الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
…
بين يدي الكتاب
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى!
أسطورة عجيبة عن الوهابيين: أما بعد فإن كاتب هذه السطور قد ولد أواخر 1323هـ- 1905م، ومنذ أن جعلت أعي وأعقل، لاحظت في البيئة التي كنت أعيش فيها – ولا سيما في خؤولتي – أن الناس يذكرون "الوهابيين" بأسوء ما يكون من الكلمات، ويتناولونهم بأبشع الصفات، فكنت أفهم من كلامهم أن "الوهابيين" أقبح خلق الله سيرة وسلوكاً، ولا يحبون النبي (ولا عباد الله الصالحين وأولياءه المتقين، بل يسيئون معهم الأدب، ولا يتحرجون من ممارسة الوقاحة وسوء الاحترام وانتقاص شأنهم.
وقد سمعت وقتئذ أكذوبة عجيبة: أن رجلا يحمل اسم "عبد الوهاب" النجدي – كان يتزعم الطائفة الوهابية – كان قد بلغ من عداوته للنبي (إلى أن ورد المدينة المنورة يتظاهر بالصلاح والتقوى، ويتنكر بالنساك والزاهدين في الدنيا، والراغبين عنها إلى العبادة، وسكن بيتاً على الكراء من أجل أن
يتخذ في داخل الأرض سرباً من بيته إلى روضة النبي الكريم (حتى يتمكن من العبث بالجثة المطهرة - نعوذ بالله من ذلك - إلا أنه لم يستطع تحقيق أمنيته حيث تراءى النبي (في المنام للملك الذي كان يحكم الحجاز حينذاك وقال له – في المنام -: إن رجلا من نجد خبيثاً رقيعاً يتخذ النفق في الأرض من أجل الغرض الخبيث، فبحث الملك عن الرجل- عبد الوهاب النجدي – (1) وقبض عليه فعلا، فضرب عنقه.
ولا أزال أذكر أن الناس كانوا يتناقلون هذه الأكذوبة كحقيقة تاريخية معلومة مقررة، ولذلك فلم أشك فيها قط
…
لأني لم أجد أحداً يرفضها أو يشك فيها.
البيئة التي عشت فيها: على كل فهذا ما كنت أعرفه حينذاك عن "الوهابيين" وعن "وعبد الوهاب النجدي" بالذات، وكان مصدر هذه المعرفة هو بيئتي التي كنت أتنفس فيها، والمجتمع الذي كنت أعيش فيه، واذكر أني كنت – من أجل ذلك كله – مسئ الظن بـ"الوهابيين" وكنت عندئذ في السابعة أو الثامنة من عمري.
(1) ويلاحظ هنا أن عامة الناس ما كانوا يفرقون بين الشيخ عبد الوهاب وبين ابنه محمد المعروف بالشيخ محمد عبد الوهاب
وتخرجت في الكتاب، ودخلت في مدرسة إسلامية في مدينتي، كان مدرسوها من خريجي دار العلوم ديوبند، وكان الناس يدعونهم "وهابيين"..غير أني ما رأيت في هؤلاء المدرسين شيئاً من الأوصاف الخسيسة أو التهم الشنيعة التي كان القوم يوجهها إليهم، بل رأيتهم يؤكدون على طاعة الله ورسوله، وعلى امتثال الشريعة الاسلامية وتطبيقها على الحياة والمجتمع، وبجانب ذلك كانوا يرفضون- بكل شدة – عبادة القبور والأولياء، واتخاذ الأضرحة، والأعياد والمهرجانات التي يقيمها المبتدعة على القبور والأضرحة، وما إلى ذلك من البدع والخرافات، وإني أحمد الله على أن عشرتي فيهم وجلوسي إليهم، ودراستي لحياتهم، واطلاعي على أحوالهم، كل ذلك أكد لي أن ما اشتهر في الناس عنهم من صفات السوء والنذالة، شئ لاي قوم على أساس، لكني لا أذكر أني سمع من أساتذتي هؤلاء شيئاً ما عن عبد الوهاب النجدي أو محمد بن عبد الوهاب النجدي.
ثم أرسلت – خارج مدينتي – إلى "دار العلوم" بمئو، بمديرية أعظم جراه، حيث سعدت بالتلمذة على سيدي الأستاذ الشيخ المربي، مولانا كريم بخش (1) السنبلي رحمه الله،
(1) أستاذنا العلامة الشيخ كريم بخش السنبهلي من تلامذة (
ولازمته فترة طويلة من الزمان، وكان الرجل من كبار العلماء الراسخين في العلم والحاذقين في التدريس وقوة التفهيم والاقناع، من تلامذة العلامة الشيخ محمود حسن الديوبندي المعروف بـ"شيخ الهند"(1) وكان شديد الغيرة فيما يتصل بالشرك والتوحيد، والسنة
(الشيخ الامام محمود حسن الملقب بـ"شيخ الهند" كان يعد من المدرسين البارعين في عصره، تلمذ عليه الشيخ المحدث المرحوم فخر الدين أحمد رئيس هيئة التدريس بدار العلوم ديوبند سابقاً والشيخ العلامة حبيب الرحمن الأعظمي حفظه الله الذي تلذت عليه حينما كنت أتعلم في دار العلوم بمئو، توفي رحمه الله عام 1362هـ.
