المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضائل: لا إله إلا الله - رسائل الشيخ الحمد في العقيدة - جـ ٦

[محمد بن إبراهيم الحمد]

الفصل: ‌فضائل: لا إله إلا الله

‌أركان: لا إله إلا الله

للشهادة ركنان:

1_

نفي في قوله (لا إله) . 2_إثبات في قوله (إلا الله) .

فـ: (لا إله) نفت الألوهية عن كل ما سوى الله، و:(إلا الله) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له.

وهذا الأسلوب يعرف بأسلوب القصر، وهو أسلوب عربي معروف، وجملة القصر في قوة جملتين، إحداهما مثبتة، والأخرى منفية. وهذا الأسلوب من أقوى الأساليب التي يؤتى بها لتمكين الكلام وتقريره في الذهن؛ لدفع ما فيه من إنكار أو شك.

وطريقُ القصر في كلمة التوحيد: النفي والاستثناء.

ولا إله إلا الله في قوة قوله_تعالى_[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ](الفاتحة:5)، وقوله:[قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا](الملك:29) .

فطريق القصر في الآيتين تقديم ما حقه التأخير؛ ففي آية الفاتحة قدم المفعول به (إياك) على الفعل (نعبد) .

وفي آية الملك قدم الجار والمجرور (وعليه) على الفعل (توكلنا) .

‌هل يكفي مجرد النطق بـ: لا إله إلا الله

(1)

كما مر بنا أن معنى الشهادة هو لا معبود حق إلا الله، فلا يعبد إلا الله، ولا يجوز أن يُصرف أيُّ نوع من أنواع العبادة لغير الله؛ فمن قال هذه الكلمة عالماً بمعناها، عاملاً بمقتضاها؛ من نفي الشرك، وإثبات الوحدانية، مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته والعمل به؟ فهو المسلم حقاً، ومن عمل بها من غير اعتقاد فهو المنافق، ومن عمل بخلافها من الشرك فهو المشرك الكافر وإن قالها بلسانه.

‌فضائل: لا إله إلا الله

(2)

لقد اجتمع لكلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكثرة فضائلها كثرت أسماؤها، وما ذلك إلا لعظم ما تحمله تلك الكلمة في طياتها من عمق في المعنى والمدلول، فشأنها عظيم، ونفعها عميم، وفضائلها يقصر دونها الحصر والعد.

غير أن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها، عاملاً بمقتضاها.

وفيما يلي ذكر لبعض ما هو مثبوت في كتب أهل العلم في فضل تلك الكلمة، وبيان أهميتها.

(1) انظر تيسير العزيز الحميد ص 74_80.

(2)

انظر: كلمة الإخلاص لابن رجب الحنبلي حققه بشير محمد عيون، وانظر إلى كتاب التوحيد للإمام المُجدد محمد بن عبد الوهاب خصوصاً باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، وباب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب، وانظر إلى شرح هذين البابين في تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله وفتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن والقول السديد لابن سعدي وغيرها من الشروح، وانظر إلى كتاب معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي في الحديث عن فضائل كلمة الشهادة الجزء الأول.

ص: 3

1_

أنها أعظم نعمة أنعم الله بها_عز وجل_على عباده؛ حيث هداهم إليها؛ ولهذا ذكرها في سورة النحل، التي هي سورة النِّعم، فقدمها على كل نعمة فقال:[يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاتَّقُونِ](النحل:2) .

2_

وهي العروة الوثقى: [....فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ](البقرة:256) .

قاله سعيد بن جبير والضحاك.

3_

وهي العهد الذي ذكره الله_عز وجل_إذ يقول: [لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَاّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً](مريم:87) .

قال ابن عباس_رضي الله عنهما_: =العهد شهادة أن لا إله إلا الله، ويبرأ إلى الله من الحول والقوة إلا بالله، ولا يرجو إلا الله_عز وجل_+ (1) .

4_

وهي الحسنى التي ذكرها الله في قوله: [فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى](الليل:5_7) .

قاله أبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك عن ابن عباس_رضي الله عنهما_ (2) .

5_

وهي كلمة الحق كما في قوله_تعالى_: [إِلَاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ](الزخرف:86) .

(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/53.

(2)

انظر تفسير القرآن العظيم 4/519.

