الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنِ الْبَاغِي الْأَوَّلُ
؟
12 -
أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: ذُكِرَ الْبَغْيُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَهْلَكَهُ الْبَغْيُ بَعْدَ ابْنِ آدَمَ لَإِيَادُ بْنُ نِزَارٍ، وَبَطْنَانِ
⦗ص: 59⦘
مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْأَيْسَرُ، وَهُوَ الْحُنَيْكُ بْنُ الْجَمَاهِرِ بْنِ الْأَشْعَرِ بْنِ أَدَدَ، وَالْآخَرُ ذُخْرَانُ بْنُ نَاحِيَةَ بْنِ الْجَمَاهِرِ بْنِ الْأَشْعَرِ قَالَ: وَعَمَّرَ الْأَيْسَرُ عُمُرًا طَوِيلًا حَتَّى وُلِدَ لَهُ عِشْرُونَ ذَكَرًا، لِكُلِّ ذَكَرٍ مِنْهُمْ عِشْرُونَ ذَكَرًا. قَالَ: وَذُخْرَانُ بْنُ نَاحِيَةَ ابْنُ أَخِ الْحُنَيْكِ قَدْ أُتِمَّ لَهُ سَبْعُونَ سَنَةً لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ. قَالَ: فَجَلَسَ ذُخْرَانُ مَعَ الْحُنَيْكِ لِسَكْتٍ، فَوَاللَّهِ مَا لَكَ مِنْ وَلَدٍ، وَلَقَدْ ذَهَبَ عُمُرُكَ، وَمَا لَكَ مِنْ عَدَدٍ. قَالَ: فَقَامَ ذُخْرَانُ مُغْضَبًا قَدْ أَحْفَظَهُ مَا قَالَ الْحُنَيْكُ. وَقَالَ ذُخْرَانُ فِي ذَلِكَ:
[البحر البسيط]
إِنْ يَكُ أَيْسَرُ أَمْسَى ثَرِيًّا
…
فَمَا لِي بِابْنِ نَبْتٍ مِنْ ثَرَاءِ
قَالَ: فَأُتِيَ ذُخْرَانُ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: تَمَنَّى؟ فَقَالَ: أَتَمَنَّى الْعَدَدَ، وَالْبَسَالَةَ فِي الْوَلَدِ. قَالَ: فَعَاشَ حَتَّى وُلِدَ لَهُ عِشْرُونَ ذَكَرًا، لِكُلِّ ذَكَرٍ مِنْهُمْ عِشْرُونَ ذَكَرًا. وَدَرَجَ وَلَدُ الْحُنَيْكِ فَمَاتُوا، وَصَارَ الْعَدَدُ فِي وَلَدِ ذُخْرَانَ. قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ يُقَالُ لِلْأَشْعَرِ نَبْتٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:
فَمَا لِي بِابْنِ نَبْتٍ مِنْ ثَرَاءِ
13 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَلَغَ مِنْ بَغْيِ إِيَادِ بْنِ نِزَارٍ عَلَى مُضَرَ وَرَبِيعَةَ ابْنَيْ نِزَارٍ أَنَّهُ كَانَ يُولَدُ لِإِيَادٍ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ مَوْلُودًا، وَلَا يُولَدُ لِرَبِيعَةَ وَمُضَرَ فِي الشَّهْرِ إِلَّا وَاحِدًا، وَكَثُرَتْ إِيَادٌ وَزَلُّوا حَتَّى مَلَأُوا تِهَامَةَ، قَالَ: فَبَلَغَ مِنْ بَغْيِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَضَعُ سَهْمَهُ عَلَى بَابِ الرَّبْعِيِّ وَالْمُضَرِيِّ، فَيَكُونُ الْإِيَادِيُّ أَحَقَّ بِمَسِّهِ مِنْهُ. قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ شَيْخٌ قَدْ أُمْهِلَ فِي الْعُمُرِ، وَكَانَ يَكْرَهُ كَثِيرًا مِمَّا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمِ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا لَكُمْ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَضْلٌ فِي النَّسَبِ، إِنَّ الْأَبَ لَوَاحِدٌ، وَإِنَّ الْأُمَّ لَوَاحِدَةٌ، وَلَكِنَّكُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَسَرَفًا، فَانْتَهُوا؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ عز وجل فِيكُمْ نِقْمَةً، قَالَ: فَتَمَادَوْا، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ دَاءً يُقَالُ لَهُ: النِّخَاعُ، فَجَعَلَ يَقَعُ فِيهِمْ، فَيَمُوتُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَالَمٌ
