الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب تأليفه للرسالة ومُجْمل مواضيعها:
أَبَانَ المؤلِّف في مقدمة رسالته "رَدْع الإِخوان عن مُحْدَثات آخر جمعةِ رمضان" أنَّه ألَّفها حمايةً للسُّنَّة النبويَّة، وتحذيرًا من بدعٍ أحدثها بعض الناس في آخر جمعة شهر رمضان.
وقد حذَّر فيها من بعض البدع المُحْدَثة، وحقَّق ما لها وما عليها، وما جَازَ منها وما لم يجز.
والذي دعاه إلى تأليف هذه الرسالة أنَّ أحد تلامذته النابهين، وهو العالم الجليل أبو الطيِّبات أحمد عبد الله السَّكندرفوري الهَزَاروي الذي لازمه مدة، واستفاد منه، حدَّثه عن بدعة منتشرة في بلد، يقوم بها العوام، بل بعض خواص أهل العلم!!
هذه البدعة هي القضاء العُمُري تكفيرًا لقضاء ما فاتهم من الصلاة في جميع العمر، وذلك بأداء أربع ركعات نفلًا مع الجماعة تداعيًا قبل صلاة آخر جمعة من رمضان، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ويحسبون أنها كفارة لفوائت آبائهم وأجدادهم!!
وقد أطلعه تلميذه المذكرر على نقولٍ من كتب الوعظ والأوراد تحثُّ على هذا القضاء المزعوم، وطَلَبَ منه وألحَّ عليه أن يؤلِّف رسالةً في التحذير من هذه البدعة الشنيعة.
فقام رحمه الله تعالى بهذه المهمة أحسن قيام، وردَّ هذه البدعة ردًّا لم يُبْق فيه شبهة لقائل، ولا متمسكًا لعامل بها.
فقد سَرَد أقوال المتمسِّكين بهذه البدعة من كتبهم، وبيَّن أن صنيعهم
من أقبح البدع من ستة وجوهٍ فصَّلها بأدلتها وشواهدها، وناقشهم في كل ما استدلوا به من شبهٍ واهية، ونثر في رده كثيرًا من الفوائد والفرائد.
ويعدُّ تحذيره من هذه البدعةِ هو محور الكتاب، وشغل قرابة ثلثي الرسالة.
وقد نقل ما يتعلق بهذا المبحث من هذه الرسالة أستاذنا العلامة المحقِّق المحدِّث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى في "تعليقاته الحافلة على الأجوبة الفاضلة" ص 31 - 34، وقال في ختام نقوله:"هذه النقول لو شدَّ طالبُ العلم الرَّحْل إليها شهرًا كاملًا لكان ذلك جديرًا بها، فإنَّها لُباب الحق، ومحضُ النُّصح والصدق، فلهذا أطَلْتُ بها، فرحم الله الإِمام اللكنويَّ، وجزاهُ عن العلم والدين خيرًا".
وبعد ردِّه هذه البدعة باستيفاء وتفصيل، حذَّر من بدعة ثانية، وهي: حفيظة رمضان التي يكتبها بعض الناس في آخر جمعة رمضان أثناء خطبة الخطيب، بدعوى أنَّها تحفظُ من الغَرَق والحَرَق والسَّرَق وسائر الآفات!! فردَّ هذه البدعة، ونقلَ كلام الكثير من أهل العلم في التحذير منها.
وأما البدعة الثالثة، فهي: تسمية الجمعة الأخيرة من جمعات رمضان بجمعة الوداع. وبيَّن أنَّ هذه التسمية وإن لم يَرِدْ بها كتابٌ ولا سنَّة، فلا بأس بها، وليس في أمثال هذه التسمية ابتداء أمر غير مشروع، أو اختراع أمر ممنوع.
وأما البدعة الرابعة: فهي في التحذير من إيراد الأشعار الفارسية، والهندية في خطبة آخر جمعة رمضان، أو قراءة الخطبة بغير العربية؛ لأنَّه خلاف السنَّة المتوارثة.
وأما الأمر المُحْدَث الخامس: فهو ما اشتهر في أكثر البلاد من
تضمين خطبة الجمعة الأخيرة من المعاني والألفاظ الدالَّة على التحسُّر والحزن بذهاب ذلك الشهر.
ووقف في تحذيره من هذه البدعة موقف الإِنصاف بين المتشدِّدين المانعين، والمتساهلين المجوِّزين.
فهناك فرقةٌ منعتْ مثلَ هذه الخُطَب، واعتبرتها بدعةً مُحْدثة؛ لأنها لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فردَّ هذا القول، بأنَّه لا يختص بخطبة الوداع، بل يجري في كلِّ خطبة صنَّفها الخطباء بعباراتٍ جديدة لم تنقل عن صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، وأنَّه يلزم منه حَصْر الخطب في الخطب المنقولة عن أصحاب القرون الثلاثة الأولى. وبين أن المقصود من الخطبة: التذكير والتخويف وتعليم الأحكام، سواء كانت ألفاظه ومعانيه مأثورة أو مُحْدَثة، على أن لا تفوِّت الألفاظ والمعاني الجديدة مقصود الخطبة ووضعها.
وأما الفرقة الثانية المُتَساهلة التي بالغت في تجويز خطبة الوداع والتزمته، حتى أدَّى إلى ظنِّ ما ليس من الشرع من الشرع، وما ليس بسنَّةٍ من السنَّة، فبيَّن أن الأوْلى الاتباع لطريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن الخير كلَّه في الاتِّباع.
وبهذا ختم رسالتَهُ النافعة، وحقَّق فيها بنَصَفة واعتدال، متجنِّبًا الإِفراط والتفريط.
وهو مما منحه الله تعالى ووفقه إليه، كما يقول في ترجمته لنفسه في مقدمة كتابه "النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير" (1) مُعدِّدًا نعم الله تعالى عليه:
(1) ص 65.