(راجع تاريخ دارالعلوم ديوبند ج 2، 85، 86)
(1)
الشيخ محمود حسن الديوبندي الملقب بـ"شيخ الهند" كان إلى جانب زهده وورعه، ومكانته العلمية، بطلا مكافحاً يضطرم غيظاً على الانجليز وهو صاحب الخطة المعروفة بخطة الرسائل الحريرية، ظل مدة طويلة على منصب رئاسة التدريس في دار العلوم ديوبند، أسر لنشاطه السياسي، وظل نحو أربعة أعوام في جزيرة مالطة، يذوق مرائر الحبس والاعتقال، له مؤلفات عديدة، من أهمها "إيضاح الأدلة" وترجمة معاني القرآن (
والبدعة كالعلامة الشيخ محمد إسماعيل بن عبد الغني (1) الدهلوي
(الكريم، و "جهد المقل" توفي عام 1339هـ.
(نزهة الخواطر ج 8 ص 465 – 469)
(1)
هو الشيخ العالم الكبير المجاهد والشهيد في سبيل الله، إسماعيل بن عبد الغني بن شيخ الإسلام وحكيمه ولي الله ابن عبد الرحيم العمري الدهلوي، كان (كما يصفه العلامة عبد الحي الحسني رحمه الله في كتابه "نزهة الخواطر" في الجزء السابع) أحد أفراد الدنيا في الذكاء والفطنة، والشهامة، وقوة النفس، والصلابة في الدين، ولد في 12/ من ربيع الثاني 1193هـ بدهلي، أخذ العلوم عن أعمامه: الشيخ عبد القادر، والشيخ رفيع الدين، والشيخ عبد العزيز، أبناء حكيم الاسلام أحمد بن عبد الرحيم المعروف بولي الله الدهلوي، فصار بحراً زاخراً في المعقول والمقول، ثم لازم الامام أحمد بن عرفان الشهيد البريلوي وتخرج عليه في الاحسان والتربية، وسافر معه للحج والزيارة، وذلك عام 1237هـ، ثم سافر معه إلى الحدود عام 1241هـ فجاهد معه في سبيل الله، وكان الوزير للامام، حتى استشهد في سبيل الله، وكان كالوزير للإمام، حتى استشهد في وادي "بالاكوت" في 1246هـ، من مصنفاته "منصب الامامة" بالفارسية في تحقيق منصب النبوة والامامة وهو
الشهيد في سبيل الله (1246هـ) والشيخ الكبير العلامة المحدث رشيد أحمد الكنكوهي (1) .
= كتاب لا يزال فريداً في موضوعه في المكتبة الإسلامية وكتاب "تقوية الإيمان" بالأردية، والذي نقله إلى العربية سماحة الشيخ أبي الحسن على الحسني الندوي باسم "رسالة التوحيد" في 1394هـ. وقد نفدت منه طبعتان، والكتاب في رد الشرك، وتنقيح العقيدة الإسلامية.
(1)
العلامة الفقيه رشيد أحمد الكنكوهي أحد أعلام الأمة وأئمتها في الفقه والتصوف، واسع الإطلاع في كافة العلوم الاسلامية، كان فقيها بارعاً ومحدثاً نابغاً وعالماً ربانياً، شديد الرفض للبدع والتقاليد الخرافية، كان زميل الإمام محمد قاسم النانوتوي في الدرس، شهد معه معركة "شاملي" ضد الانجليز ولم يزل مشتغلا بالدرس والإفادة، توفي إلى رحمة الله عام 1323هـ، كان يشرف على جامعة، "ديوبند" منذ أن توفي الإمام محمد قاسم النانوتوي، جمع الشيخ محمد يحيى الكانهلوي أماليه في الدرس وطبع منها "لامع الدراري" و "الكواكب الدري" بتعليق وتحقيق الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي (
أول شخص ينوه بجهود الشيخ النجدي وكتابه: وهو أول رجل – فيما أذكر – وجدته يبدى آراء تنم عن الإعجاب بالشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي وبكتابه "كتاب التوحيد" ولعله هو الذي دلني على أن الشخص الذي قام بالدور الفعال المثالي في الدعوة إلى التوحيد وإنقاذ الشعب المسلم من البدع والخرافات، والذي جاهد جهاداً كبيراً ضد عبادة القبور وغيرها مما يمت بصلة ما إلى الشرك، هو "محمد بن عبد الوهاب"(1) .
(نزيل المدينة المنورة وله مؤلفات أخرى عديدة، من أهمها مجموعة فناواه في مجلدات.
