الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير قوله تعالى: (فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا)
{فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف:63] زهنا لفتة عارضة تستفاد من قولهم: ((يَا أَبَانَا)) أنه ينبغي أن نتخاطب فيما بيننا، وأن نعلم أبناءنا اللغة التي نزل بها كتاب ربنا، فلم يقولوا: يا (بابا) منع من الكيل.
إنما قالوا: ((يَا أَبَانَا)) فلزاماً علينا -إن كنا نحب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن نتأسى به وبالكتاب الذي نزل عليه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(استأذنت ربي أن أزور قبر أمي) ولم يقل: استأذنت ربي أن أزور قبر (ماما)، كما يفعله المتهوكون الحيارى المتبعون لليهود والنصارى.
{قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ} فهل منع الكيل منهم حتى يقولوا منع منا الكيل؟ كلا.
ما منع منهم كيل، بل أخذوا حقهم ونصيبهم غير منقوص، بل وردت بضاعتهم إليهم مرة أخرى، فكيف قالوا: منع منا الكيل؟ يقول أهل العلم: إن هذا إطلاق باعتبار ما هو آت، كالوارد في قوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف:36] والخمر في الأصل معصور، ولكن المعنى إني أراني أعصر عنباً فيئول العنب بعد ذلك إلى خمر، وكالوارد في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء:10] أي: ستئول هذه الأموال إلى نار والعياذ بالله! فقولهم: ((مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ)) أي: سيمنع منا الكيل.
وقد يطلق اللفظ باعتبار ما قد فات كما في قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء:2] أي: الذين كانوا يتامى، وكما في قوله تعالى:{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الأعراف:120] أي: الذين كانوا سحرة، إذ لا سحر مع سجود.
((قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي)) ماذا نطلب وماذا نريد؟ ((هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا)) أي: نجلب لأهلنا الميرة، وهي الطعام {وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} [يوسف:65] * {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف:66] والموثق: هو العهد المؤكد باليمين {حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} ومن أقوال العلماء في تفسير قوله تعالى {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أي: إلا أن تهلكوا عن آخركم، ومنه قوله تعالى:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف:42].