الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستعداد الدائم للقاء الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالعنوان وقفة محاسبة.
أيها الأخ الكريم! قبل أن أدخل في الموضوع، حاول أن تعيش معي هذه الآية، وأن تترجمها في حياتك العملية، ثم لنجعلها مدخلاً لحديثنا، وهي قول الله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18] هل أنت من الذين آمنوا؟ إذن فأرخ لها سمعك: (اتقوا الله) فاجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، ثم بعدها انظر ماذا قدمْتَ لغد.
أيُّ غد يا عبد الله؟
الغد قريب {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً} [المعارج:6] * {وَنَرَاهُ قَرِيباً} [المعارج:7] قريب يا عبد الله، ربما تكون هذه الليلة هي الأخيرة، وربما لن ترى الفجر، وربما لن ترى الشمس تشرق عليك بعد هذه الليلة، وما يدريك ربما لن ترجع إلى أهلك بعد هذه اللحظات، بل ربما لن تسمع حديثي إلى النهاية، وما يدريك، هي أقرب من لمح البصر، بل يا عبد الله الأمر يأتي بغتة وفجأة.
هذا رجل خرج من بيته، فقال لأهله: ماذا تريدون وماذا تطلبون؟ قالوا: نريد كذا وكذا، فإذا به يذهب، وبعد قليل يصل اتصال إلى أهل البيت: أهذا بيت فلان بن فلان؟ قالوا: نعم، قالوا: إن أباكم أو ابنكم أو زوجكم ينتظركم في المستشفى الفلاني، أسرعوا! فإذا هو قد فارق الدنيا، مسكين كان يظن أنه سوف يرجع إلى البيت.
وهذا الذي بنى البيت ولما يؤثثه، انتظر متى يؤثث البيت وكان يحلم ويخطط، وكان يتأمل ولكن الأجل أقرب.
وهذا الذي كان يدرس، ينتظر الشهادة أربع سنين، ولما ذهب ليستلم الشهادة، فإذا هو بحادث يفارق به الحياة الدنيا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18].
أيها الأخ الكريم: اجعل نفسك أمام الله جل وعلا وكأن الله يحاسبك، وكأن ميزان الأعمال قد نصب، وكأن الكتاب قد وضع أمامك:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَة} [الكهف:49] نظرة، كلمة، زلة، أغنية استمعت إليها، كلها مكتوبة، أف للوالدين، ترك للصلاة، غيبة، نميمة، {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49].