راجع نزهة الخواطر ج8 ص 148 – 152
وتذكرة الرشيد
(1)
محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي زعيم النهضة الدينية الإصلاحية الحديثة في جزيرة العرب، ولد ونشأ في عيينة، كان أبوه قاضياً في حريملا، قام بالدعوة إلى التوحيد الخالص. وانتهج منهج السلف الصالح ودعا إلى نبذ البدع والتقاليد الخرافية، قبل دعوته محمد بن سعود، وآزره من بعده ابنه عبد العزيز ثم سعود بن عبد العبد العزيز، كان دعوته الشعاعة الأولى لليقظة الحديثة، كانت وفاته في الدرعية عام 1206هـ، من مؤلفاته "كتاب التوحيد" و "كشف الشبهات" و"فضل الإسلام" =
وليس "عبد الوهاب" كما يظنه الناس عندنا من سوء الفهم ومن الجهل.
وكان ينوه بكتاب التوحيد ويثني عليه كثيراً، وبأسلوب كان يدل على أنه باشر قراءته.. وما سمعت أحداً غيره من أساتذتي شيئاً عن الكتاب مما يجعلني أعتقد أنهم لم يطالعوه، ولا غرو، فإنه ربما يمكن أن يكون هؤلاء العلماء قد تأثروا بتلك الدعاية الشنيعة التي قام بها أولئك الذين كانوا يعاندون الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمه الله فكرياً وسياسياً، عبر العالم الإسلامي.. لكن ما سمعته من أستاذي الشيخ كريم بخش من الثناء العاطر على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتابه "كتاب التوحيد"
= و "كتاب الكبائر" وألف في سيرته أحمد عبد الغفور العطار، (راجع لترجمته تاريخ نجد الحديث ص 21، وآداب اللغة ج3 ص 321، والاعلام ج7 ص 137- 138) .
وأما أبوه عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن مشرف التميمي النجدي فهو فقيه حنبلي من أهل عينة بنجد، ولي قضائها، وانتقل منها إلى حريملاء، له كتابات في بعض المسائل الفقهية، توفي عام 1153هـ.
راجع عنوان المجد ص 6-8 والاعلام ج4/323.
جعلني أحسن به الظن واعتبره داعية إلى التوحيد والسنة ومجاهداً في سبيل هذه الدعوة كمثل الشيخ إسماعيل الشهيد الذي مضى ذكره آنفاً..
صلتي بهذا الموضوع: ثم بقيت فترة طويلة على ما كنت أعرفه عن الشيخ محمد، ولم يحصل لي من المعلومات الجديدة عنه شئ مذكور، حتى ظهر كتاب في الموضوع في اللغة الأردية منذ نحو 32-33 عاماً في سنة 1946م باسم "محمدبن عبد الوهاب: المصلح المفترى عليه" لمؤلفه الأستاذ مسعود عالم الندوي المرحوم (1)
…
والكتاب يتحدث عن حياة الشيخ ومآثره،
(1) مسعود عالم الندوي من الكتاب الإسلاميين البارعين، كان أدبياً نابغاً، يجيد الكتابة باللغة العربية والأردية، له مؤلفات عديدة منها "تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند" وهو أول من قام بتأليف كتاب في ترجمة حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي، كان من أنصار الجماعة الإسلامية المتحمسين، ولعله أول من قام بتعريفها إلى العالم العربي، أصدر من دار العلوم ندوة العلماء مجلة عربية باسم "الضياء" تشهد بطول باعه وسعة ذراعه في اللغة العربية، توفي في10رجب 1373هـ - 16-مارس 1954م عن 44سنة.
وضعه المؤلف بمراجعة عدد ضخم من مؤلفات الشيخ، والكتب التي وضعت في ترجمته، أو في تأييد فكرته ودعوته أو في الرد عليها ومعارضتها في مختلف اللغات، وبذلك فكتاب الأستاذ مسعود عالم الندوى رحمه الله حصيلة دراسية لمئآت من الكتب، ومهما أمكن القراء أن يختلفوا مع المؤلف في بعض آرائه، فإنه لا يسعهم إلا أن يعترفوا بالجهود المكثفة التي بذلها في سبيل البحث والتحقيق والدراسة التاريخية الموضوعية.
ثم أتيح لي من حين لآخر أن أقرأ كتباً كثيرة صغيرة وكبيرة للشيخ ولبعض رجال أسرته ولتلاميذه وأتباعه وأنصاره، تتحدث عن شخصيته ودعوته في وضوح وتفصيل، كما قرأت في ترجمته مؤلفات لبعض المتحمسين والمناصرين له ولبعض شديدي المناوئين له وتوصلت من هذه الدراسة الموسعة إلى أنه ينحو – في فكرته ومسلكه – منحى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه كالحافظ ابن القيم وغيره، إلى حد كبير، وأنه يقف من الرد على الشرك ومحاربته والدعوة إلى التوحيد الخالص – بفرق يسير – نفس الموقف الذي يقفه الشيخ إسماعيل بن عبد الغني الشهيد في كتابه "تقوية الإيمان".