14 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ بَحُوشٍ الْكِنْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَسُمِعَ مُنَادٍ يُنَادِي فِي بَعْضِ اللَّيْلِ: يَا مَعْشَرَ إِيَادٍ قَدْ عَنِتُّمْ فِي الْفَسَادِ، فَالْحَقُوا بِأَرْضٍ سَدَادِ، فَلَيْسَ إِلَى تِهَامَةَ مِنْ مُعَادِ. فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْخُ: قَدْ نَهَيْتُكُمْ، فَوَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْبَلَاءُ فِيكُمْ، وَتَلْحَقُوا خِبَّ أَمْرٍ،
⦗ص: 62⦘
ثُمَّ قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ تِهَامَةَ فَافْتَرَقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَنَزَلَتْ فِرْقَةٌ مَعَ بَنِي أَسَدِ بْنِ حَرَامَةَ بِذِي طُوًى، وَهِيَ أَقَلُّ الْفِرَقِ، وَافْتَرَقَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى فَلَحِقُوا بِعَيْنِ أَبَاغٍ، وَهِيَ أَكْثَرُ الْفَرِيقَيْنِ، وَرَحَلَ الْجُمْهُورُ الْآخَرُ حَتَّى نَزَلُوا سِنْدًا. فَرُفِعَ ذَلِكَ الْبَلَاءُ عَنْهُمْ، وَزَبَلُوا هُنَاكَ وَكَثُرُوا، فَمَكَثُوا فِي ذَلِكَ لِلْعَدَدِ حَتَّى غَزَاهُمْ أَنُوشُرْوَانُ بْنُ قِبَادٍ فِي سَامُرَّاتَةَ، فَأَبَادَهُمْ
15 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَعْرُوفُ بْنُ خَرْبُوذٍ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو أَعَزَّ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَكْثَرَ عَدَدًا، وَكَانَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ عِنْدَ الْجَبَلِ يُقَالُ لَهُ: مُسْلِمٌ. فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَمْرًا نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا صَبَاحَاهُ، وَيَقُولُونَ: أَصْبَحَ لَيْلٌ، فَتَقُولُ قُرَيْشٌ: مَا لِهَؤُلَاءِ الْمَيَاشِيمِ، مَا يُرِيدُونَ؟ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ بِهِمْ. وَكَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ: بَنِي الْعَيْطَلَةِ، وَكَانَ الشَّرَفُ وَالْبَغْيُ فِيهِمْ، وَهِيَ الْعَيْطَلَةُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَبُوقِ بْنِ مُرَّةَ. تَزَوَّجَهَا قَيْسُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْحَارِثَ وَحُذَافَةَ، وَكَانَ فِيهِمُ الْغَدْرُ وَالْبَغْيُ. فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَيَّةً فَأَصْبَحَ مَيِّتًا عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: فَغَضِبُوا فَقَامُوا إِلَى كُلِّ حَيَّةٍ فِي الدَّارِ فَقَتَلُوهَا، فَأَصْبَحَ عِدَّتُهُمْ مَوْتَى عَلَى فُرُشِهِمْ، فَتَتَبَّعُوهُمْ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مَاتَ مِنْهُمْ بِعِدَّةِ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْحَيَّاة، فَصَرَخَ صَارِخٌ مِنْهُمُ: ابْرُزُوا لَنَا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ،
⦗ص: 64⦘
قَالَ: وَهَتَفَ هَاتِفٌ فَقَالَ: قَالَ سَهْمٌ: قَتَلْتُمْ عُتُوًّا فَصِحْنَاكُمْ بِمَوْتٍ ذَرِيعِ، قَالَ سَهْمٌ: كَثُرْتُمْ فَبَطَرْتُمْ وَالْمَنَايَا تَنَالُ كُلَّ رَفِيعِ، قَالَ: فَنَزَعُوا، فَكَفُّوا وَقَلُّوا
16 -