ص: 4

6_

وهي كلمة التقوى التي ذكرها الله في قوله: [وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا](الفتح:26) .

7_

وهي القول الثابت، قال_تعالى_:[يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ](إبراهيم:27) .

8_

وهي الكلمة الطيبة المضروبة مثلاً في قوله_تعالى_: [أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ](إبراهيم:24) .

فأصلها ثابت في قلب المؤمن، وفرعها_في العمل الصالح_صاعدٌ إلى الله_عز وجل_.

فالكلمة الطيبة هي كلمة الإخلاص والشجرة الطيبة هي النخلة.

وقد شبه الله_سبحانه وتعالى_كلمة الإخلاص بالنخلة لأمور منها:

أ_ أن النخلة لابد لها من ثلاثة أشياء: عرقٍ راسخ، وأصلٍ قائم، وفرعٍ عالٍ.

كذلك الإيمان لابد له من ثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح.

ب_ أن النخلة لا تنبت في كل أرض، كذلك كلمة التوحيد لا تستقر في كل قلب، بل في قلب المؤمن فقط.

ج_ أن النخلة عرقها ثابت بالأرض، وفرعها مرتفع، كذلك كلمة التوحيد أصلُها ثابت في قلب المؤمن، فإذا تكلم بها وعمل بمقتضاها عرجت فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله_عز وجل_.

قال_تعالى_: [إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ](فاطر:10) .

د_ أن النخلة يؤكل ثمرها ليلاً ونهارهاً، صيفاً وشتاءً، إما تمراً، أو بسراً، أو رطباً.

كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار، وآخره، وبركة إيمانه لا تنقطع أبداً، بل تصل إليه في كل وقت (1) .

9_

وهي سبيل الفوز بالجنة، والنجاة من النار [

فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ] (آل عمران:185) .

(1) انظر تفسير البغوي معالم التنزيل 4/247، تحقيق: عثمان جمعة ضميرية وحمد النمر وسليمان الحرش.

ص: 5

وكما في الحديث المتفق عليه =من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق_أدخله الله الجنة على ما كان من العمل+ (1) .

10_

أنها سبب مانع للخلود في النار لمن استحق دخولها؛ كما في حديث الشفاعة =أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه مثقال ذرة من إيمان+ (2) .

فأهل لا إله إلا الله وإن دخلوها بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لابد أن يخرجوا منها كما في الصحيحين: =يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرَّةٍ من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذَرَّة من خير+ (3) .

11_

أن من قالها يبتغي بذلك وجه الله_فإن الله يحرمه على النار، كما في حديث عتبان المتفق عليه =فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله+ (4) .

12_

ولأجلها خلقت الجن والإنس: قال الله_عز وجل_: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ](الذاريات:56) .

13_

وهي سبيل السعادة في الدارين: قال الله_عز وجل_: [الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ](الأنعام:82) .

14_

وهي أول واجب على المكلف: قال": =أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله+ (5) .

(1) البخاري 4/139، ومسلم 1/57

(2)

أخرجه البخاري (6560) ومسلم (183) ، والنسائي 8/113، والترمذي (2598) ، وابن ماجه (60) .

(3)

البخاري (44) ومسلم (193) .

(4)

البخاري 1/110 ومسلم 1/61.

(5)

رواه البخاري رقم (25) ومسلم (20) .

ص: 6

15_

وهي آخر واجب على المكلف: فمن كانت آخر كلامه من الدنيا_دخل الجنة كما جاء في حديث معاذ÷ =من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة+ (1) .

16_

وهي التي لأجلها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء:25) .

17_

وهي مفتاح دعوة الرسل: فالرسل_عليهم السلام_دعوا إليها جميعاً، فكلهم يقول لقومه [اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ] (الأعراف:73) .

18_

وهي أفضل الحسنات: قال أبو ذر÷قلت يا رسول الله: علمني عملاً يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: =إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها+.

قال: قلت يا رسول الله: أمِنَ الحسنات لا إله إلا الله؟.

قال: =هي أفضل الحسنات+ (2) .

19_

وهي الحسنة: قال الله_تعالى_[مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا](الأنعام:160) ؛ إذ هي أفضل الحسنات كما مر.

20_

وهي أفضل ما ذكر الله به_عز وجل_:كما قال النبي": =أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له+ (3) .