وأكدت لي دراستي هذه أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
النجدي رحمه الله قد واجه نفس الموقف – من الافتراء واختلاق أنواع الأكاذيب والأراجيف – الذي واجه الشيخ إسماعيل الشهيد من المبتدعين والخرافيين والقبوريين ومقدسي الأضرحة (التي يتخذونها من القصب ومن الأوراق في ذكرى سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما .
وبما أن دعوته إلى التوحيد وجهوده الإصلاحية كانت تشتمل على الجهاد بالسيف وكان أنصاره وحماته يلقون النجاح تلو النجاح ويفتحون المناطق إثر المناطق – حتى تغلبوا على الحجاز المقدس والحرمين الشريفين بالإضافة إلى جميع مناطق نجد – فجعل رجال الحكم والسلطان وأصحاب الدول والحكومات المجاورة يستشعرون منهم الخطر، ويخافون على أنفسهم الدائرة، مما دفعهم إلى أن يشاركوا الذين يختلفون مع الشيخ عقيدة وتفكيراً من المبتدعين والخرافيين والساجدين للقبور، في دعايتهم الكاذبة، وفيما يثيرون حول شخصيته ودعوته من غبار كثيف من المكر والدهاء، ومن أنه يستهين بشخص الرسول (وينتقصه، ويحم الضغينة والحقد والعداء ضد الصالحين والأولياء، ويستحل دماء جميع أفراد الأمة الإسلامية ممن سواه.
مراكز الدعاية ضد الحركة الوهابية: وصارت أرض الحجاز مركز دعاية ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي وجماعته – بعد ما أقصت "الوهابيين" قوات محمد علي باشا (1) حاكم مصر آنذاك على إيعاز من الحكومة العثمانية في تركيا في سنة 1227هـ وبعد ما قضت على حكومة آل سعود في "الدرعية"- وأضحت تشتهر من الحجاز فيما يتصل بالشيخ أمور مستهجنة إن سمعها مسلم فإنه لا يكره شخصه فحسب، بل يعتبره أكفر الكافرين في العالم كله.
وبما أن الحرمين الشريفين هما مركز المسلمين الروحي والديني، ومهد الدعوة الإسلامية، ومهبط الوحي والرسالة، ومنتجع الحجج من المسلمين في العالم كله، يختلف إليها المسلمون، ولا سيما في مناسبة الموسم، فساعد كل ذلك على
(1) محمد علي باشا المعروف بمحمد علي الكبير مؤسس أخر دولة ملكية بمصر، كان ألباني الأصل، وكان أميا تعلم القراءة في الخامسة والأربعين من عمره، ولي مصر 1220هـ.
له وقائع معروفة مع السعوديين بإيعاز من الدورة العثمانية، كثرة في أيامه المعامل والمدارس في مصر.
(راجع محمد علي الكبير لشفيق غربان، والاعلام لخير الدين الزركلي ج7 ص191- 192) .
انتشار كل ما يحاك فيها ضد الوهابيين والنجديين أو يدور حولهم في المحاقل والنوادي أو يقال ويكتب في المؤلفات، ساعد على انتشاره في طول العالم وعرضه
…
ثم الخرافيون في كل مكان كانوا يزورون كل ما يتلقون من غيرهم، ويجعلون من الحبة قبة، وأعتقد أن ما أسلفته من أسطورة اتخاذ عبد الوهاب للنفق في داخل الأرض إلى روضة النبي (، هو الآخر من افتراء الخرافيين والقبوريين في بلادنا نحن، لأني لم أدر بعد أن الأسطورة سمعت في بلد آخر.
نماذج من الإفتراءات والتهم الشنيعة: ومن شاء فليقرأ كتاب "خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام" و "الدرر السنية في الرد على الوهابية" لمؤلفهما الشيخ أحمد زيني دحلان (1) مفتي الشافعية وأحد كبار رجال العلم في مكة المكرمة المتوفى 1304هـ، ليتبين مدى الشائعات المكذوبة التي كانت قد أخذت نصيبها من الامتداد والشيوع في الحرمين الشريفين – وبالتالي في العالم كله –
(1) أحمد زبنى دحلان (1232هـ - 1304) فقيه مكي مؤرخ ولد بمكة وتولى فيها الإفتاء والتدريس ومات في المدينة، من تصانيفه "الفتوحات الإسلامية" و"الجداول المرضية" و"خلاصة الكلام"(الأعلام ج1 ص125)
عن الشيخ محمد عبد الوهاب ودعوته وجماعته وأنصاره، وإلى القارئ قطعة صغيرة من كتاب "خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام" وليس ذلك إلا غيضاً من فيض:
"وإذا أراد أحد أن يدخل في دينه يقوله له بعد الإتيان بالشهادتين: اشهد على نفسك أنك كنت كافراً، وأشهد على والديك أنهما ماتا كافرين، واشهد على فلان وفلان – ويسمي له جماعة من أكابر العلماء الماضين – أنهم كانوا كفاراً، فإن شهدوا قبلهم، وإلا أمر بقتلهم، وكان يصرح بتكفير الأمة منذ ست مأة سنة، وكان يكفر كل من لا يتبعه وإن كان من أتقى المتقين، فيسميهم مشركين، ويستحل دماءهم وأموالهم، ويثبت الإيمان لمن اتبعه وإن كان من أفسق الفاسقين".
