المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هزيمة المسلمين يوم أحد كانت بسبب ذنوبهم - دروس للشيخ ياسر برهامي - جـ ٣١

[ياسر برهامي]

فهرس الكتاب

- ‌قل كل من عند الله

- ‌ظن المنافقين بالله عز وجل يوم أحد

- ‌أمراض النفوس تظهر عند المحن والشدائد

- ‌الطائفة المنصورة هي المعتبرة في التغيير وليس الكثرة

- ‌دعاء الأنبياء يغير وجه الأرض

- ‌سبب تأخر تغيير الواقع

- ‌حكم من هزيمة المسلمين يوم أحد

- ‌خمس خصال تضاد ما أودع في القلب من خير

- ‌أقسام الأعمال

- ‌من عقوبة المعصية المعصية بعدها

- ‌هزيمة المسلمين يوم أحد كانت بسبب ذنوبهم

- ‌نكتة في قوله تعالى: (إن الله على كل شيء قدير)

- ‌تعزية الله لنبيه وللمسلمين في شهداء أحد

- ‌الأسئلة

- ‌حكم دعاء المذاكرة

- ‌لسنا أنبياء فيستجاب لنا من أول مرة

- ‌الواقع لا يتغير حتى يتميز المفسدون

- ‌حكم من قال: لابد أن يتغير المجتمع كله حتى يستجيب الله لنا

- ‌حكم من يعمل أعمال الجوارح ويشعر بالفتور في أعمال قلبه ولا يعلم السبب

- ‌حكم الاحتجاج بالقدر على المعاصي

- ‌حكم من يريد الزواج وهو مريض ولا يريد العلاج خشية انكشاف عورته

- ‌حقيقة مثلث برمودا والأطباق الطائرة

- ‌معنى قول الشنقيطي: إن آيات الصفات ليست من المتشابه

- ‌حكم الأحاديث الموضوعة والإسرائيليات

- ‌حكم من يستشهد بروايات من التاريخ ضعيفة لإثبات قصة التحكيم ومقتل الحسين وفساد الأمويين

- ‌حكم من يتعامل مع الجن ويستدل أن سليمان عليه السلام تعامل معهم

- ‌كيفية إخراج زكاة العروض لمحل أدوات كهربائية أو قطع غيار

- ‌حكم من أعطى زكاة الغنم والإبل مذبوحة

- ‌حكم زكاة الدين

- ‌حكم زيارة المرأة لجارها المريض

الفصل: ‌هزيمة المسلمين يوم أحد كانت بسبب ذنوبهم

‌هزيمة المسلمين يوم أحد كانت بسبب ذنوبهم

يقول ابن القيم: ثم كرر عليهم سبحانه: أن هذا الذي أصابهم إنما أتوا فيه من قبل أنفسهم، وبسبب أعمالهم، فقال:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:165]، يقول: وذكر هذا بعينه فيما هو أعم من ذلك في السور المكية، أي: فيما هو أعم من الهزيمة، بل كل المصائب من مرض وفقر وشدة، وغيرها، قال ابن القيم: فقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30]، وقال:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء:79] أي: أنها بسبب نفسك، ومن الله خلقاً وإيجاداً، {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء:78] أي: خلقاً وإيجاداً، ((مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) أي: تفضلاً منه عز وجل، ((وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)) أي: بسبب كسبك، وبسبب عملك، وهو من الله الذي قدره وأوجده وخلقه، فهي من الله خلقاً وإيجاداً، ومن العبد تسبباً وكسباً.

قال: فالحسنة والسيئة هاهنا: النعمة والمصيبة، فالنعمة من الله من بها عليك، والمصيبة إنما نشأت من قبل نفسك وعملك وإن كانت من الله خلقاً وإيجاداً، ولذلك لا يوجد تعارض بين ((َمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ))، والآية التي قبلها:{قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء:78].

يقول: فالأول: ((مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) فضله والثاني: {وََمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء:79] عدله، والعبد يتقلب بين فضله وعدله، جار عليه فضله، ماض فيه حكمه، عدل فيه قضاؤه، فختم الآية الأولى بقوله:((إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) والآية هي: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:165] بعد قوله: ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))، إعلاماً لهم بعموم قدرته مع عدله، وأنه عادل قادر، وفي ذلك إثبات القدر والسبب، وأن السبب الباطل من الأعمال، وهذا المشهد وهو شهود أن الله على كل شيء قدير، وشهود ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)) عظيم الأهمية في حياة المؤمن، فذكر السبب وأضافه إلى نفوسهم، وذكر عموم القدرة وأضافها إلى نفسه، فالأول وهو:((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)) ينفي الجبر، والثاني: وهو: ((إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) ينفي القول بإبطال القدر، فهو يشاكل قوله:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:28 - 29]، فذكر مشيئة العبد، وأثبت أنها تابعة لمشيئة الرب.

ص: 11