(1) رواه أبو داود (3116) والحاكم في المستدرك 1/351 وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6479) .

(2)

رواه الإمام أحمد في المسند 5/169، وصححه الألباني في الصحيحة (1373) وصحيح الجامع (690) .

(3)

رواه مالك في الموطأ 1/422 وقال الألباني: وهذا إسناد مرسل صحيح، وقد وصله ابن عدي والبيهقي في الشعب عنابي هريرة مرفوعاً. أنظر الصحيحة (1503) .

ص: 7

21_

وهي أثقل شيء في الميزان: كما في المسند عن عبد الله بن عمر_رضي الله عنهما_عن النبي"أن نوحاً_عليه السلام_قال لابنه عند موته: =آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع، والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله+ (1) .

22_

وهي تطيش بسجلات الذنوب، وترجح بصحائفها، وتثقل الميزان، كما في حديث صاحب البطاقة: قال رسول الله": =إن الله سيخلِّصُ رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فَيحْشُرُ عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجلٍّ مثل مدِّ البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربِّ، فيقول: أَفَلَكَ عذر؟ فيقول: لا يا ربِّ.

فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنةً؛ فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول: أحضر وزنك.

فيقول: يا ربِّ ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟

فقال: إنك لا تُظْلم.

قال: فتوضع السجلات في كفةٍ، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء+ (2) .

23_

وهي أعلى شعب الإيمان: وذلك لما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة÷قال: قال رسول الله ": =الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله+ (3) .

(1) رواه أحمد 2/170 وسنده صحيح، قاله الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 134.

(2)

الحديث رواه الترمذي (2639) ، وحسنه ابن ماجه (4300) وابن حبان (2523) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1776) .

(3)

البخاري 1/8 ومسلم (35) .

ص: 8

24_

وهي أفضل الأعمال والأذكار، وأكثرها تضعيفاً، وتعدل عتق الرقاب، وتكون حرزاً من الشيطان: كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة÷عن النبي"أنه قال: =من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة_كانت له عَدْل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه+ (1) .

وفي الصحيحين أيضاً عن أبي أيوب الأنصاري÷عن النبي": =من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل+ (2) .

25_

أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية: كما جاء في صحيح مسلم: =ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ_أو فيسبغ_الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء+ (3) .

26_

وهي التي يكون السؤال عنها يوم القيامة: قال_تعالى_: [فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ](الحجر:92، 93)، وقال_تعالى_[فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ] (الأعراف:6) .

27_

وهي المثل الأعلى: الذي ذكره الله_عز وجل_في قوله: [

وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ] (الروم:27) .

فالمثل الأعلى هو الوصف الكامل، وأعظم وصف لله هو أنه لا إله إلا هو؛ كما جاء ذلك في آية الكرسي:[اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ](البقرة:255) .

28_

وفي شأنها تكون السعادة والشقاوة.

29_

وبها تؤخذ الكتب باليمين أو الشمال.

(1) البخاري 7/167 ومسلم (2691) .

(2)

البخاري 7/167 ومسلم (2693) .

(3)

مسلم (234) .

ص: 9

30_

ولأجلها يفرّق بين القريب والقريب [لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ](المجادلة:22) .

31_

ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار.

32_

وهي أصل الدين، وأساسه، ورأس أمره، وساق شجرته، وعمود فسطاطه، وبقية الأركان والفرائض متفرعة عنها، متشعبة منها، مكملات لها، مقيدة بالتزام معناها، والعمل بمقتضاها.

33_

وهي الأمان من وحشة القبور، وهول المحشر.

34_

أن قبول الأعمال متوقف عليها وعلى تحقيقها.

35_

وهي أعظم سبب للتحرر من رق المخلوقين: فلا يتعلق العبد بهم، ولا يخافهم ولا يرجوهم، ولا يعمل لأجله.

وهذا هو العز الحقيقي، والشرف العالي، الذي به يتم فلاحه، ويتحقق نجاحه.

36_

وهي أصل كل خير ديني أو دنيوي: [تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِين](إبراهيم:25) .

37_

وهي سبب لصفاء النفس، والبعد عن الأثرة: قال_تعالى_في وصف أهلها: [وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة](الحشر:9) .

38_

وهي أعظم سبب لتحرير العقل من الخرافات والأوهام والأباطيل.