"وكان ينتقص النبي (كثيراً بعبارات مختلفة، حتى إن أتباعه كانوا يفعلون ذلك أيضاً.. حتى إن بعض أتباعه كان يقول: عصاي هذه خير من محمد (() لأنها ينتفع بها في قتل الحية ونحوها، ومحمد قد مات ولم يبق نفع أصلا وإنما هو طارش ومضى".
"ومن ذلك أنه كان يكره الصلاة على النبي (ويتأذى بسمعها.. "(1) .
(1)"خلاصة الكلام" ج 2 ص 230.
ومما قاله الشيخ دحلان في شأن الشيخ رحمه الله:
"وكان في أول أمره مولعا بمطالعة أخبار من أدعى النبوة كاذباً، كمسيلمة الكذاب (1) ، وسجاح (2) ، والأسود العنسي
(1) مسيلمة بن ثمامة الوائلي، يقال في الأمثال: أكذب من مسيلمة، ادعى النبوة وكان يضع أسجاعاً يضاهي بها القرآن، وانتدب أبو بكر الصديق لمحاربته خالد بن الوليد على رأس جيش، وانتهت المعركة بظفر خالد ومقتل مسيلمة في سنة 12هـ.
(راجع سيرة ابن هشام ج3 ص74 والروض الأنف ج2 ص340 وفتوح البلدان ص 94-100 والأعلام ج8 ص125-126) .
(2)
سجاح بنت الحارث بن سويد التميمية من بني يربوع متنبئة مشهورة كانت شاعرة أدبية عارفة بالأخبار، ادعت النبوة بعد وفاة النبي (وخرجت من الجزيرة تريد غزو أبي بكر فبلغ خبرها مسيلمة الكذاب فأقبل عليها في جماعة وتزوج بها ولما بلغها مقتل مسيلمة فأسلمت وهاجرت إلى البصرة وتوفيت فها في حوالي 55هـ.
(راجع الطبري ج3 ص236 وشرح المقامات للشريسي ج2ص222 وتاريخ الخميس ج2 ص 159 والأعلام للزركلي ج3 ص123) .
وطليحة الأسدي (1) وأحزابهم، فكان يضمر في نفسه دعوى النبوة، ولو أمكنه إظهار هذه الدعوى لأظهرها". (2)
والذي وجه الشيخ أحمد زيني دحلان إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه العبارة وغيرها من التهم الشنيعة، لم يحله على كتاب للشيخ أو لأحد من أتباعه.
وإن كاتب هذه السطور يؤكد - في ضوء دراسته – أنه لا يصح شيء من هذه التهم "وقد جاء تفنيدها صريحاً في مؤلفات وكتابات الشيخ، والمؤلفين الآخرين من أتباعه وسوف يمر كل ذلك بالقراء الكرام في الصفات الآتية.
(1) طليحة بن خويلد الأسدي من أسد خزيمة متنبي، سجاع، يقال له طليحة الكذاب كان م أشجاع العرب قدم على النبي (في وفد بني أسد عام 9هـ ثم ارتد وادعى النبوة، غزاه أبو بكر وسير إليه خالد بن وليد فانهزم وفر إلى الشام، ثم أسلم ووفد على عمر فبايعه واستشهد بنهاوند عام 21هـ.
(راجع ابن عساكر ج7 ص 90. وتاريخ الخميس ج2 ص160، وتهذيب الأسماء واللغات ج1 ص 254، والأعلام ج3 ص 332-333) .
(2)
"خلاصة الكلام" ج2 ص229.
ويبدو أن الشيخ دحلان لم يطلع على كتاب من الكتب التي ألفها أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي في شرح دعوتهم وفكرتهم، كما أنه لم يشعر بضرورة البحث والتنقيب قبل أن يرميهم بهذه التهم الاذعة.
وكل ذلك لا يعني إلى أن أمثال هذه الأراجف والأباطيل ضد الشيخ محمد وجماعته قد نالت كل نصيبها من الشيوع في الحرمين الشريفين بفضل المحاولات الموسعة، التي بذلها المعارضون لهم سياسيا وعقيديا على نشرها وترويجها، حتى أصبحت تأخذ سمة التواتر على الصعيد الشعبي، مما أغنى الكتاب والمؤلفين والناس أجمعين، وعن أي بحث وفحص لمدى صدقها وواقعيتها لدى التسجيل في الكتابات أو الترداد في المحافل والنوادي
…
وذلك لأن عاماً كبيراً كالشيخ دحلان لا يجوز الشك بسهولة في أنه أبو عذرة هذه المفتريات أو وجهها إليهم عن عمد، فإن مؤمناًبالآخرة لايتجرأ على مثل هذا الصنيع، والله أعلم بالصواب.
