الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَرَجٍ} (1) وَقَالَ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (2) .
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ عَامَ الْخَنْدَقِ: {لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ} ، فَأَدْرَكَتْهُمْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرَدْ مِنَّا هَذَا؛ فَصَلُّوا فِي الطَّرِيقِ. فَلَمْ يَعِبْ وَاحِدَةً مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ.
فَالْأَوَّلُونَ تَمَسَّكُوا بِعُمُومِ الْخِطَابِ، فَجَعَلُوا صُورَةَ الْفَوَاتِ دَاخِلَةً فِي الْعُمُومِ، وَالْآخَرُونَ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ الدَّلِيلِ مَا يُوجِبُ خُرُوجَ هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْ الْعُمُومِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الذين حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ اخْتِلَافًا مَشْهُورًا:
هَلْ يُخَصُّ الْعُمُومُ بِالْقِيَاسِ
؟ وَمَعَ هَذَا فَاَلَّذِينَ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ كَانُوا أَصْوَبَ فعلاً.
وَكَذَلِكَ بِلَالٌ رضي الله عنه لَمَّا بَاعَ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ، أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَدِّهِ (3) ، وَلَمْ
(1) سورة الحج الآية 78
(2)
سورة البقرة الآية 185
(3)
متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ولفظه: عن أبي سعيد =
يُرَتِّبْ عَلَى ذَلِكَ حُكْمَ آكِلِ الرِّبَا مِنْ التَّفْسِيقِ وَاللَّعْنِ وَالتَّغْلِيظِ، لِعَدَمِ عِلْمِهِ بمكانه بِالتَّحْرِيمِ.
وَكَذَلِكَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (1) : مَعْنَاهُ الْحِبَالُ الْبِيضُ وَالسُّودُ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَجْعَلُ عِقَالَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، وَيَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ له أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَدِيٍّ:{إنَّ وِسَادَكَ إذًا لَعَرِيضٌ، إنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ} (2) .
فَأَشَارَ إلَى عَدَمِ فِقْهِهِ لِمَعْنَى الْكَلَامِ، وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ ذَمَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ.
بِخِلَافِ الَّذِينَ أَفْتَوْا الْمَشْجُوجَ فِي الْبَرْدِ بِوُجُوبِ الْغَسْلِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: {قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمْ اللَّهُ، هَلَّا سَأَلُوا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا؟ إنَّمَا شِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالُ} (3) .
= الخدري قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر برني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (من أين هذا؟) قال: كان عندنا تمر رديء، فبعت منه صاعين بصاع، فقال:(أوَّه، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به) .
(1)
سورة البقرة الآية 187
(2)
متفق عليه من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، وقد تقدم.
(3)
رواه أبو داود من حديث الزبير بن خريق عن عطاء عن جابر قال: =
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَخْطَئُوا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ؛ إذْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَوَدًا وَلَا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً، لَمَّا قَتَلَ الَّذِي قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فِي غَزْوَةِ الْحُرَقَاتِ (1) ، فَإِنَّهُ كَانَ مُعْتَقِدًا جَوَازَ قَتْلِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِصَحِيحِ مَعَ أَنَّ قَتْلَهُ حَرَامٌ.
وَعَمِلَ بِذَلِكَ السَّلَفُ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، فِي أَنَّ مَا اسْتَبَاحَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ مِنْ دِمَاءِ أَهْلِ الْعَدْلِ بِتَأْوِيلِ سَائِغٍ،
= خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجر في رأسه، ثم احتلم. فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة..الحديث، وسنده منقطع. رواه الدارقطني، وابن ماجة، ورواه أبو داود أيضاً من حديث الأوزاعي، عن عطاء عن ابن عباس، وهو الصواب. ورواه الحاكم، وابن خزيمة، وابن حبان من حديث الوليد بن عبيد بن أبي رباح، عن عمه عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً، والحديث يتقوى بطرقه.
(1)
روى البخاري عن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لي: (يا أسامة أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟!) قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذاً. قال: (أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟!) فما زال يكررها، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. والحُرَقَات: بضم الحاء وفتح الراء المهملتين، وهم بطن من جهينة، منازلهم وراء بطن نخلة من أرض بني مرة. وكانت غزوتهم سنة سبع أو ثمان من الهجرة.
وكان أميرها غالب بن عبيد الله الكلبي والذي قتله أسامة بن زيد، اسمه: مرداس بن نهيك.