39_

وهي كلمة السواء: قال_تعالى_: [قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً](آل عمران:64) .

40_

وهي سبب للشجاعة والإقدام: فكلما ازداد الإنسان علماً بها، وعملاً بمقتضاها_ازداد بذلك شجاعة وإقداماً في الحق.

ولا أدل على ذلك من حال الأنبياء_صلوات الله عليهم وسلامه_وكذلك حال أتباعهم من الصديقين، والشهداء، والصالحين، والمجاهدين في كل زمان ومكان.

41_

أنها أعظم سبب لعلو الهمة: فأعلى الهمم الوصولُ إلى رضا الله ودخول الجنة.

وصاحبها القائم بها أعظَمُ همِّه هو ذلك الأمر.

ص: 10

42_

وهي أعظم مصدر للعزة والكرامة: قال_تعالى_: [

وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ] (المنافقون:8) .

43_

وهي الصدق: كما في قوله_تعالى_: [وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ](الزمر:33) .

44_

وهي التي لأجلها جردت سيوف الجهاد: قال_تعالى_: [وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ](الأنفال:39) .

45_

وهي مشتملة على نوعي الدعاء: دعاء العبادة ودعاء المسألة.

46_

تفريج الكربات: فمن فضائلها أنها السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، ودفع عقوبتهما، ولذا لما كان يونس_عليه السلام_في بطن الحوت، [

فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ] (الأنبياء:87) _استجاب الله له وفرج كربته.

47_

أنها أعظم سبب لحسن الخلق: ولين الجانب، وكرم النفس، والارتفاع عن الدنايا، ومحقرات الأمور.

48_

أنها هي كلمة التوحيد: والتوحيد هو السبب الأعظم لنيل رض_االله وثوابه قال_تعالى_: [وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ](البقرة:163) .

49_

أن أسعد الناس بشفاعة محمد"من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه: فعن أبي هريرة÷عن النبي"قوله: =أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه+ (1) .

50_

أن من كَمُلَ التوحيد في قلبه، وعرف معنى الشهادة، وعمل بمقتضاها_سهل عليه فعل الخيرات، وترك المنكرات، وهانت عليه المصيبات؛ فالمخلص لله تخف عليه الطاعات؛ لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه، ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛ لما يخشى من سخطه وأليم عقابه، ويتسلى عند المصائب؛ لعلمه أنها من عند الله، وكل ما يصيبه من الله فهو خير له في دينه ودنياه، علم حكمة ذلك أم لم يعلم.

(1) رواه البخاري (99) .

ص: 11

51_

أنها إذا اكتملت المعرفة بها، والعمل بمقتضاها حبب الله لصاحبها الإيمان، وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.

52_

أن التوحيد إذا كمل وتم في القلب، وتحقق تحققاً كاملاً بالإخلاص التام_صار القليل من عمله كثيراً، وتضاعفت أعماله وأقواله بغير حصر ولا حساب.

53_

أن الله تكفل لأهلها بالفتح والنصر في الدنيا، والعز والشرف وحصول الهداية والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال والتسديد في الأقوال والأفعال.

54_

أن الله يدفع عن أهلها شرور الدنيا والآخرة: قال_تعالى_: [إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا](الحج:38) .

55_

وهي حبل الله المتين: قال_تعالى_: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً](آل عمران:103) .

56_

الحياة الطيبة: فالحياة الطيبة إنما هي لأهل الإيمان والتوحيد الخالص.

قال_عز وجل_: [مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة](النحل:97) .

وقال_تعالى_: [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً](النور:55) .

57_

حصول البشرى عند الممات: فمن فضائلها أن من استقام عليها تحصل له البشرى عند الممات.

قال_تعالى_: [إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلَاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ](فصلت:30) .

58_

وهي شعار المؤمنين الموحدين: فهم أهل لا إله إلا الله.

ص: 12

59_

وهي الرابطة بين المؤمنين: فبمجرد الإيمان بها ينتسب الإنسان إلى أشرف نسب؛ فيصبح إبراهيم_عليه السلام_أباك، وأزواجُ النبي أمهاتِك، وباقي المؤمنين إخوةً لك.

قال_تعالى_: [

مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ] (الحج:78) .

وقال: [النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ](الأحزاب:6)، وقال:[إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ](الحجرات:10) .