وقد نقل الشيخ زيني في كتابه "خلاصة الكلام" ما يأتي رواية عن عالم آخر من العلماء المعاصرين له، وهو الشيخ المفتي عبد الرحمن الأهدل (1) مفتي زبيد:
(1) عبد الرحمن بن سليمان الأهدل الحسيني، مؤرخ من =
"وكان محمد بن عبد الوهاب يأمر أيضاً بحلق رؤوس النساء اللائي يتبعنه"(1) .
كانت هذه التهمة - بجانب كونها كذبا صريحاً لا رصيد له من الواقع- مما لا يقبله العقل والمنطق أيضاً، لكن الدعاية المكثفة والمؤامرة المخططة ضد الشيخ محمد – كما أسلفت – خدرتا العقول وضللتا الرأي العام. حتى أصبح عالم مثل الشيخ دحلان يسيغها ولا يرفضها بل يسجلها في كتابه للاجيال!
قلت آنفاً إن المسلمين من كل مكان في العالم يؤمرون الحرمين الشريفين بمناسبة الحج، فكانوا يسمعون ويتلقون ما كان يجري على الألسنة من الخرافات والأراجيف ضد الشيخ محمد وجماعته، فكانوا هم ومثل كتاب "خلاصة الكلام" سبباً قوياً ووسيلة
= علماء الشافعية من أهل زبيد اليمن، مولده ووفاته فيها، من مؤلفاته "السيف اليماني"" فوائد الفوائد""العروض الوريف في أقدام الشريف""تحفة النساخ في شرب التمباك" توفي عام 1250.
(أبجد العلوم ص865، نيل الوطر ج 2 ص 30 إيضاح المكنون ج 1 ص370، الأعلام 79) .
(1)
خلاصة الكلام، ج 2 ص 235.
ناجحة في ذيوعه في العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وطبيعي أنه كان لذلك أسوأ الأثر في قلوب المسلمين على اختلاف أجناسهم وكبقاتهم حتى صارت كلمة "الوهابية" أخيراً ترادف السباب والشتم في الأوساط الدينية.
مدى تأثير المؤامرة الخبيثة ضد الوهابين: ومما يؤسف له إن قطاعاً عريضاً من أولئك العلماء الذين يتميزون بصحة العقيدة وأصالة الفكر، والذين طلوا يمثلون منهج حكيم الإسلام أحمد (1) ابن عبد الرحيم المعروف يولى الله الدهلوي وحفيده العلامة إسماعيل بن عبد الغني الشهيد، في الدعوة إلى التوحيد والتمسك بأهداب الكتاب والسنة، ومحاربة عبادة القبور والأولياء،
(1) أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي المعروف بشاه ولي الله الفقيه الحنفي من المحدثين وشيخ الإسلام وحكيمه وفيلسوفه العظيم عبر التاريخ الإسلامي، أحيا الله به وبأولاده وتلاميذه علم الحديث والسنة بالهند، من أهم مؤلفاته "الفوز الكبير" و "حجة الله البالغة" و "البدور البازغة" و "إزالة الخفاء" و"الإنصاف" و"عقد الجيد" توفي عام 1176هـ (راجع لترجمته أبجد العلوم ص 912 وفهرس الفهارس ج1 ص125 واليانع الجني ص79 والأعلام للزركلي 144-145) .
وقد لعبوا دوراً قيادياً طليعياً – ولا يزالون – في مكافحة البدع والخرافات والأوهام على كثرتها واختلاف أنواعها، أنهم هم الآخرون تأثروا بالمؤامرة العالمية المضللة ضد الشيخ ودعوته وأتباعه وأنصاره، مما يبعث على الاستغراب أن السيد صديق حسن خان (1) – مؤلف كبير – الذي كان بدوره من أشد
(1) العلامة النواب صديق حسن خان البخاري القنوجي إمام طائفة أهل الحديث، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة، في التفسير والحديث، والفقه والأصول، والتاريخ والأدب، كان سريع الكتابة، جيد الخط، كثير الحياء، كريم الأخلاق، سريع الخاطر، شغوفاً بالعلم، شديد الاعتناء والحب لأهله، مولعاً بنشر العلم والثقافة، قد بلغ عدد مؤلفاه 220، وإذا ضممت إليها الرسائل الصغيرة تبلغ 300، وكان له سوء ظن بأئمة الفقه والتصوف، ولا سيما الإمام أبا حنيفة، على الرغم من أنه كان يصلى على طريقة الأحناف، توفي رحمه الله 1307هـ وله من العمر أكثر من 59 عاماً.