قَالَ الْكَلْبِيُّ: فِيهِمْ نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1]، {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 2] ، فَجَعَلُوا يَعُدُّونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ خَرْبُوذٍ: جَعَلُوا يَعُدُّونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَيَّامَ الْحَيَّاتِ، وَهَذَا قَبْلَ الْوَحْيِ أَيَّامَ الْحَيَّاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ شَرٌّ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَعَدُّ مِنْكُمْ، فَجَعَلُوا يَعُدُّونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِالْحَيَّاتِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
18 -
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَوْهِبِيُّ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ بَنِي جُمَحَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَهْلَكَهُ الْبَغْيُ بِمَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنُو السَّبَّاقِ عَبْدِ الدَّارِ، فَلَمَّا طَالَ بَغْيُهُمْ سَمِعُوا صَوْتًا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
أَبْطَرَ الْبَغْيُ بَنِي السَّبَّاقِ إِنَّهُمُ
…
عَمَّا قَلِيلٍ فَلَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرُ
هَذِي إِيَادٌ وَكَانُوا أَهْلَ مَأْثُرَةٍ
…
فَأُهْلِكَتْ إِذْ بَغَتْ ظُلْمًا عَلَى أَثَرِ
فَمَكَثُوا سَنَةً ثُمَّ هَلَكُوا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا بِالشَّامِ لَهُ عَقِبٌ
19 -
حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرْبُوذٍ، قَالَ: بَغَى بَعْدَهُمْ بَنُو السُّبَيْعَةِ وَهِيَ السُّبَيْعَةُ بِنْتُ اللَّاحِبِ بْنِ دَبْنَبَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، تَزَوَّجَهَا عَبْدُ مَنَافِ بْنُ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَوَلَدَتْ خَالِدًا وَهُوَ السُّوفِيُّ مِنْ وَلَدِهِ أَبُو الْعَشَمِ. وَكَانَ السُّوفِيُّ عَارِمًا، صَاحِبَ بَغْيٍ وَشَرٍّ. وَكَانَ أَبُو الْعَشَمَالِيِّينَ حَلَّ ذِرَاعَ الْعَامِرِيَّةِ بِعُكَاظَ. قَالَ: فَكَثُرَ بَغْيُهُمْ، فَسَمِعُوا صَوْتًا بِاللَّيْلِ عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ يَقُولُ:
[البحر الوافر]
قُلْ لِبَنِي السُّبَيْعَةِ قَدْ بَغَيْتُمْ
…
فَذُوقُوا غِبَّ ذَلِكَ عَنْ قَلِيلِ
كَمَا ذَاقَتْ بَنُو السَّبَّاقِ لَمَّا
…
بَغَوْا وَالْبَغْيُ مَأْكَلُهُ وَبِيلُ
قَالَ: فَتَنَاهَوْا عَنْ ذَلِكَ فَلَهُمْ بَقِيَّةٌ. وَلِخَالِدٍ تَقُولُ أُمُّهُ السُّبَيْعَةُ: أَبُنَيَّ لَا تَظْلِمْ بِمَكَّةَ لَا الصَّغِيرَ وَلَا الْكَبِيرْ
20 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَمِّي، خَلِيفَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرْقِيِّ بْنِ قِطَامِيٍّ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَقَدْ عَرَفْتُ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ قُرَيْشٍ، أَهْلَ بَيْتٍ لَا يُوصَمُونَ فِي نَسَبِهِمْ، مَازَالَ بِهِمْ عَرَامُهُمْ وَبَغْيُهُمْ عَلَى قَوْمِهِمْ حَتَّى أُلْحِقَ بِهِمْ مَا لَيْسَ فِيهِمْ، وَرُغِبَ عَنْهُمْ، وَاسْتُهْجِنُوا وَإِنَّهُمْ لَأَصِحَّى. وَأَهْلَ بَيْتٍ كَانُوا يُوصَمُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ، فَمَازَالَ بِهِمْ حِلْمُهُمْ عَلَى قَوْمِهِمْ، وَحِرْصُهُمْ عَلَى مَسَارِّهِمْ حَتَّى صُبِّحُوا، وَرُغِبَ إِلَيْهِمْ، وَكَانُوا أَصِحَّاءَ