القول الطيب الحسن والعفو والصفح

- ‌الحكمة من اختلاف الليل والنهار

- ‌معنى: تبارك

- ‌التفكر في أسماء الله وشرعه ومخلوقاته

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من احتلمت وهي حائض ولم تغتسل

- ‌حكم الرقص على أغان يذكر فيها اسم الله وحكم الزغاريد

- ‌حكم من صلى المغرب في الحرم بعد طواف الوداع

- ‌ضعف سند حديث: (داووا مرضاكم بالصدقة)

- ‌الدعاء عند ختم القرآن

- ‌حكم قراءة القرآن من المصحف في الصلاة

- ‌صحة إسناد حديث صلاة التسابيح

- ‌تحريك الإصبع في التشهد

- ‌معنى حديث: (ثلاثة تقطع الصلاة)

- ‌حكم تأدية صلاة الاستخارة وسنة الوضوء وقت الكراهة

- ‌حكم من حج عن أبيه من ماله الخاص

- ‌حكم الأناشيد

- ‌حكم تحويل المسجد إلى مدرسة لتحفيظ القرآن

- ‌مس النبي صلى الله عليه وسلم صدور بعض أصحابه للحاجة

- ‌حكم من ألقي عليه السلام وهو في الخلاء

الفصل: ‌من صفات عباد الرحمن قيام الليل

‌من صفات عباد الرحمن قيام الليل

قال الله سبحانه -مبيناً حالهم في الليل بعد أن بين حالهم في النهار-: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [الفرقان:64] فهذا مبيتهم يبيتون لربهم، فعملهم لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، لا رياء فيه، ولا سمعة فيه، وهذا مستفاد من قوله:{يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ} ، حالهم دائرٌ بين القيام والسجود.

{يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [الفرقان:64]: وكما وصفهم ربهم سبحانه: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:18].

وكما وصفهم بقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16] لماذا؟ {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة:16].

وكما ذكرهم ربنا بقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر:9] أي: يطيل القيام ساعات الليل الطويلة {سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر:9] هذا مطلبهم؛ حَذَرُ الآخرةِ وطلبُ رحمةِ الله سبحانه وتعالى، ليلهم على هذا المنوال.

هذه -يا إخوة- ليست أساطير، إنما هي سير أهل الفضل والصلاح، فهم قدوة للسالكين الذين يريدون أن يسلكوا مسلك أهل الفضل، مسلك عباد الرحمن الذين يبيتون لربهم، ليس مبيتهم في جدل طويل، وليس مبيتهم في لهوٍ وعبث، إنما مبيتهم لربهم سجداً وقياماً.

ومع هذا المبيت الطويل الذي يتقلبون فيه بين السجود والقيام والركوع، مع هذا المبيت الطويل لربهم على هذا النحو وعلى ذاك المنوال، فهم يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم! هم يعملون الأعمال ويسألون الله القبول، لا يعملون الأعمال ويفتخرون بها، بل كما وصفهم ربهم:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:60].

سألت أمُّنا عائشة رضي الله عنها نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية وقالت: (يا رسول الله! {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:60] أهو الرجل يسرق ويزني ويخاف أن يعاقب؟ قال: لا يا ابنة الصديق! إنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي ويخاف أن لا يُقْبَل منه).

حالهم كحال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، رحمة الله عليك يا خليل الرحمن! ترفع القواعد من البيت أنت وولدك إسماعيل وتقولان:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]، ثم تطلبان من الله الثبات على الطريق حتى الممات:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:128].

ص: 16