ولد ونشأ في "قنوج" بالهند 1248هـ، يقول في ترجمته نفسه:
ألقى عصا الترحال في محروسة يهوبال، فأقام بها وتوطن، =
وألد أعداء القبوريين والخرافيين، وكان في طليعة الدعاة إلى التوحيد والسنة ومسلك أهل الحديث.. قد سرد في عدد من مؤلفاته هذه التهم المفتراة التي كان يثيرها معاندو الشيخ محمد ضده، وبلغ من كراهيته له إلى أن شعر بحاجة ملحة إلى أن يبرئ نفسه وجماعة أهل الحديث بأسرها، من الشيخ ومن جماعته، ووضع لهذا الغرض وحده كتاباً بإسم "ترجمان الوهابية" في أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
وكذلك أحد كبار علماء ديوبند، أعنى الشيخ خليل أحمد السهارنبوري (1) صاحب "بذلك المجهود في حل أبي داؤد" قد
= وتمول واستوزر، وناب وألف وصنف، من مؤلفاته العربية، أبجد العلوم، وفتح المنان، ولف القماط، وعون الباري، والبلغة في أصول اللغة، وغصن البان.
(راجع لترجمة جلاء العينين ص30، وأبجد العلوم 939، والأعلام ج7 ص 36-37) .
(1)
العلامة خليل أحمد بن مجيد علي من كبار مشيخة ديوبند، يدل على بارعته ونبوغه في علم الحديث كتابه البارع "بذلك المجهود في حل سنن أبي داود" في نحو عشرين مجلداً، كان يجمع بين العلم والعمل، هاجر إلى المدينة =
اعتبر الشيخ وأتباعه خارجين من أهل السنة والجماعة (1) مستنداً إلى بعض عبارات صاحب "رد المختار" العلامة ابن عابدين الشامي (2) المتوفى عام 1253هـ - الذي اعتبر هذه الجماعة الوهابية النجدية من قبيل الخوارج ومن لف لفهم، وذلك في عام 1325هـ رداً على السؤال الذي وجههه إليه أحد علماء المدينة المنورة، وكان السؤال منطوياً على ما كان يثيره حول الشيخ محمد
= المنورة وتوفي بها عام 1346هـ ودفن بالبقيع.
(راجع لترجمته نزهة الخواطر ج8 ص133 – 136، والكتب الأخرى المؤلفة في ترجمته) .
(1)
على حين كان شيخه ومربيه العلامة رشيد أحمد الكنكوهي قد أبدى في فتاويه مشاعر طبية وانطباعات حسنة، بخصوص الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي وجماعته، ودافع عنه، وسوف تمر هذه الفتاوى بالقراء الكرام في ثنايا هذا الكتاب.
(2)
محمد أمين بن عابدين الشامي إمام الحنفية في عصره مولده ووفاته في دمشق، له رد المختار على الدر المختار، والمعقود الآلي، والرحيق المختوم، توفي عام 1252.
(راجع لترجمته الأعلام ج6 ص267- 268، وفهرس المؤلفين ص 229 وعقود اللآلي ص 232) .
وحركته أولئك الذين تألبوا على مخالفته ومعارضته (راجع "التصديقات" الشيخ خليل أحمد السهارنبوري) وكذلك هناك شخصية أخرى مؤقرة من أفذاذ علماء ديوبند – أعني الشيخ المجاهد حسين أحمد (1) المدني رحمه الله قال في رسالته: "الشهاب الثاقب" الذي ظهرت منذ زهاء 70 عاماً، نحو ما قاله الشيخ زيني دحلان في كتابه "خلاصة الكلام" ولكن شيئاً من ذلك لا يعول على دليل.
(1) العالم الكبير المجاهد الشيخ حسين أحمد المدني، كان في طليعة العلماء المخلصين العاملين لوجه الله، له دور رائع في مطاردة الإنجليز من الهند.
ظل نحو ثمانية عشر عاماً يدرس في الحرم النبوي وقضى مدة طويلة في خدمة العلم والدين بعد ما عاد إلى الهند وهو الذي شغل منصب رئيس هيئة التدريس بعد الإمام العلامة أنور شاه الكشميري في دار العلوم ديوبند.
قل نظيره في روح التطوع، وإنكار الذات وهضم النفس، والعمل لوجه الله، توفي عام 1377هـ، من مؤلفاته ترجمة حياته، ومجموعة رسائلة، والشهاب الثاقب، وغيرها من الكتب الأخرى البديعة، (راجع نزهة الخواطر ج8 ص115-118) .