60_

وهي سبب استغفار الملائكة: فالملائكة تستغفر للمؤمنين_أهل لا إله إلا الله_قال_تعالى_: [وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا](غافر:7) .

61_

وهي سبب استغفار المؤمنين: قال_تعالى_: [فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ](محمد:19) .

فكل مؤمن يستغفر للمؤمنين ينالك أيها الموحد نصيب من بركة ذلك الاستغفار.

62_

وهي كلمة الإخلاص: لأن عمل القلب هو الأصل.

63_

وهي كلمة الإحسان: قال_تعالى_: [هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ](الرحمن:60) قال_تعالى_[لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ](يونس:26) .

يعني قالوا لا إله إلا الله (1) .

64_

وهي دعوة الحق: قال_تعالى_: [لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ](الرعد:14) .

قال ابن عباس: =هي لا إله إلا الله+ ا. هـ (2) .

وتقديم الخبر يفيد الحصر أي لا يقال لا إله إلا الله إلا في حقه_تعالى_.

65_

وهي كلمة العدل: التي قال_تعالى_: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ](النحل:90) .

قال ابن عباس: =العدل شهادة أن لا إله إلا الله+ (3) .

66_

وهي الطيب من القول: قال_تعالى_: [وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ](الحج:24) .

أي هدوا إلى كل طيب، فلا أطيب ولا أطهر من هذه الكلمة.

(1) انظر تفسير القرآن العظيم 4/280.

(2)

انظر تفسير القرآن العظيم 2/488.

(3)

تفسير القرآن العظيم 2/565.

ص: 13

67_

وهي الكلمة الباقية: فالتوحيد لا يزول بكل معصية، ولكن كل معصية تزول بسبب التوحيد وتفنى، قال تعالى عن إبراهيم_عليه السلام_:[وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ](الزخرف:26_28) .

فذكرها_عز وجل_بعد ذكر معنى الشهادة فقوله: [بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ] بمعنى لا إله، [إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي] بمعنى إلا الله.

68_

وهي كلمة الله العليا: قال_تعالى_: [

وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا] (التوبة:40) .

فكلمة الله عليا على الدوام؛ ولهذا لم يعطفها على ما قبلها.

69_

وهي النجاة: كما في قول مؤمن آل فرعون [وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ](غافر:41) .

والنجاة هي لا إله إلا الله، ولا تكون النجاة إلا بها.

70_

وهي كلمة الاستقامة: [إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا](فصلت:30) .

71_

وهي سبب الاجتماع والألفة: فكلمة التوحيد هي أساس توحيد الكلمة، ولا يكون الاجتماع إلا عليها، فلقد امتن الله على المؤمنين بها، فجمع بها شملهم بعد الشتات، ولَمَّ شعثهم بعد التفرق.

قال_تعالى_: [وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً](آل عمران:103) .

72_

وهي القول السديد: كما في قوله_تعالى_: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً](الأحزاب:70) .

73_

وهي البرُّ: قال_تعالى_: [لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ](البقرة:177) .

ص: 14

74_

وهي الدين: كما قال_تعالى_[أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ](الزمر:3) فَحُصِرَ الخضوع لله، ودل على أنه لا إله سواه، ولا معبود إلا إياه.

75_

وهي الصراط المستقيم: قال_تعالى_: [اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ](الفاتحة:6) .

وقال: [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ](الأنعام:53) وقال: [وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ](الشورى:52) .

76_

وهي سبب النصر على الأعداء: قال_تعالى_[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ](الأنفال:45) ، ولا إله إلا الله أعظم ذكر.

77_

وهي سبب التمكين في الأرض: قال _تعالى_: [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ](النور:55) .

78_

وهي سبب للرفعة والعلو: فلقد عز بها بلال الحبشي وسلمان الفارسي_رضي الله عنهما_، وذل بسبب تركها أشراف قريش.

لقد رفع الإسلام سلمان فارس **** كما وضع الكفر الشريف أبا لهب

79_

وهي سبب لعصمة الدماء والأموال: قال": =أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام+ (1) .

80_

وهي كلمة الشهادة: قال_تعالى_: [شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ](آل عمران:18) .

81_

وهي المعروف الأكبر: قال_تعالى_: [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ](آل عمران:104) .

(1) رواه البخاري (25) ومسلم (20) .

ص: 15