وأصل القصة يرجع إلى أن الشيخ حسين أحمد المدني أقام في المدينة المنورة – على منورها ألف ألف تحية وسلام – نحو 17 أو 18 عاماً منذ 1316 إلى 1333هـ، وهذه الإقامة الطويلة في المدينة المنورة، جعلته يرى في الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفس الرأي الذي كان يراه أهل المدينة المنورة.. وإذاً فإن الآراء التي أبداها الشيخ المدني في "الشهاب الثاقب" ليست هي آراءه بل هي الانطباعات التي كانت تحمله العامة والخاصة في المدينة المنورة، نحو الشيخ وجماعته، وكانت تدور في المحافل وتجري على الألسنة وتكتب في الكتب والمؤلفات، وقد عرضت نموذجاً من ذلك في السطور الماضية.
على كل فإن الآراء التي أبداها كبار العلماء والمؤلفين في الهند – أمثال السيد صديق حسن خان، والشيخ العلامة خليل أحمد السهارنفوري، والشيخ حسين أحمد المدني – بشأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه مما لا ينفق مع الواقع التاريخي، إنها في الواقع إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى وقع المؤامرة الخبيثة الماكرة التي نسجها أولئك الذين كانوا يعارضون الشيخ على الصعيدين السياسي والديني.
وتدل دراسة "البدر الطالع" للعلامة القاضي الشوكاني (1) أن الحقيقة قد صارت ملتوية لديه أيضاً بفعل هذه الدعاية، على حين أنه كان أقرب – بالنسبة إلى المساحة المكانية أيضاً – إلى موطن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومركز دعوته وحركته "نجد" من علماء الهند، ولذلك فعدم اطلاعه على مؤلفات الشيخ وأفراد أسرته وتلاميذه وأتباعه، شيء يبعث على الاستغراب.. وسوف يطلع القراء على مقتطفات من كتاب القاضي الشوكاني في الصفحات الآتية من الكتاب.
سبب تأليف هذا الكتاب: وبعد فقد وجه إلى – كاتب هذه السطور – أحد الطلاب بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أسئلة فيما يتصل بكتابات الشيخ خليل أحمد السهارنفوري والشيخ حسين أحمد المدني التي تتعرض
(1) محمد بن علي الشوكاني من كبار علماء اليمن الميمون من أهل صنعاء، ولد ونشأ باليمن وولي قضاءها 1229هـ ومات حاكماً بها عام 1250هـ وكان يرى تحريم التقليد، من مؤلفاته "نيل الأوطار" و"البدر الطالع" و"إتحاف الأكابر" و"فتح القدير"، (راجع البدر الطالع ج2 ص214-225 ونيل الوطر ج1 ص3، والأعلام ج7 ص 190-191) .
الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحركته، والتي لا يمدها رصيد من الواقع.. فأحببت أن يكون الرد مني على الأسئلة في نوع من التفصيل والبسط، وشيء من إقناع، وقد تعرضت خلال هذه الإجابة الضافية لخلفيات هذه الكتابات والعبارات، وأشرت إلى أن كلا العالمين الشيخ خليل أحمد والشيخ المدني قد علما قبل وفاتيهما أن التهم التي رميت بها الجماعة الوهابية النجدية من قبل أعدائها ومعارضيها – والتي من أجلها وعلى أساسها أبديا آراء سلبية ضد هذه الجماعة – ليست من الصحة في شيء.
وبعد ما أدركا أعلنا رجوعهما عن آرائهما السابقة، عن طرق كتاباتهما وتصريحاتهما وسوف يرى القراء تفاصيل ذلك في الصفحات الآتية من الكتاب.
وقد نشرت هذه الإجابة المفصلة في مجلة "الفرقان" الشهرية الأردية الصادرة من لكناؤ في أعدادها الأربعة تباعاً.
ثم تقرر الرأي أخيراً على أن يطبع هذا المقال المنطوي على الاستفتاء والإجابة في صورة كتاب مستقل، وهذه السطور كتبتها كمقدمة للكتاب.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
وأخيراً فيشكر المؤلف لكل الإخوة الذين كان لهم يد في
ظهور هذا الكتاب باللغة العربية، ولا سيما الأخ الفاضل الأستاذ نور عالم الأميني الندوي أستاذ كلية اللغة العربية وآدابها في دار العلوم ندوة العلماء، لكنهؤ (الهند) الذي قام بنقله إلى اللغة العربية.. والأخ الأستاذ بدر الحسن القاسمي رئيس تحرير جريدة "الداعي" الصادرة من ديوبند الذي كانت له مساهمة في نقله إلى اللغة العربية.
كما أشكر لزميلنا الفاضل الأستاذ سعيد الأعظمي الندوي رئيس تحرير مجلة "البعث الإسلامي" وأستاذ كلية اللغة العربية وآدابها، والمعهد العالي للدعوة والفكر الإسلامي بدار العلوم ندوة العلماء، لكهنؤ- الهند، الذي كانت له عناية باللغة بإخراج هذا الكتاب في اللغة العربية.
والله أسأل أن يرينا الحق حقاً فيرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا فيرزقنا اجتنابه.
محمد منظور النعماني
25/رجب 1398هـ - 2/ يوليو 1978م